قطرات ماء تندّت ورشحت من بين الصخور، فأمعنت في نحت بصمات دامغة على الصخر الأرجواني اللازوردي في جوف الأرض، قبباً وأعمدة ومنحوتات لم تمتد اليها يراع كائن من بني البشر. دهليز صخري ينزل الى جوف الأرض بعمق 35 متراً فتسري في الأجساد قشعريرة متأتية من"لسعة برد"غير اعتيادية. فدرجة الحرارة ثابتة بمعدل 12 درجة صيفاً وشتاءً في مغارة"عين وزين"الحديثة الاكتشاف في قضاء الشوف الأعلى من محافظة جبل لبنان الغنية بروائع الطبيعة والمعالم الأثرية. رحلة الى جوف الأرض، حيث تكثر الدهاليز والأنفاق المتشعبة داخل المغارة والمفضية الى تجويفات صخرية وبرك ماء طبيعية كوّنتها عيون منبثقة من الصخر، يقول أنور الحسنية مكتشف المغارة:"المياه الجوفية المتدفقة في باطن المغارة لعبت دوراً أساسياً في تكوين القبب والمنحوتات الطبيعية والموزاييك والتضاريس الأرضية التي كوّنت صخوراً ممزوجة بالتربة الكلسية الى جانب الصلصال الرمادي". وترشح المغارة مياهاً مصدرها الرئيس ترسّبات الأمطار والثلوج فضلاً عن ينابيع المياه لتشكّل منحوتات صخرية ومتدلّيات مثل الثريات والقناديل. تعتبر المغارة عنواناً للسياحة الجوفية المستدامة، خصوصاً أنها باب مشرّع على العالم الجوفي بفضل سهولة التجوال فيها، إذ نحتت الطبيعة ممرات صخرية لا يتجاوز عرضها المتر الواحد، ما يسهّل استكشاف أهميتها العلمية والجمالية. خصص القيّمون على المغارة داخلها مقاعد حجرية لمن ينشد الراحة. لكن ما ينعش فعلاً هو تلك الجرة الكبيرة التي تملأها القطرات الراشحة بهدوء مياهاً طبيعية باردة منعشة تشرب منها فترتوي، قبل أن يطالعك منظر بحيرة جوفية تنبئ بوجود مغارة سفلية ربما تكون مصغّراً لمغارة جعيتا الجوفية... وهذا رهن الاكتشافات اللاحقة للمغارة الحديثة. الجدير ذكره ان امتداد ما هو مكتشف يتعدى ال 426 متراً على مساحة 5000 متر مربع. ويقول الحسنية:"المغارة كانت قبل 25 الف سنة مجرى لنهر غزير بحسب ما آلت اليه دراسات الخبراء في وزارة السياحة، كما أن كل شمعة صخرية متدلية من سقف المغارة يزداد طولها سنتيمتراً واحداً كل 500 سنة".