اكدت مصادر متطابقة في وزارتي الخارجية والدفاع امس ان خيار وزيرة الخارجية المعينة كوندوليزا رايس لنائبها ومدير مكتب شؤون الشرق الادنى في الوزارة خلال الاسابيع القليلة المقبلة سيعطي مؤشراً الى طبيعة السياسة التي ستنتهجها واشنطن في ما يخص الملفات الساخنة في المنطقة، بما فيها العراق والنزاع الفلسطيني - الاسرائيلي، والموقف من ايران والملف السوري - اللبناني. وأشارت الى ان تيار المحافظين الجدد في البنتاغون ومكتب نائب الرئيس ريتشارد تشيني يضغطان بشدة لإقناع رايس بتعيين جون بولتون، مساعد وزير الخارجية الحالي لشؤون الامن والحد من التسلح، نائباً لها، فيما يدفعان بإتجاه اختيار دانييل بليتكا، نائبة مؤسسسة "اميركان انتربرايز" المحافظة، لمنصب مديرة مكتب شؤون الشرق الادنى، خلفاً للمدير الحالي وليام بيرنز، المرشح بدوره لمنصب سفير اميركا في موسكو. وكشفت المصادر أن الضغوط المقابلة في اتجاه عدم تعيين بولتون وبليتكا تأتي من "المحافظين القدامى" داخل الحزب الجمهوري وجهات خارجية تخشى من تداعيات خضوع السياسة الخارجية الاميركية للأجندة المتشددة للمحافظين الجدد. وعقدت رايس خلال الايام الاخيرة لقاءات مع عدد من كبار الموظفين في مكتبها في مجلس الامن القومي والذين يتوقع ان يلتحقوا بها في وزارة الخارجية. وقالت مصادر في البيت الابيض ان رايس تخشى تعيين بولتون، المعروف بتمرده على رئيسه كولن باول ونائب رئيسه ريتشارد ارميتاج، في تطبيق سياسات الوزارة. إلا ان اصرار تشيني والبنتاغون على تعيينه قد يدفعها الى وضع القرار في يد الرئيس جورج بوش، الذي يميل الى قبول رأي مستشارته المقربة. ويرى مراقبون ان تعيين بولتون يعني ان رايس "ستكون اقل نفوذاً واستقلالاً مما كان يعتقد" مقارنة بالنفوذ الذي يتمتع به تشيني وكل من رامسفيلد ونائبه بول ولفوفيتز. ويشار الى ان باول كان عين صديقه ارميتاج نائباً له، ما جعل منهما فريقاً منسجماً تجاه القضايا الخلافية. ويوصف بولتون بأنه "عميل تشيني في وزارة الخارجية"، بسبب سعيه المتواصل الى احباط السياسات المعتدلة لباول وارميتاج. فهو يعتبر مسؤولاً عن تبديد جهود اعادة احياء المفاوضات مع كوريا الشمالية حول برنامجها للاسلحة النووية. واطلق في تموز يوليو من العام الماضي تصريحات وصف فيها الرئيس الكوري كيم جونغ ايل بأنه "دكتاتور مستبد" وكوريا الشمالية بأنها "كابوس جهنمي"، ما أفشل سعي باول لإحياء المفاوضات. ويطالب بولتون بتغيير النظام في بيونغ يانغ، كما يدعو الى سياسات اكثر تشدداً تجاه ايران وسورية. وكان بولتون مديراً لمشروع القرن الاميركي الجديد، والذي يضم مجموعة المحافظين الجدد بمن فيهم رامسفيلد وولفوفيتز وريتشارد بيرل. ويتوقع المراقبون ان يكون خيار نائب وزيرة الخارجية ومدير مكتب شؤون الشرق الادنى مؤشراً الى مدى نفوذ تشيني ورامسفيلد في التأثير في الرئيس، مقارنة بنفوذ رايس والتيار الاكثر اعتدالاً في الحزب الجمهوري. ويسعى هذا التيار الى اقناع رايس بتعيين ديفيد ويلش، السفير الاميركي في القاهرة، مديراً لمكتب الشرق الاوسط، فيما تردد ان رايس تنظر ايضاً في احتمال تعيين السفير لدى حلف شمال الاطلسي نيكولاس بيرنز، والذي تناولت رايس معه طعام العشاء عشية الانتخابات الرئاسية. وتردد انها عرضت عليه الانضمام الى الادارة في حال اعادة انتخاب بوش، من دون تحديد طبيعة المنصب المعروض. وترجح مصادر تعيين اليوت ابرامز، المسؤول عن شؤون الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي، سفيراً في اسرائيل، ما لم تعينه رايس مستشاراً لها او مديراً للتخطيط السياسي في الخارجية.