صعّدت الولاياتالمتحدة وبريطانيا الضغوط على السودان أمس، وحذر الرئيس جورج بوش الرئيس عمر البشير من أن لديه فرصة واحدة أخيرة لاتخاذ خطوات لوقف العنف في دارفور وإلا ستفرض الولاياتالمتحدة عقوبات وتنظر في خيارات عقابية أخرى. وقال بوش انه قرر اعطاء الامين العام للامم المتحدة بان كي مون مزيداً من الوقت لمواصلة جهوده الديبلوماسية مع الرئيس البشير. لكنه أوضح في كلمة في المتحف الأميركي عن محارق النازية، أن لصبره حدوداً. وأضاف:"يجب أن ينتهز الرئيس البشير الفرصة الأخيرة بالتجاوب مع جهود الأمين العام وأن يلبي المطالب العادلة للمجتمع الدولي". وأثار رويترز، أ ف ب احتمال فرض منطقة حظر طيران دولية بهدف منع الطائرات العسكرية السودانية من التحليق فوق دارفور. واتهم السودانيين بطلاء الطائرات العسكرية باللون الابيض كي تتشابه مع طائرات الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي. وقال:"أنا أدرس أيضاً الخطوات التي يمكن للمجتمع الدولي اتخاذها لحرمان الحكومة السودانية من امكانية استخدام طائراتها العسكرية فوق دارفور. واذا لم نبدأ في تلقي مؤشرات إلى التزامات حسنة النية فسنسمع نداءات لإجراءات أكثر تشددا. ولا يتعين أن يصل الوضع الى هذه الدرجة". وأعلن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أن نقاشات بين الدول الأعضاء في مجلس الامن ستبدأ اليوم لصياغة مشروع قرار يقضي بفرض عقوبات على السودان. وقال في 10 داونينغ ستريت:"غداً اليوم ستبدأ الولاياتالمتحدة وبريطانيا نقاشات مع الدول الاعضاء في مجلس الامن لاصدار قرار جديد حول السودان". وأشار الى أن القرار سيستهدف أفراداً ضالعين في العنف وسيسمح بمراقبة جوية أفضل. وقال:"ما يجري في السودان في الوقت الحالي غير مقبول، مروع وفضيحة للمجتمع الدولي". في غضون ذلك، قطع مسؤولون في الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي مجدداً أمس بأن القوات التي ستنتشر في إقليم دارفور المضطرب غرب السودان ستكون أفريقية، في وقت سارعت الحكومة السودانية الي تكذيب تقارير صحافية تحدثت عن تزوير الخرطوم لشعار الأممالمتحدة UN على طائرات نقلت سلاحاً وقصفت مناطق في الإقليم. وقال المسؤول السياسي في بعثة الأممالمتحدة في الخرطوم أبيدوم بشوا إن القوات التي ستنشر في دارفور ضمن حُزم الدعم الثقيل ستأتي معظمها من دول أفريقية، مشدداً على أنه"متى ما تم الاتفاق بين الأطراف على العملية الهجين المشتركة سيكون هناك تفويض جديد لهذه القوات يشمل حماية المدنيين وفتح الطرق للعمليات الانسانية". وتوقع أن تحتاج عملية النشر إلى نحو ستة شهور. وقال بشوا في مؤتمر صحافي مشترك مع المسؤول في البعثة الأفريقية سام ايبوك في الخرطوم أمس:"يتحدثون دائماً عن قوات دولية، لكنني أقولها بوضوح إن أي قوات ستأتي وفق حزم الدعم الخفيف أم حزم الدعم الثقيل ستكون أفريقية". وأضاف:"ليس هناك قوات دولية موجودة في مكان ما ومستعدة لدخول دارفور لتحل محل القوات الافريقية". وتابع:"أكون واضحاً معكم، ليس في نية الأممالمتحدة إحلال قوات دولية محل القوات الأفريقية، ومهما كان عدد القوات فسيكون معظمها من افريقيا". وأوضح أن الجزء الأخير من العملية المختلطة لم يتم الاتفاق حوله حتى الآن. من جانبه، شدد ايبوك على أهمية العملية السلمية للتوصل الى اتفاق في دارفور، وأكد أن الاتحاد الأفريقي متى ما تسلم الدعم الأممي سيكون قادراً على السيطرة على الأوضاع،"ومع ذلك لا نريد أن نكون رهينة للحل العسكري لأن مشكلة دارفور مشكلة سياسية ويجب ان تحل بالحوار السياسي". الى ذلك، وصف الناطق باسم وزارة الخارجية السودانية السفير علي الصادق ما أدلى به المسؤول الأميركي جون نغروبونتي بأنه مخالف للموقف الذي أبلغه إلى المسؤولين الذين التقاهم في الخرطوم أخيراً، لافتاً إلى أن نغروبونتي قطع باستعداد بلاده لدعم أي اتفاق يُبرم بين الحكومة والأممالمتحدة، ووصفه بأنه"رجل ذو وجهين". وكان نغروبونتي قال في العاصمة التشادية نجامينا قبيل وصوله الى طرابلس أول من أمس، انه على رغم أن قبول السودان تعزيزات موقتة من الأممالمتحدة لقوة الاتحاد الافريقي في دارفور هو شيء"مهم"فإن هناك حاجة لنشر قوات أكبر بكثير لحفظ السلام بحيث يصل العدد الإجمالي للقوة هناك إلى 20 ألفاً. من جهة أخرى، نشرت صحيفة"نيويورك تايمز"الأميركية أمس أن تقريراً سرياً للأمم المتحدة قال ان الحكومة السودانية تنقل أسلحة ومعدات عسكرية أخرى جواً إلى دارفور منتهكة قرارات مجلس الأمن الدولي. وقال التقرير إن الحكومة السودانية رسمت الحرفين الدالين على الأممالمتحدة UN على جناح طائرة تابعة للقوات المسلحة السودانية في أحد مطارات دارفور، كما تستخدم طائرات حكومية"متنكرة"للقصف ومراقبة القرى ونقل الشحنات جواً. وكتبت"نيويورك تايمز"إن ديبلوماسياً يريد نشر هذه النتائج أعطاها التقرير. وأضافت أن التقرير اتهم أيضاً جماعات متمردة بانتهاك قرارات مجلس الأمن واتفاقات السلام والمعايير الإنسانية، وأوصى بتشديد الحظر الذي تفرضه الأممالمتحدة على الأسلحة وتشديد القيود الأخرى على الأسلحة غير الشرعية. لكن الناطق باسم الخارجية السودانية السفير علي الصادق نفي في شدة كل ما ورد من معلومات في هذا الإطار، متهماً جهات لم يسمها ببث مثل هذه الإشاعات من أجل تحويل الانتباه عن الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة بقبول حزمة الدعم الخفيف. واعتبر الصادق في تصريح إلى"الحياة"أمس ان الجهات التي تطلق مثل هذه الإشاعات كانت تريد أن يرفض السودان مثل هذه الخطوة كي تمارس عليه ضغوطاً وتفرض عليه عقوبات. وقال الصادق "إذا كان ما ادعته هذه الجهات بأن فعلاً هناك طائرات تابعة للقوات المسلحة السودانية تزوّر شعار الأممالمتحدة، فلماذا لم تنبه المنظمة الدولية الحكومة أو تتقدم بشكوى للجهات المختصة ضد هذه التصرفات"، معتبراً أن الحديث عن تدفق السلاح إلى دارفور"مكرر وكاذب".