يصل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى الجزائر غداً حيث يلتقي نظيره الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في زيارة دولة هي الثانية الى الجزائر خلال ستة أشهر ومنذ توليه الرئاسة في أيار مايو الماضي. وسبقت هذه الزيارة عاصفة سياسية كادت تؤدي الى إلغائها بعدما أدلى وزير قدامى المحاربين الجزائري محمد الشريف عباس بتصريحات عن دعم اللوبي اليهودي لساركوزي وسياسته التي وصفها الوزير الجزائري بأنها منحازة الى اسرائيل. إلا ان اتصالاً هاتفياً من الرئيس الجزائري لنظيره الفرنسي أكد فيها انه وحده بوصفه رئيس الدولة مسؤول عن السياسة الخارجية للجزائر، أدى الى تهدئة الأمور. وكانت الرئاسة الفرنسية طلبت توضيحاً من السفير الجزائري في فرنسا، لكن الرئيس الفرنسي اعتبر في حديث تلفزيوني انه تم حل المشكلة. وقالت أوساط الرئاسة الفرنسية إن الهدف الأول للزيارة هو إعادة تأكيد ثقة فرنسابالجزائر التي تمكنت من"مقاومة الارهاب المتطرف"الذي تواجهه فرنسا أيضاً. وأضافت المصادر ان الرئيس الفرنسي يقوم بهذه الزيارة مع"تطلع الى المستقبل"وأنه يعترف"بمعاناة وآلام"كل من الشعبين في تاريخهما المشترك، وهو سيقول رأيه بالنظام الاستعماري. ومعلوم أن هذا الموضوع بالغ الحساسية، إذ شهدت العلاقة بين البلدين توتراً إثر احتجاج الجزائريين على قانون في البرلمان الفرنسي يمجّد الاستعمار. وقالت المصادر إن ساركوزي"يتطلع الى المستقبل"لأن مصير الجزائروفرنسا مرتبطان. ويرافق الرئيس الفرنسي في زيارته 150 رئيس شركة يبحثون عن فرص للتعاون والاستثمار في الجزائر. ومن المرجح أن يتم توقيع عقود قيمتها خمسة بلايين دولار خلال وجود ساركوزي في الجزائر. ويذكر في هذا الإطار ان وزير الطاقة الجزائري شكيب خليل كشف ل"الحياة"قبل أيام ان الجزائر ستوقع مع فرنسا وشركة"توتال"صفقة لانشاء مصنع للبتروكيماويات كلفة الاستثمار فيه ثلاثة بلايين دولار. وستكون ل"توتال"51 في المئة من الصفقة، فيما تملك شركة"سوناطراك"الجزائرية 49 في المئة. وأكد خليل أيضاً أن الجزائر ستوقع اتفاق تمديد عقود الغاز لشركة"دوفرانس"الى سنة 2019 بعدما راجعت شروط العقد الذي ينتهي في 2013. وأوضح ان الجزائر ستوقع عقد تعاون على الصعيد النووي المدني مع فرنسا. وقالت الرئاسة الفرنسية ان الهدف الثاني من الزيارة هو العمل على إعادة صوغ العلاقات الجزائرية - الفرنسية عبر اتفاق شراكة عمومي يجمع كل مجالات التعاون بين البلدين. فإعادة صوغ العلاقة الجزائرية - الفرنسية يريدها الرئيس الفرنسي على أسس ثلاثة للشراكة: التدريب، الاستثمار، والتبادل. وقالت أوساط الرئاسة إن الصداقة بين البلدين"تتم عبر تعاون عملي"، وكان ينبغي أن يكون ذلك التعاون هو الطريق المؤدية إلى معاهدة الصداقة. ولمحت الرئاسة الفرنسية إلى أن اتفاق الشراكة الذي سيوقع خلال الزيارة سيكون السبيل لتأكيد الصداقة بين البلدين بدل معاهدة الصداقة التي لم تتم في عهد الرئيس السابق جاك شيراك. وسألت"الحياة"أوساط الرئاسة هل ستقوم فرنسا بوساطة بين المغرب والجزائر المختلفين خصوصاً حول قضية الصحراء الغربية، فأكدت الرئاسة الفرنسية أن ليس هناك مثل هذه الوساطة، وأن فرنسا تأمل بأن يؤدي مسار مفاوضات مانهاست ضواحي نيويورك إلى فتح حوار حقيقي يزيل ما يسمم العلاقة بين البلدين. وترعى الأممالمتحدة هذه المفاوضات بين المغرب وجبهة"بوليساريو"بحضور الجزائر وموريتانيا بوصفهما مراقبين. وأكدت أوساط الرئاسة الفرنسية أن ساركوزي سيثير مع بوتفليقة مشروع الاتحاد المتوسطي. وقالت إن الاتحاد المتوسطي لا يعالج المسائل السياسية على نمط قضية الصحراء الغربية التي تُعالج في الأممالمتحدة، ولا علاقات المغرب مع الجزائر. وأوضحت أن الاتحاد المتوسطي هو"طبقة اضافية للتضامن بين الشعوب"مرتبطة باحتياجات الحياة اليومية في بلدانها. ويبدأ الرئيس الفرنسي زيارته في العاصمة الجزائرية، حيث يجري محادثات مع بوتفليقة ثم يلتقي رجال أعمال فرنسيين وجزائريين ويلقي خطاباً مساء الاثنين، ويجري بعد ظهر الثلثاء محادثات مع رؤساء الحكومة عبدالعزيز بلخادم ومجلس الأمة عبدالقادر بن صالح والمجلس الشعبي الوطني عبدالعزيز زياري. وينهي زيارته الأربعاء بخطاب في جامعة في مدينة قسنطينة.