"ماذا يحدث في التلفزيونات؟" سأل زميل جزائري اتصل قبل يومين يشكو من أن عدداً كبيراً من سكان العاصمة علموا بانفجاري لبنان قبل أن يسمعوا شيئاً عن الانفجارات التي هزت بعض أحياء مدينتهم. قال الصوت الغاضب في السماعة إن الخبراللبناني صار الأول على القنوات التلفزيونية، ولو كانت المسألة مسألة انفجارين مقابل ستة. وتابع إن العالم العربي كله بات يعرف زواريب السياسة اللبنانية, ووجوهها ورموزها ويتعاطف مع فريق ضد آخر بسبب الفضائيات, لكن عامة اللبنانيين تجهل على الأرجح اسم رئيس الوزراء الجزائري فكيف ببقية الوزراء والنواب. تنظيم"القاعدة"ضرب الجزائر مجدداً وتوعدها بمزيد من الهجمات بعد سنوات على انقضاء حقبة الارهاب التي لم تغب صورتها من أذهاننا بعد, فيما التغطيات الإعلامية تقذف الخبر الى منتصف النشرات, وتتعامل معه كخبر أمني فحسب. فمن يتابع النشرات الإخبارية في ذلك اليوم أو حتى اليومين التاليين، يلاحظ أن الإعلام لم يول مسألة التفجيرات في الجزائر الاهتمام الكافي الذي تستحقه، سواء لجهة تقديمها في ترتيب أخبار النشرة, أو لجهة بحث أبعادها الجانبية. الجميع كان غارقاً في نقل الهجوم الإرهابي على حافلتي"عين علق"في لبنان, ثم تغطية تظاهرة 14 شباط فبراير في وسط بيروت. والتشديد على أهمية تغطية الحدث اللبناني في هذه الظروف هو لزوم ما لا يلزم, إذ تحول لبنان الى إحدى النقاط الساخنة الحاضرة أبداً في النشرات العربية والأجنبية. لكن سقوط القنوات التلفزيونية في دوامة ثالوث"فلسطين- العراق- لبنان"هو ما يستحق التوقف عنده. فصارت تطغى على النصف الأول من نشرات القنوات الإخبارية أخبار شبه معروفة سلفاً, هي إما الاقتتال الفلسطيني وبعده المصالحة وانعكاساتها, وإما عدد القتلى في العراق الذي ما عاد يفاجئ أحداً, وإما تفجير أو اغتيال أو تظاهرة في لبنان. لعل سخونة الأحداث في الدول الثلاث تلك تجعل من الصعب تفاديها في مطلع النشرات, وربما أيضاً اعتاد المعدون هذا التسلسل الجغرافي، ولكن يجب ألا تغيب عن البال أحداث لا تقل أهمية، تجري في مواقع أخرى من العالم ليت اقلها تفجيرات الجزائر. لا نطالب القنوات بجرعة زائدة من الجرأة, كأن تبدأ النشرة بخبر غير سياسي أو أمني, وهي في مطلق الأحوال أمنية مشروعة, لكننا نطالبها بكسر الرتابة وإعطاء كل خبر الحيز الذي يستحق.