لم تمر أيام قليلة على عودة عائلة ناهي الياسين الى مسكنها في منطقة سبع البور 30 كلم شمال بغداد حتى غادرتها للمرة الثانية عائدة الى مخيم النازخين في مدينة الصدر، اثر تعرض العائلات العائدة الى المنطقة لقصف بقذائف الهاون من احدى المناطق المجاورة. التحسن الامني الذي شهدته بعض الاحياء السكنية في بغداد وأدى الى عودة اكثر من 2000 عائلة مهجرة الى احياء الغزالية والدورة وسبع البور والعدل والانتصار والفضل والمدائن، لم يكن كافيا لدفع العائلات الى العودة بشكل نهائي، فقد غادرت عشرات العائلات العائدة بعد ايام قليلة من رجوعها، لفقدان الأمن المسيطر على الشوارع الرئيسية أما المناطق الداخلية فما زالت تعيش صراعات مسلحة. وفضلت عائلات اخرى العودة تحت جنح الظلام وعدم الخروج من منازلها اثناء النهار، وغالباً ما تقتصر العودة على اثنين او ثلاثة من افراد العائلة، حيث يعود رب الاسرة مع احد ابنائه لتفقد المنزل والبقاء فيه املاً في عودة باقي افراد الاسرة بعد استقرار الوضع في المنطقة. ويؤكد رشيد سالم، احد العائدين الى حي الدورة انه عاد الى منزله ليلاً، ولا يعلم برجوعه سوى بعض المقربين من الجيران، وهم يتبرعون بإحضار المواد الغذائية اليومية من السوق الى العائلات العائدة حفاظاً على سرية العودة وعدم تعريض حياتها للخطر. ويقول انه بدأ تفحص المكان الذي غادره منذ ثمانية شهور بدقة، ووجد حديقة المنزل وقد تحولت الى مكب للنفايات، فيما غطى الغبار والاتربة المقتنيات. ويضيف:"غادرت المكان تحت جنح الظلام وعدت بالطريقة ذاتها وما زلت أعيش في خوف لم ينته بعد". ويقول الشيخ محمد جاسم السامرائي إمام جامع الشكرة في منطقة الغزالية ان"العائلات المهجرة التي عادت الى مناطقها ما زالت تعاني من عدم توفر الأمان، وبعضها تعرض للقتل والتهديد ويرجع السبب الى عدم فرض سلطة القانون بشكل كامل على المناطق التي عاد اليها المهجرون". وتتركز القوات الامنية على مداخل الاحياء وتبقى اطرافها بعيدة عن السيطرة. ويؤكد السامرائي مغادرة عشرات العائلات العائدة مناطقها مرة ثانية بعدما تعرضت للتهديد بالقتل. ويطالب بتوفير حماية كافية لتمكينها من العودة بشكل نهائي الى منازلها و"عدم تركها تحت مطرقة القدر والجماعات المسلحة والميليشيات". ويطالب الشيخ علي السوداني، أحد رجال الدين في مدينة الصدر"بتطهير المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة بشكل نهائي، ونشر اللجان الشعبية لحماية المناطق قبل الايعاز بعودة العائلات المهجرة اليها". ويقول ان"هذا الاجراء يوفر حماية كافية للعائلات ويحول دون تعرضها للتهجير مرة ثانية". ويعترف اللواء عبدالعزيز محمد جاسم، مدير العمليات في وزارة الدفاع، بتعرض عدد من العائلات العائدة الى مشاكل أمنية واضطرار بعضها الى المغادرة لكنه يقول ان"نسبة العائلات التي تغادر مناطقها بعد عودتها اليها ما زالت ضئيلة"، ويؤكد تعاون الجيران مع العائلات المهجرة.