فشل المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان اندرو ناتسيوس، أمس، للمرة الثالثة في إقناع القيادة السودانية بقبول نشر قوات دولية إلى جانب القوة الأفريقية المنتشرة في دارفور، لكنه تلقى وعداً بمنح المنظمة الدولية دوراً في حفظ الأمن وحماية المدنيين في الإقليم، وطلب من الخرطوم تسريع عملية السلام وإبداء مرونة وتقديم تنازلات من أجل الوصول إلى تسوية سلمية تنهي الأزمة، وقرر الانتقال إلى طرابلس لاجراء محادثات مع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي وقادة متمردي دارفور هناك في إطار مهمته. ونقل ناتسيوس مساء أمس رسالة من الرئيس جورج بوش إلى نظيره السوداني عمر البشير تتعلق بتنفيذ اتفاق السلام في جنوب البلاد والرؤية المستقبلية للوضع في دارفور وكيفية إلحقاق متمردي دارفور الرافضين لاتفاق أبوجا بالعملية السلمية. وقال ناتسيوس للصحافيين عقب لقائه البشير في مقر اقامته ان محادثاتهما كانت مثمرة وصريحة، موضحاً أنهما ناقشا تسريع تقديم دعم دولي إلى القوة الافريقية في دارفور وتهيئة الأجواء لإنجاح المحادثات المرتقبة بين الحكومة السودانية والمتمردين، مشيراً إلى أنهما درساً كذلك تنفيذ اتفاق السلام في جنوب البلاد خصوصاً معالجة قضية أبيي الغنية بالنفط المتنازع عليها وترسيم الحدود. وكان وزير الخارجية السوداني لام أكول ابلغ ناتسيوس ان تنفيذ المرحلة الثالثة من حزم الدعم الأممي الى القوات الافريقية في دارفور، مسؤولية الأممالمتحدة التي يتعين عليها تشكيل لجنة لتحديد عدد القوات التي يراد نشرها هناك، ليتولى الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون تعيين مبعوثه الخاص ومناشدة المجتمع الدولي توفير الدعم المالي. لكن مصادر ثقة قالت ل"الحياة"أمس إن صعوبات لوجستية تواجه نشر جنود الأممالمتحدة في دارفور وان المنظمة الدولية لم ترسل الى هناك سوى 38 عسكرياً من 105 يفترض نشرهم تنفيذاً للمرحلة الأولى من حزم الدعم الأممية. وأعرب المبعوث الأميركي عن اقتناعه بأن المفاوضات تظل الوسيلة الوحيدة لحل الصراع في دارفور، مشيراً الى أن الحل العسكري لا يمثل خياراً لأي من الطرفين. وقال الناطق باسم الخارجية السفير علي الصادق ان"الكرة الآن في ملعب المنظمة الدولية"، وأضاف ان الوزير أكول أوضح لناتسيوس - الذي كان يعتقد ان السودان غير موافق على المرحلة الثانية من حزم الدعم الدولي - ان الحكومة أوفت بتعهداتها بعدما التزمت بالمرحلتين الاولى والثانية عدا تعديلات طفيفة في الأخيرة، وان الخلاف يتركز فقط في المرحلة الثالثة من عملية حفظ السلام. الى ذلك، أعلنت بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان مقتل جنديين من قوة حفظ السلام الأفريقية في دارفور وإصابة ثالث بجروح خطرة في هجوم يوم الاثنين قامت به عناصر من"حركة تحرير السودان"التي يتزعمها كبير مساعدي الرئيس مني اركو مناوي. وقالت في بيان إن عناصر مسلحة"أطلقت النار على الجنديين أثناء قيامهما بمهمة إدارية الاثنين، مما تسبب في مصرعهما"عقب خطفهما في منطقة قريضة في ولاية جنوب دارفور. وارتفع بذلك إلى 11 عدد قتلى جنود القوة الأفريقية منذ نشرها في دارفور قبل نحو عامين. في غضون ذلك رويترز أصدرت واشنطن تقريراً مروعاً عن حقوق الإنسان في السودان، وأكدت أن الإبادة الجماعية في دارفور مستمرة. وقالت إن من الشائع على نطاق واسع افلات مرتكبي الجرائم من العقاب، مشيرة إلى أن القوات الحكومية والميليشيات المتحالفة معها قتلت آلاف الأشخاص العام الماضي. وقال التقرير الذي نشر الثلثاء:"الابادة الجماعية ما زالت تعصف بمنطقة دارفور السودانية. الحكومة السودانية وميليشيا الجنجاويد المدعومة من الحكومة تتحملان مسؤولية الابادة الجماعية في دارفور وكل أطراف الصراع المشتعل ارتكبت انتهاكات خطيرة". وتنفي الخرطوم وقوع ابادة جماعية وتتهم وسائل الاعلام الغربية بتضخيم الصراع المستمر منذ أربع سنوات في دارفور.