لم تفكر عائلة أبو حسين لدى مغادرتها سورية باتجاه بغداد فور سماعها أنباء عن تحسن الوضع الأمني، في غير طريق العودة للتخلص من تكاليف الإقامة في الخارج، وشبح التأشيرة التي فرضت حديثاً على اللاجئين العراقيين في سورية. لكنها في الوقت ذاته لم تكن تملك، كغيرها من العائلات العائدة، معلومات عن اوضاع مناطقها القديمة وهل بإمكانها العودة الى منزلها الذي هجرته أم لا. ويبدي ابو حسين شيعي 58 عاماً، وتتكون عائلته من خمسة أشخاص، دهشته من الأوضاع التي آلت اليها منطقة"السيدية"التي غادرها قبل عامين ويقف في حيرة من أمره ولا يستطيع دخول هذه المنطقة بعدما سيطرت عليها جماعات مسلحة. ويقول إن"أشخاصاً لا أعرفهم احتلوا منزلي ولا أعرف كيف استعيده، ويبدو ان ذلك يحتاج الى وقت طويل". وتتجه هذه العائلة الآن الى جانب الرصافة في بغداد، ذي الغالبية الشيعية، لايجاد منزل هناك. ويعتبر هذا الجانب اكثر أمناً من الجانب الآخر الكرخ. ويضيف:"كنا من أولى العائلات العائدة بعدما سمعنا عن تحسن الأمن في بغداد، ولكن خطر السكن في منطقة مختلفة مذهبياً ما زال قائماً، والعائدون يحتاجون الى ضمانات أمنية كثيرة للعودة الى مناطقهم الاصلية". وتعتبر مسألة الانقسام المذهبي بين أحياء بغداد التي استشرت بصورة كبيرة خلال العامين الماضيين، اكبر المشكلات وأصعبها، بالنسبة الى الراغبين في العودة، وتقدر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عددهم بنحو 4.2 مليون، ويبدو ان العائلات العائدة اصبحت تحتاج الى الجهات الدينية السنية او الشيعية التي تسيطر على أحياء بغداد، وهذا ما تنوي فعله عائلة ابو نبأ السنية من أجل العودة الى منزلها في حي الحرية الشيعي شمال بغداد. ويقول ابو نبأ العائد من سورية انه دخل في"مفاوضات"مع عائلة شيعية وجدها تسكن منزله كانت هجرت هي الأخرى من منطقة ابو غريب، ويضيف ان"هذه العائلة تمسكت بالمنزل في بداية الأمر ولكن بعد ان قدمنا لها الوثائق التي تثبت عائدية المنزل إلينا وتدخل أطراف أخرى طلبت مهلة أربعة شهور لتجد مكاناً آخر تلجأ اليه". وتمثل عائدية المنازل مشكلة اضافية، إذ لجأت العائلات المهجرة من كلا الطائفتين الى المنازل الفارغة لعائلات مهجرة ايضاً وسكنت فيها. وكان العميد قاسم عطا، من قيادة عمليات بغداد، أعلن خطة لتأمين عودة العائلات المهجرة الى مناطقها، وتطرق الى عائدية المنازل وإخراج العائلات الموجودة فيها بعد تحديد المناطق الآمنة التي تسمح بتنفيذ الخطة. ويشار الى ان حركة الهجرة الى خارج العراق تراجعت مقارنة بزيادة عدد العائدين، بعد تحسن الوضع الأمني خلال الشهرين الماضيين في بغداد، وبحسب الاحصاءات الرسمية فإن عدد العائدين من سورية، التي تأوي أكبر عدد من اللاجئين العراقيين، حوالي 1500 بالمقارنة مع 500 مغادر يومياً. وتشجع الحكومة العراقية اللاجئين على العودة الى البلاد، وقدمت حوافز مالية للعائلات العائدة فضلاً عن تنظيمها رحلات مجانية بالحافلات والطائرات للعائدين.