تخوض وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي عادت، قبل ايام، من جولتها الرابعة في الشرق الاوسط، معركة سياسية مع صقور ادارة جورج بوش لفرض تحول في نهج واشنطن في التعامل مع الملف الاسرائيلي - الفلسطيني. وتستفيد رايس، بحسب الخبراء، في دفع هذا التعامل نحو آلية أكثر انخراطاً وأقل ايديولوجية، من الزخم الاقليمي ودعم قيادات عربية لهذا التحرك اضافة الى موقع الوزيرة القريب الى الرئيس. ويعتبر المحلل السياسي والباحث في معهد"نيو أميركان فوندايشن"دانييل ليفي، في حديث الى"الحياة"، أن"هرولة"رايس في المنطقة خلال الشهور الأخيرة تعكس"نغمة مختلفة في نظرة واشنطن الى النزاع لم تعتمدها الادارة الحالية طوال الاعوام الستة الماضية"، بعدما كانت تجاهلت الملف بشكل كامل خلال ولاية الرئيس جورج بوش الأولى. ويرى ان استعمال رايس لمفردات مثل"أفق سياسي"أو"أساس مشترك للتفاوض"جديد نوعاً ما، ويعطي انطباعاً بأن هذه الجهود ستستكمل في المدى الأبعد. وتقول مصادر ديبلوماسية معنية مباشرة بالملف الفلسطيني ان رايس وفريقها المؤلف في معظمه من ديبلوماسيين مخضرمين، مثل مساعديها ديفيد ولش ونيكولاس بيرنز،"يخوضان معركة"مع فريق نائب الرئيس ديك تشيني لكسر الجمود في عملية السلام، واقناع بوش بضرورة العمل على ايجاد تسوية للنزاع باعتباره حلقة أساسية في استقرار المنطقة. وتكرس هذا التوجه مع توصيات لجنة بيكر - هاملتون حول العراق، والتي كانت رايس أحد أبرز الداعمين لتشكيلها. ويتضارب هذا التوجه، من حيث المبدأ، مع نهج تشيني الذي يحصر النزاع بالطرفين الاسرائيلي والفلسطيني، من دون اي ربط اقليمي، ويعزوه لأسباب ايديولوجية مثل افتقاد الفلسطينيين للديموقراطية والاسرائيليين للأمن، ويرى أنه يجب على الولاياتالمتحدة الامتناع عن فرض أي حل سياسي على الفريقين. ورغم تلقي هذا التيار العديد من الضربات جراء الحرب في العراق والتي أدت الى خروج بعض أبرز نجومه مثل وزير الدفاع دونالد رامسفيلد والسفير لدى الأممالمتحدة جون بولتون، يحظى مستشارو تشيني، جون هانا وأليوت أبرامز وجاي دي كراوش، بكثير من النفوذ في التعامل مع المشكلة الفلسطينية - الاسرائيلية. وحاولت رايس في الفترة الأخيرة تحجيم هذا النفوذ من خلال ايلاء المزيد من الاهتمام بهذا الملف. وجرى التعبير عن هذا الاهتمام باللقاءات الكثيرة التي عقدتها رايس في واشنطن مع الطرفين العربي والاسرائيلي، اضافة الى جولاتها على المنطقة. وتستبعد المصادر حصول اختراق للديبلوماسية الأميركية في المرحلة المقبلة، نظراً الى اصطدامها بعراقيل موضوعية أبرزها ضعف حكومة ايهود أولمرت وهشاشة حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي تقوض جهود الرئيس محمود عباس، في ظل رفض حركة"حماس"شروط اللجنة الرباعية. وفيما تحصر المصادر الانجاز المحتمل بفتح المعابر وتحسين حياة الفلسطينيين ومنع أي تصعيد أمني بين الجانبين، يرى ليفي أنه من المبكر الحكم على الاتجاه الذي ستمضي فيه العملية، ويشير الى أن الشهور ال21 المتبقية لبوش في البيت الأبيض ليست فترة بسيطة في حال"كانت هناك قناعة بضرورة حل النزاع". ويذكر ليفي بأن الرئيس جورج بوش الأب وبعده بيل كلينتون عقدا مؤتمر مدريد تشرين الأول/ أكتوبر 1991 ومحادثات كامب ديفيد كانون الأول/ ديسمبر 2000 في الشهور الأخيرة من ولايتيهما. كما أنهى الرئيس السابق رونالد ريغان المقاطعة الأميركية لمنظمة التحرير الفلسطينية في آخر ولايته.