في وقت أكدت الخرطوم استعدادها لمراجعة موقفها من حزم الدعم الأممي للقوة الأفريقية في دارفور، صعّد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ضغوطه على السودان. وأعرب عن "قلقه العميق إزاء خطورة انتهاكات حقوق الإنسان" في الإقليم، كما قرر تشكيل مجموعة لمراقبة "وضع حقوق الإنسان على الأرض". وأكد وزير الدولة في الخارجية السودانية علي كرتي أمس أن بلاده وافقت على إعادة النظر في موقفها من حزم الدعم التي اقترحتها الأممالمتحدة، كما قررت التفاوض مع المنظمة الدولية على مراحل الدعم الثلاث، بما فيها المرحلة الأخيرة التي تتضمن نشر"قوات مختلطة"بين الاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة. ولفت كرتي في مقابلة مع"رويترز"إلى حدوث"تطور كبير"في الموقف السوداني،"لأننا وافقنا على الجلوس ومناقشة تفويضات القرار 1706"القاضي بنشر قوات دولية في دارفور، مشيراً إلى لقاء جمع الرئيس السوداني عمر البشير والأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون والعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز على هامش القمة العربية في الرياض. وأضاف:"نحن مستعدون للجلوس ومناقشة الحزمة الكاملة بخصوص دارفور، ليس فقط قوات الاممالمتحدة وانما كل شيء". وأكد أن المراجعة التي ستجريها الخرطوم ستشمل"حزمة الدعم الثقيل"التي تتضمن نشر طائرات. وفي جنيف، أصدر مجلس حقوق الإنسان قراره بالتوافق بين مشروعين، أحدهما أوروبي يحمل إدانة صريحة للحكومة السودانية والآخر أفريقي دعمته المجموعتان العربية والاسلامية. وجاء القرار بإجماع أعضاء المجلس عقب موافقة ألمانيا التي تبنت المشروع الاوروبي على عدم تضمينه أي إشارة إلى مسؤولية الخرطوم عن الهجمات المسلحة على المدنيين وعمال الإغاثة وتدمير القرى والعنف المستمر والمنتشر على نطاق واسع في دارفور. وينص القرار على تعيين مجموعة من ستة محققين متخصصين في انتهاكات حقوق الإنسان برئاسة المقررة الخاصة للمجلس في السودان الافغانية سيما سمار"للعمل مع الحكومة السودانية وهيئات حماية حقوق الإنسان في الاتحاد الأفريقي"على تنفيذ توصيات حول الوضع الإنساني في دارفور, على أن ترفع تقريراً عن عملها إلى المجلس في حزيران يونيو المقبل. وستكون المجموعة مكلفة"المساهمة في مراقبة وضع حقوق الإنسان على الأرض والحض على تطبيق القرارات والتوصيات في شأن دارفور الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان وهيئات أخرى مدافعة عن حقوق الإنسان في الأممالمتحدة وضمان متابعة فعالة"لهذا التطبيق. واعتبر سفير السودان في مجلس حقوق الإنسان الدكتور إبراهيم ميرغني القرار"تاريخياً"وشهادة براءة لحكومته من انتهاكات دارفور. وقال ل"الحياة"إن"صدور القرار بالتوافق لم يكن سهلاً"، موضحاً أنه"حمل في بعض فقراته إشادة بتعاون الخرطوم وجهودها لإقرار السلام في الإقليم، كما طالب المتمردين بالانضمام إلى العملية السلمية". وعلى رغم رفض المجلس تحفظات الخرطوم على تقرير بعثته إلى دارفور التي ترأستها الأميركية الحائزة على جائزة نوبل للسلام جودي وليامز، رأى ميرغني أن القرار الجديد تجاوز التقرير الذي صدر مطلع الشهر واتهم الحكومة السودانية"بتدبير"انتهاكات منتظمة للقانون الانساني في دارفور. إلى ذلك، انتقدت الخرطوم في شدة كشف مصادر أميركية اعتزام البيت الأبيض تطبيق"إجراءات عقابية صارمة وجديدة"على الحكومة السودانية بسبب أزمة دارفور. ووصف الناطق باسم الخارجية السودانية السفير علي الصادق العقوبات المحتملة بأنها"كارثية"وتعرقل جهود حفظ السلام والحوار السياسي لإنهاء أزمة دارفور. ولفت إلى"تصعيد"في السياسة الأميركية تجاه السودان في الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أن هذه السياسات"ستؤدي في نهاية المطاف إلى تعطيل عملية الحوار وعرقلة تنفيذ ترتيبات حزم الدعم الأممي الثلاث للقوات الافريقية". وكان مسؤولون في وزارات الخارجية والدفاع والخزانة الأميركية أكدوا أن واشنطن ستتخذ خلال أيام"إجراءات جديدة صارمة"ضد السودان في محاولة لإجباره على تغيير سلوكه في دارفور. وأشاروا إلى أن الهدف من العقوبات المرتقبة هو"تضييق الخناق"على البشير، وحمله على الموافقة على نشر قوة دولية في الإقليم. وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية إن"من المستبعد في الوقت الراهن اللجوء إلى أي خيارات عسكرية"مثل إقامة منطقة لحظر الطيران فوق دارفور، وهو ما تريده بريطانيا، أو أي تدخل بالقوة. لكنه أكد أن وزارته توصلت إلى"نتائج سريعة"حول ما يتعين القيام به. ونقلت"رويترز"عن مصادر أن الإجراءات الجديدة تشمل فرض قيود على تحويلات السودان بالدولار الأميركي. ورفض كرتي الخطة الأميركية. وقال إن"العقوبات ليست جديدة، فهم يستخدمونها كسلاح منذ سنوات. لن يغيروا أي شيء وسنمضي نحن قدماً. ومن المؤسف أنهم يتحدثون عن خطوات سلبية بدل التصرف بإيجابية في وقت نحاول فيه التوصل إلى سلام شامل". وأضاف:"من شأن ذلك فقط أن يضر بجهودنا".