استنكر الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في شدة تصريحات أدلى بها وزير قدماء المحاربين محمد الشريف عباس عن الأصول اليهودية للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والدعم المزعوم الذي يحظى به ب"اللوبي اليهودي". وقال الرئيس الجزائري في تصريحات إلى وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، بعد ظهر أمس، إن"كل تصريح أو تعليق ليس من المواقف التي تصدر عن الجهات المذكورة لا يلزم إلا صاحبه أو من يروج له". وأبدى بوتفليقة انزعاجه الشديد من خروج وزير المحاربين عن واجب التحفظ، قائلاً إن"ليس من تقاليدنا ولا من مفهومنا لواجب التحفظ المناط بكل مسؤول في الدولة أن ندلي بأحكام نقيّم بها رجال دولة أجانب أو نتدخل في السياسة الداخلية لدول أخرى". وأكد صلاحياته الدستورية ومنها إدارة الملفات الديبلوماسية، قائلاً:"إن السياسة الخارجية تدخل بمقتضى الدستور في المجال الذي يختص به رئيس الجمهورية والمفوضون من قبله وبوجه خاص وزير الشؤون الخارجية"، لافتاً إلى أن"السياسة الخارجية هذه تدار من قبل رئيس الجمهورية مباشرة أو بواسطة مصالحه المختصة المفوض لها قانوناً". وكانت فرنسا وجهت"طلب توضيحات"إثر تصريحات وزير قدماء المحاربين الجزائري عن الاصول اليهودية لساركوزي المرتقب أن يبدأ زيارة رسمية للجزائر في الثالث من كانون الأول ديسمبر المقبل. وفيما كانت الحكومة الجزائرية تعمل من أجل محاولة تجاوز تداعيات تصريحات وزير قدماء المحاربين، خرج أمس الأمين العام لمنظمة المجاهدين السعيد عبادو ليعمق الخلاف، وقال في تصريحات نُشرت في صحيفة"الخبر"إن المنظمة"لا ترحّب بساركوزي في الجزائر". وبرر موقفه قائلاً:"يتهموننا بمعاداة فرنسا أو رئيس فرنسا، لكنهم نسوا بأنهم هم الذين يحتفظون لنا بحقد دفين وإنهم هم الذين سنّوا قانوناً يمجّد الاستعمار ومساوئه وأقاموا التماثيل للخائنين والحركى وهم الجزائريون الذين عملوا مع الفرنسيين خلال حرب التحرير، ولا يريدون الاعتراف بجرائمهم في حق شعبنا". وجاءت تصريحات قيادات الرعيل الأول للثورة التحريرية بعد يومين فقط من تصريحات أطلقها رئيس الحكومة عبدالعزيز بلخادم قال فيها إنه لا يرحب بزيارة المغني الفرنسي ذي الأصول الجزائرية أنريكو ماسياس الذي كان يرغب الرئيس ساركوزي في إدراجه ضمن الوفد الرئاسي الفرنسي. وقال بلخادم في برنامج بثه التلفزيون الجزائري الأحد:"ما زلت على مواقفي بخصوص زيارة ماسياس ولن أغيرها، ولهم أن يتهموني بأنني محافظ". وأضاف"نعم أنا محافظ إذا كان ذلك يعني رفض هذه الزيارة". وثمة ملفات أخرى غير الخلاف على قانون تمجيد الاستعمار، لا تزال تعكّر صفو العلاقات بين الجزائر وباريس، أبرزها موقف فرنسا من قضية الصحراء الغربية، إذ لم يلمس الجزائريون، على ما تقول مصادر مطلعة، أي تطور في الموقف الفرنسي"على الأقل في اتجاه الحياد في هذا النزاع". ومعلوم أن فرنسا في عهد الرئيس جاك شيراك التزمت موقفاً مؤيداً في شكل كبير للمغرب في شأن نزاع الصحراء، وهو أمر أثار استياء الجزائريين. وأعلن الرئيس ساركوزي خلال زيارته الأخيرة للمغرب مواقف أشاد فيها بمبادرة المغرب بطرح الحكم الذاتي على الصحراويين، وإن لم يأخذ موقفاً مؤيداً للمغاربة بالدرجة نفسها التي التزمها شيراك. ويُعتقد أن الجزائريين سيناقشون مطولاً مع ساركوزي موقفه من النزاع الصحراوي. ومن الأمور البارزة المتوقع أن تُناقش خلال زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر قضية الاستثمارات الفرنسية حيث يشكو رجال أعمال من تراجع قدرة شركاتهم على المنافسة على عقود، وأيضاً التعاون في ملفات مكافحة الإرهاب والتصدي للهجرة غير الشرعية. عباسي مدني : الأمور تتجه إلى الأسوأ على صعيد اخر، اتهم رئيس"الجبهة الاسلامية للانقاذ"المحظورة الشيخ عباسي مدني"سلطات بلاده بمحاولة"تغييب الشعب عن المشهد الانتخابي"في الانتخابات البلدية والولائية أمس. ورأى في تصريحات الى"الحياة"في الدوحة حيث يقيم منذ سنوات، أن"هذه سلطة السلطة الجزائرية خرجت عن الشرعية بكل معانيها وبالغت في انكار الحقيقة الجزائرية التاريخية السياسية". وسألته"الحياة"عن دعوة سابقة أطلقها في شأن مصالحة شاملة في الجزائر: فرد:"المصالحة مع من؟ نحن نبحث عن المصالحة، لكن مع من؟ هل مع الخارج عن الشرعية والرافض لها؟". وشدد على أن الشعب الجزائري"لم يسعه الا أن يقاطع هذا الوضع المرير الانتخابات". وقال:"الأحداث تسير إلى الأسوأ في كل أبعادها، ومستقبل البلاد الى انسداد مخيف". وفي لندن، أفاد"المرصد الإعلامي الإسلامي"أن نائب زعيم"الإنقاذ"الشيخ علي بن حاج وُضع منذ صباح أمس تحت رقابة أمنية مشددة في العاصمة الجزائرية، وكان رجال أمن يتبعونه في كل تحركاته. وجاء ذلك بعد يوم من تسليمه رسالة الى السفارة الأميركية في العاصمة الجزائرية انتقد فيها مؤتمر أنابوليس الخاص بالسلام في الشرق الأوسط، وبعد أيام من دعوته الجزائريين الى مقاطعة الانتخابات.