لا تبشر حال العالم بمستقبل يعمه الاستقرار. فالرئيس الأميركي جورج بوش يشعر بالتعب بعد الفشل في العراق. ويجمع الخبراء على أن سياسة القطب الواحد أَفَلت. ولا يزال وجه العالم المتعدد الأقطاب مبهماً. ومن العسير تحديد ملامح وجه العالم الآتي. ويرى بعض الخبراء أن الديموقراطية ستسود في العالم، في حين يزعم غيرهم أن المصالح الذاتية هي معيار السياسات العالمية المقبلة. والحق أن المصالح الذاتية طغت على سياسة أميركا الأحادية. وندد العالم بهذه الأحادية، وتذمر منها. ولا شك في أن السياسة الأميركية أسهمت في تقويض أداء مؤسسات دولية كثيرة مثل الأممالمتحدة، والمصرف الدولي للتنمية والتطوير. ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى حذو حذوَ الولاياتالمتحدة، وانتهاج سياسة أحادية يفرضها على بقية الدول. والحق أن الحملات المروجة لحقوق الإنسان والمناوئة لروسيا غير مجدية. فالقيم تتشابه بين الشعوب، وتجمع بينها. ولكن اختلاف المصالح يفرق بينها. ولا تخالف روسيا سياسات الاتحاد الأوروبي الاقتصادية التي لا تتعارض مع مصالحها. والدليل على ذلك خط النفط الجديد"برغاس - الكسندرو بوليس"بين بلغاريا واليونان وروسيا. ومراعاة حقوق الإنسان في اتفاقات الطاقة لم يكن، يوماً، عائقاً أمام الديبلوماسية. واليوم، تصطدم المصالح الأوروبية والروسية في سوق الطاقة. وجليّ أن العلاقة الروسية - الأوروبية في هذه السوق هي علاقة مستهلِك بمنتج. وتغذي طبيعة هذه العلاقة الخلافات بين روسيا والاتحاد الأوروبي. فروسيا تؤيد مشروع"أوبيك للغاز"، في حين تندد أوروبا بهذا المشروع، وتعتبره لطخة على وجه الديموقراطية. ولا شك في أن توجيه الأحكام المسبقة وتسييس ملفات اقتصادية، وتجاهل ملفات سياسية مهمة، وإهمالها طيلة عقود، هي سياسة غير مجدية. والحق أن فكرة مشروع"أوبيك الغاز"تحاكي فكرة مشروع"الطاقة الأطلسية". ومن المفترض أن يؤمن الطاقة لدول الناتو حلف شمال الأطلسي. ويدعو الاتحاد الأوروبي إلى شراء الغاز من المنتج بسعر الجملة، ويمنع الجهات المنتجة من بيع الغاز مباشرة إلى المستهلك في السوق الأوروبية. وفي العام المنصرم، اجتمعت في الصين الدول المستهلكة للنفط أميركا والصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان، وقررت تشكيل جبهة مناوئة لپ"أوبيك"ومنتجي النفط الآخرين. ولاحت لائحة المؤامرة في مداولات هذا المؤتمر. فهذه الدول تآمرت على تقديم مصالح مستوردي الطاقة على مصالح منتجيها. فالمصالح تحكم الاقتصاد والسياسة الخارجية. ولا شك في ان انتهاج سياسة متعددة الأقطاب تحتكم إلى المصالح الخاصة يؤدي إلى الاضطراب والفوضى. ولتفادي اضطراب العالم، يجب بعث المؤسسات الدولية. وعلى أوروبا تكييف أهدافها مع أهداف دول العالم، وتفادي فرضها على البلدان الأخرى. عن ميخائيل مارغيلوف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الروسي، "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية . 26 / 3 / 2007