تستحق إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش التهنئة على نتائج اللقاء الدولي للتسوية بالشرق الأوسط. ولكن نجاح اللقاء رهن تضافر جهود المجتمع الدولي وروسيا والدول العربية. واتفق الفلسطينيون والإسرائيليون على الشروع بمفاوضات طويلة الأمد، وبذل الجهود في سبيل عقد اتفاقية سلام قبل نهاية 2008. وعلى المفاوضات البحث في مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، ووضع القدس، وترسيم الحدود بين إسرائيل ودولة فلسطين المقبلة ومتابعة تنفيذ بنود"خريطة الطريق"، على رغم أن هذه المسائل لم يذكرها نص البيان المشترك. وهذا هو النجاح، على رغم الصعاب التي تنتظر العملية لاحقاً. والتزمت الولاياتالمتحدة متابعة خطوات إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية الرامية إلى تنفيذ الوثيقة، وتقويم هذه الخطوات. ويبدو أن واشنطن هي الحكم في قضايا التسوية الإسرائيلية - الفلسطينية. ولكن دور واشنطن لا يعطل دور سائر الوسطاء، أي أعضاء اللجنة الرباعية والبلدان العربية. وكان الرئيس الأميركي جورج بوش اقترح مشروع مؤتمر يتناول النزاع بالشرق الأوسط، ويبعث المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين على صوغ تسوية نهائية، وإقامة الدولة الفلسطينية، في تموز يوليو الماضي. ولف الغموض جدول أعمال اللقاء، وأسماء المشاركين فيه. وكانت دول عربية، أولها السعودية وسورية، لا ترى جدوى إيفاد ممثليها إلى الولاياتالمتحدة. وقبل أيام قليلة من لقاء أنابوليس، تبين أن البلدان العربية تدعم الجهود الرامية إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط. فأوفدت الرياض وزير خارجيتها الى المؤتمر، ودمشق نائب وزير الخارجية. ولم تقرر الدول العربية المشارَكة في أنابوليس تأييداً لجورج بوش شخصياً، ومستقبل هذا الأخير يرتبط بتحقيق السلام في الشرق الأوسط قبل انقضاء مدة ولايته. فهذه الدول رفضت استثناءها من عملية التسوية في الشرق الأوسط، وتقرير مصير المنطقة في معزل عنها. واعتبر العرب من تجارب الماضي، وتجنبوا تكرار الأخطاء السابقة، وقدموا تأييدَ المفاوضات، وأداءَ دور فيها يخدم مصالحها، على توجيه انتقادات شكلية لا طائل منها. والحق ان هذه الدول تستحق التهاني على موقفها البراغماتي المقدام. وهذا الموقف يضطر الزعماء العرب إلى تناول صورة إسرائيل في الشارع العربي، على نحو معتدل. ويريد العرب تحدي القوى المتطرفة في المنطقة، وخصوصاً حركة"حماس"الفلسطينيةوإيران، الرافضتين المفاوضات، والمنددتين بپ"خيانة"المصالح العربية والإسلامية. ومشاركة المملكة العربية السعودية في لقاء أنابوليس تعزز دورها الرائد قوة إقليمية، في وقت يتنامى نفوذ الولاياتالمتحدةوإيران في الشرق الأوسط. وأدهش إقدام سورية على المشاركة في أنابوليس إيران، وهي أقرب حلفائها. والى وقت قريب، درجت دمشق وطهران على تنسيق سياستيهما في الشرق الأوسط، ومقاومة الضغوط الأميركية. وأسهمت الديبلوماسية الروسية في حمل أميركا على دعوة سورية الى اللقاء الدولي، وفي وضع التسوية العربية - الإسرائيلية على جدول أعمال اللقاء وعدم الاكتفاء بالبحث في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان موسكو أدرجت المسارين السوري واللبناني في لقاء أنابوليس، ولعبت دوراً محورياً في تأمين حضور معظم الدول العربية هذا اللقاء. وعلى الأطراف الدولية والمحلية التعاون، ومواصلة المفاوضات لإحراز النجاح المنشود. فالمعركة من أجل السلام ولا تزال في مستهل الطريق. عن ماريا أباكوفا، "نوفوستي" الروسية، 27/11/2007