أنعشت الثلوج والأمطار الغزيرة التي تساقطت على مناطق عدة في المغرب، آمال ملايين المزارعين في إنقاذ الموسم الزراعي، الذي كان يتهدده الجفاف قبل أسابيع. وعلى رغم ضعف تساقط الأمطار قياساً للمتوسط العادي، فان حجم المياه زاد في احتياط السدود بنسبة 54 في المئة، ما يمكّن من ري خمسة ملايين هكتار من الأراضي المزروعة. وسُجلت كميات مهمة من الثلوج فوق قمم جبال الأطلس، التي انخفضت فيها درجة الحرارة إلى دون 10 تحت الصفر, في حين هطلت الأمطار على أجزاء من وسط وجنوب البلاد، حيث تنتشر الزراعات المغطاة والموجهة للتصدير. وتمثل الزراعة نحو 17 في المئة من الناتج الإجمالي وتساهم المحاصيل في تحسين وضعية نحو 12 مليون شخص يعيشون مباشرة من الزراعة. واتخذت الحكومة إجراءات وقائية تحسباً للتقلبات المناخية، بينها تحرير استيراد الأعلاف للمواشي, ومد شبكة مياه الشرب إلى المناطق النائية, والإعداد لاستيراد كميات إضافية من القمح والحبوب الرئيسة، في إطار اتفاق التجارة الحرة مع الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة. وأفادت وزارة الزراعة والتنمية القروية، بأن الأمطار الأخيرة ستؤثر إيجاباً على المحصول المقبل، خصوصاً في مجال انتاج الخضار والفواكه والمواسم الربيعية, متوقعة ان يكون الموسم"عادياً"، أي اقل من محصول السنة السابقة الذي بلغ 93 مليون قنطار، وافضل من سنوات الجفاف. وينتظر المغرب تقرير لجنة خبراء المناخ، الذي سيصدر نهاية الأسبوع في باريس, إذ تعتبر الرباط الانحباس الحراري وزيادة ثاني أكسيد الكاربون المنبعث من المصانع القديمة في الدول الصناعية، مسؤولاً عن تبدل أحوال الطقس، التي باتت اكثر برودة واقل مطراً، فضلاً عن العواصف والفيضانات. وتعتقد الرباط ان الدول المسؤولة عن عدم تطبيق"اتفاق كيوتو"، مدعوة للمساهمة في حل مشكلة التقلبات المناخية، التي باتت تؤثر سلباً في اقتصادات الدول المعتادة على الزراعة، ومنها المغرب. وصرح مسؤولون في برنامج الأممالمتحدة للتغدية والزراعة، ان شخصاً من بين ستة أشخاص في العالم، يعيش حالة عطش شبه دائم، بسبب تراجع حصة الفرد من المياه العذبة، نتيجة عوامل مناخية وطبيعية وديموغرافية وبيئية. كما ان 93 دولة ستشهد نقصاً في مصادر الماء في العقود الثلاثة المقبلة، وستزيد الحاجات بنحو 60 في المئة، في حين لن تتطور مصادر الموارد المائية سوى بمعدلات ضعيفة. ويستند خبراء المياه إلى بيانات المتساقطات المطرية على امتداد نصف القرن الأخير. فقد تراجعت نسبة الأمطار إلى نصف ما كانت عليه غداة استقلال المغرب، وتقلص نصيب الفرد من الماء إلى 700 متر مكعب من 1200 متر مكعب سنوياً نتيجة عوامل بيئية ومناخية. وشهد المغرب فترتي جفاف منذ بداية الألفية الثالثة نجم عنها خسائر بعشرات بلايين الدولارات, وانخفاض مستوى معيشة السكان القرويين الذين نزح بعضهم إلى المدن. وساعدت خطة بناء السدود التي انتهجها الملك الراحل الحسن الثاني في عام 1967، في إنقاذ الزراعة المغربية، حيث أُقيم 120 سداً من مختلف الأحجام، تساهم في ري مليوني هكتار, وتوفر مياه الشفة بنسبة 100 في المئة في المدن، وبين60 إلى 70 في المئة في القرى والأرياف النائية. كما اعتمد المغرب على تقنية تحلية مياه البحر واستعمالها في بعض المناطق الصحراوية. وتعتقد مصادر وزارة المال، ان التقلبات المناخية تربك توقعات خبراء النمو عند إعداد الموازنة الجديدة. فالأمطار الغزيرة تمكن من مضاعفة النمو الاقتصادي، كما حدث في 2006، عندما تجاوز النمو سقف 7.6 في المئة, فيما يقلص الجفاف النمو إلى دون 2 في المئة، كما حدث عام 2005. لذلك يفضل الخبراء التريث بانتظار رحمة السماء, فالمطر في رأيهم هو"بترول المغرب", وهي مقولة قائمة منذ 90 سنة عندما قال المقيم العام الفرنسي الجنرال ليوتي:"ان المطر يُسهل عمل الحكم في المغرب".