ألقت أحداث الهجمات التي تعرّض لها جنود موريتانيون ومقتل سياح فرنسيين مطلع الأسبوع الجاري بظلالها على الترتيبات الأمنية في المغرب، إن لجهة استمرار التنسيق والتعاون بين نواكشوطوالرباط لتفكيك ألغاز تلك الأحداث ومطاردة المتورطين فيها، أو لجهة قيام استنفار أمني لرصد أي تهديدات محتملة في المغرب. وتحدثت مصادر أمنية عن حال استنفار هادئ يشمل رقابة المنشآت السياحية وأماكن تدفق السياح ومعابر المدن الرئيسية بالتزامن مع احتفالات نهاية السنة. وقال مسؤول في شرطة مالي أمس ان رجلاً"مغاربي الملامح"اعتقل في مالي في اطار التحقيق في اغتيال السياح الفرنسيين في موريتانيا. وأضاف:"نُقل الى باماكو. وهو يشكل خيطاً مهماً"، موضحاً:"نستطيع في هذه المرحلة من التحقيق أن نقول ان ما بين يدينا حلقة سلفية يمكن أن تقود الى قاتلي الفرنسيين". والموقوف يحمل بطاقة هوية مالية باسم محمد ولد احمد وجواز سفر جزائرياً باسم بلقاسم زايودي 35 عاماً. وعلى رغم عدم تداول أي معلومات عن تهديدات جدية ضد المغرب، فإن أحداث موريتانيا وتفجيرات الجزائر أعادت إلى الأذهان الربط بين التفجيرات الانتحارية في الدار البيضاء في آذار مارس ونيسان ابريل الماضيين ومثيلاتها في الجزائر، ما يحمل على الاعتقاد بإمكان انتقالها من موريتانيا إلى المغرب، على رغم فارق الوقائع. وزادت المخاوف حيال إمكان تعرض سباق رالي باريس - داكار إلى هجمات إرهابية، كونه يعبر مناطق صحراوية شاسعة الحدود ويشارك فيه أجانب من جنسيات أوروبية وأميركية، بخاصة وقد سبق لتنظيمات إرهابية أن هددت ذلك السباق، إلا أن السلطات الأمنية في المناطق التي يعبرها المتسابقون اتخذت اجراءات احترازية في الرقابة وتأمين المعابر. وينظر مراقبون إلى مثلث الحدود المشترك بين موريتانياوالجزائرومالي في أقصى جنوب الصحراء على أنه بات مرتعاً لتسلل المتطرفين. وبعد أن كان الأمر يقتصر على تجارة التهريب في السلع والمنتجات الغذائية والسجائر والهجرة غير الشرعية، انضافت تجارة الأسلحة وانتشار قطّاع الطرق في مناطق لا تكاد تخضع لأي رقابة لتزيد من حدة المخاوف، لا سيما أن منطقة الساحل والصحراء التي تتداخل فيها الحدود ويغيب عنها الأمن تحوّلت إلى مصدر للإرهاب. ودلّت وقائع محاكمات ناشطين مغاربيين في بلدان شمال افريقيا على وجود معسكرات تدريب وقواعد انطلاق"إرهابيين محتملين"كان الهدف من استقطابهم ارسالهم إلى العراق للقتال الى جانب"المقاومة العراقية"، إلا ان تضييق السلطات المغاربية الخناق على منافذ عبورهم التي كانت تنطلق من الساحل والصحراء ثم الجزائر في اتجاه تركيا وسورية، أو عبر موجات الهجرة غير الشرعية نحو البلدان الأوروبية، قد يكون ضمن الأسباب التي جعلت"تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي"يركّز تحركاته على المنطقة المغاربية. وأبلغت هذه العواصم وتحديداً الرباطونواكشوطوالجزائر أكثر من عاصمة غربية ان منطقة الساحل أصبحت تشكل مرتعاً لتنامي الحركات الارهابية. ونقلت مصادر ديبلوماسية الى"الحياة"ان هذا الموضوع شكل محوراً بارزاً في جانب من الحوار الذي جمع مسؤولين مغاربيين وأفارقة من مالي والنيجر والسنغال مع نظرائهم الأوروبيين في المؤتمر الأورو - افريقي في البرتغال.