أنعشت الأمطار الغزيرة في المغرب آمال المزارعين بتحقيق محصول جيد من الحبوب الرئيسة والغلال توفر على البلاد بعض الاستيراد الغذائي وتدعم النمو نحو اثنين في المئة، بعد فترة شبه جفاف عاشتها مطلع العام الماضي كانت لها انعكاسات اقتصادية واجتماعية سلبية. وتوقعت "المندوبية السامية في التخطيط" أن تشهد النشاطات الزراعية تحسناً خلال حصاد الموسم المقبل يصل إلى سبعة ملايين طن من الحبوب الرئيسة، وأن ترتفع القيمة المضافة في القطاع الفلاحي ستة في المئة هذه السنة بعدما سجلت تراجعاً تجاوز تسعة في المئة العام الماضي، وأدى إلى انخفاض في صادرات الحمضيات والطماطم. وكانت الأمطار زادت 38 في المئة في الشهر الماضي، وفاقت وفق التقديرات 50 في المئة خلال الشهر الجاري في بعض المناطق في الشمال والشرق والسهول الأطلسية والجبال، ما رفع مخزون المياه في السدود إلى نحو 20 بليون متر مكعبة تكفي عامين من الري. ولفتت المندوبية إلى أن المغرب سيزيد إنتاجه من الحبوب والخضر والفواكه وزيت الزيتون بفضل وفرة المياه، وبإمكان الظرفية المناخية المناسبة أن تعيد الانتعاش إلى الاقتصاد الذي يرتقب نمواً يبلغ نحو خمسة في المئة بعدما نما في الربع الأخير من العام الماضي 2.8 في المئة. وتبدو الآفاق أكثر تفاؤلاً من العام الماضي بظهور مؤشرات إلى تحسن في الاقتصادات الأوروبية في النصف الثاني من السنة وارتفاع متوقع في الطلب الخارجي على الصادرات المغربية. ويرتبط المغرب ب 66 في المئة بالاقتصاد الأوروبي، وتساهم الزراعة ب 16 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تُعتبر الأسواق الأوروبية من أهم الأسواق للصادرات الزراعية المغربية خصوصاً في فصلي الخريف والشتاء حيث يكون الطقس بارداً، كما تعتمد في بعض غذائها على المزارع المغربي في أغادير، التي تعتبر أكبر مدينة عربية - أفريقية لجهة صادرات الخضر والسمك. وكان المغرب صدّر العام الماضي مواد زراعية وغذائية ب 27.8 بليون درهم (3.33 بليون دولار)، بانخفاض نحو 900 مليون مقارنة بالعام السابق، تمثل نحو 15 في المئة من إجمالي الصادرات التي بلغت 184 بليون درهم. وبفضل الأمطار يُتوقع أن يزيد الاستهلاك المحلي للأسر بأكثر من أربعة في المئة إلى 9.7 في المئة التي كان سجلها عام 2011، وأن يتراجع التضخم في أسعار المواد الغذائية التي كانت ارتفعت 3.2 في المئة بسبب انخفاض الإنتاج الزراعي الذي يوفر 38 في المئة من فرص العمل. وتلعب الأمطار دوراً اجتماعياً في الحفاظ على التماسك الأسري والاستقرار الاجتماعي داخل الأرياف، بما يقلص من الهجرة القروية التي تسبب ضغطاً على المدن الكبرى التي تتضرر مرافقها كلما تقلصت المياه في البوادي أو شحت الأمطار. وأجمع خبراء على أن الاقتصاد المغربي يتأثر بالتحولات المناخية أكثر منه بالأسعار الدولية، كما أن السياحة والعقار والاستثمار تخضع للمناخ، فهي تتبع الاستهلاك ومدى خُضرة الأرض وبياض الجبال وهذا بدوره يحسب عدد الأيام الماطرة وعليها يُقاس حجم الإنتاج وتوقعات النمو.