يختتم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اليوم زيارة دولة للجزائر بعدما أشرف مع نظيره عبدالعزيز بوتفليقة أمس على ابرام صفقات ضخمة بين البلدين. وحصل ساركوزي على دعم الرئيس الجزائري لمشروعه الخاص بإقامة"اتحاد متوسطي"، لكن بوتفليقة رهن هذا الدعم بتوضيح من فرنسا لأهداف هذا الاتحاد ودوره خصوصاً بالمقارنة مع المؤسسات القائمة بين ضفتي المتوسط مثل"مسار برشلونة". ومثّل اتفاق الشراكة الفرنسي - الجزائري الذي وقّعه أمس وزيرا البيئة الفرنسي جان لوي بورلو ووزير الدولة للشؤون الخارجية الجزائري مراد مدلسي، بحضور ساركوزي وبوتفليقة، شعار زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي للجزائر وينهيها اليوم في قسنطينة شرق. وأكد ساركوزي في أكثر من مناسبة خلال زيارته التي بدأت الإثنين رغبته في إعادة تجديد العلاقة بين الجزائروفرنسا. لكن لوحظ أن الرئيس الفرنسي الذي يوصف بأنه"رئيس القطيعة"مع سلفه جاك شيراك، استمر في نهج سياسة سلفه في التقارب مع الجزائر مع حرص على تحويل"معاهدة الصداقة"التي فشل شيراك في ابرامها بين البلدين، الى اتفاقات عملية تندرج في إطار اتفاق شراكة عامة. وفي هذا الإطار، كان الجانب الاقتصادي حاضراً بقوة خلال الزيارة، حيث وقّعت اتفاقات عدة أهمها مع"توتال"الفرنسية لإنشاء مصنع بتروكيماوي كلفته أكثر من ثلاثة بلايين دولار بحسب ما قال ل"الحياة"رئيس هذه الشركة الفرنسية كريستوف دومارجودي الذي أكد انه من المؤيدين الدائمين للتقارب بين البلدين وان ثقته كبرى في الجزائر. وووقع رئيسا شركة"غاز دوفرانس"و"سوناتراك"الجزائرية خلال الزيارة اتفاقاً على تمديد عقود الغاز من الجزائر إلى فرنسا حتى العام 2019. ووقع البلدان أيضاً اتفاقاً حول"استخدام الطاقة النووية وتطويرها لاغراض سلمية". ويشمل هذا الاتفاق مجالات التعاون المختلفة في الطاقة النووية المدنية، مثل الابحاث ونقل التكنولوجيا والتدريب وانتاج الكهرباء والتنقيب عن اليورانيوم واستخدامه. وتطرق الرئيس الفرنسي في محادثاته مع نظيره الجزائري الى قضايا الشرق الأوسط والصحراء الغربية ولبنان ومؤتمر أنابوليس، وهو دعا إلى جهد مشترك لفرنساوالجزائر للمساعدة على إعادة اطلاق ديناميكية حقيقية للسلام تمكن الشعب الفلسطيني من تحقيق حقه في إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل آمنة. ودعا إلى العمل المشترك مع الجزائر للخروج من الأزمة الناتجة عن رفض إيران تنفيذ قرارات مجلس الأمن ووكالة الطاقة الذرية في الملف النووي. وأوضح ساركوزي أنه مقتنع بأن الجزائر في إمكانها، مثلما كانت في الماضي، المساهمة في اقناع السلطات الإيرانية بأنها"تهدد السلام"إذا استمرت في سياستها الخطيرة الحالية. وتمنى أن تجد قضية الصحراء الغربية"حلاً دائماً وواقعياً ومقبولاً من الجميع، فهي قضية سممت علاقات الدول المغاربية لمدة ثلاثة عقود". وقال ساركوزي في كلمة القاها في غداء رسمي اقامه على شرفه الرئيس بوتفليقة في قصر الشعب:"منذ استقلال الجزائر، بادر بلدانا ببناء علاقة متحررة اخيراً من الظلم الكبير للنظام الاستعماري"، مستخدما عبارة"الظلم"التي ذكرها في أول كلمة القاها مساء الاثنين امام رؤساء مؤسسات. وأكد ساركوزي:"لقد حاربتم انتم بانفسكم ذلك النظام الذي كان مخالفاً للقيم التي قامت عليها الجمهورية الفرنسية ... اما نحن فاننا مستعدون للنظر بحزم الى تلك الحقبة من تاريخنا والامعان فيها بدون محرمات حتى الامور القاتمة فيها".