هل سيصبح وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي في أيار مايو المقبل رئيساً لفرنسا، أم ان منافسته الاشتراكية سيغولين رويال هي التي ستتولى هذا المنصب؟ بعد ترشيح حزب "الاتحاد من أجل الحركة الشعبية" اليميني الحاكم، لساركوزي بشبه إجماع للرئاسة، اصبحت هوية المنافسين الأساسيين في السباق الرئاسي محددة باعتبارهما مرشحي الحزبين الرئيسيين. وفي خطابه أمام المؤتمر الذي كرس ترشيحه، قال ساركوزي إنه"تغير"وإنه بعد يوم الأحد الماضي، وهو يوم انعقاد المؤتمر الذي حضره أكثر من 50 ألف عضو، لم يعد مرشح حزب واحد، بل يريد مد يده للفرنسيين جميعاً بحيث يصبح مرشح الجزء الأكبر منهم. وأراد ساركوزي أن يعطي عن نفسه صورة المسؤول الذي لديه برنامج واضح، عرض تفاصيله على مدى ساعة وربع الساعة. ولا شك أن في برنامجه الاقتصادي ما يجذب الشباب وقطاع الأعمال، كونه تضمن الكثير من الوعود المعقولة والمقبولة على نطاق واسع من أجل المزيد من التحرر الاقتصادي في فرنسا وتقليص الأعباء الضريبية. الا أن استطلاعات الرأي ما زالت تشير الى تقدم المرشحة الاشتراكية سيغولين رويال عليه، ولكن بنسبة ضئيلة، وقابلة للتغيير اذا استمر ساركوزي في بناء شعبيته على النمط الذي يعتمده منذ سنوات. وبعد أن استطاع الحصول على دعم أقرب المقربين من الرئيس جاك شيراك، وهما رئيس الحكومة السابق آلان جوبيه ووزيرة الدفاع ميشال اليوماري، اللذان لديهما شبكات مهمة داخل الحزب كونهما توليا رئاسته في السابق، نمت حظوظ ساركوزي بالفوز خصوصاً اذا حصل في نهاية المطاف على تأييد شيراك له، وإذا قرر الأخير عدم ترشيح نفسه مجدداً للرئاسة. والموعد الرسمي الأقصر للترشح هو في 16 آذار مارس المقبل، ما يعني ان شيراك قد يعلن عن رغبته بالترشح أو الانسحاب في اللحظة الأخيرة، وبين نهاية الشهر المقبل وأوائل آذار. أما رئيس الحكومة الفرنسي دومينيك دوفيلبان، الذي يقوم بعمل جيد على رأس فريقه الحكومي، فاكتفى بزيارة خاطفة الى مؤتمر الحزب وكان أعلن مسبقاً أنه لن يصوت لساركوزي طالما لم يحسم شيراك أمر ترشيح نفسه مجدداً. وكان من الممكن لدوفيلبان أن ينافس ساركوزي على ترشيح الحزب إلا أنه راهن على مستقبل سياسي عبر العمل الحكومي فضلاً عن العمل الحزبي، علماً أن الرئاسة في فرنسا تتطلب تقليدياً الانتماء الى حزب أو تولي مقعد نيابي. ودوفيلبان ديبلوماسي ماهر تولى مسؤوليات الحكم وإدارة شؤون الدولة، من خارج هذا التقليد، مما لا يسمح له بالتنافس مع ساركوزي على الصعيد الشعبي كون ماكينة الحزب ليست وراءه، إلا أن أمامه مستقبلاً واعداً، فهو ما زال شاباً بمقاييس الرئاسة. وقالت الصحافية والكاتبة الفرنسية المعروفة كاترين ني، في كتاب لها عن ساركوزي، انه اختار السياسة لأنه رغب كل حياته أن يكون الأول. ومنذ سنة 2002، فإنه ينظم تقدمه نحو هدفه منذ تسلمه رئاسة الحزب الحاكم. وساركوزي ابن رجل من المجر هاجر الى فرنسا. وكان ساركوزي يهودياً باعتبار والدته اندريه ملاح من أصل يهودي، لكنه اعتنق المسيحية بدافع الزواج من سيدة مسيحية من مدينة ليون. وكان ساركوزي مقرباً جداً من جده لأن والده لم يكن دائم الحضور الى جانب أولاده. وهو متعاطف جداً مع قضايا اليهود وأمن اسرائيل، حتى أنه أشار في خطابه يوم الأحد الماضي الى المشاعر التي ساهمت في تغييره عندما زار النصب التذكاري لضحايا المحرقة اليهودية. إلا أن ذلك لم يمنعه من تعيين قاضية من أصل عربي، هي رشيدة داتي، ناطقة باسم حملته، كونها شابة بارعة وناجحة وصلت الى منصبها بفضل هذه المزايا، وهي من أسرة متواضعة. وأمام ساركوزي ورويال حوالي اربعة أشهر لإظهار من منهما أجدر في حملته لتولي الرئاسة كون التنافس شديداً جداً حالياً والفارق بينهما في استطلاعات الرأي ضئيل.