فجأة داهمه ارتفاع في الحرارة, مع سعال, وانحطاط عام. المحيطون به اعتبروا انه مصاب بالرشح, وبعد يومين ساءت حاله فذهب الى الطبيب ليتبين بعد فحصه انه يعاني داء الأنفلونزا. الرشح والأنفلونزا يعتبران من الأمراض الأكثر انتشاراً في فصلي الخريف والشتاء، وكثيرون يخلطون بين الإصابتين، وهم محقون بعض الشيء, نظراً الى تشابه العوارض والعلامات بينهما, لكن علمياً هناك فروقات، وفي السطور الآتية عرض للمرضين تاركين للقراء تسجيل هذه الفروق: الرشح - الأسباب: هناك أنواع من الفيروسات التي يمكنها ان تسبب الرشح، ويصل عددها الى التسعين ان لم يكن اكثر، لذا فإن الإصابة بالرشح تحدث مراراً وتكراراً، فالبالغون يصابون به 3 الى 5 مرات سنوياً في مقابل 8 الى 10 مرات عند الأطفال. - العوارض: تبدأ بالظهور تدريجاً، وتشمل الحرارة المعتدلة، العطاس، وخز وجفاف في الحلق، سيلان الأنف المتواصل، وقد يحدث الصداع واحتقان في العينين. وتدوم يومين الى سبعة أيام. - المضاعفات: الرشح نادراً ما يترك وراءه مضاعفات، لكن قد تحدث، وتتمثل في التهاب الجيوب الأنفية، والتهابات الأذن الوسطى خصوصاً لدى الأطفال الصغار. - العلاج: ليس للرشح أي دواء نوعي قادر على إجهاضه، وما يمكن عمله لمواجهة هذا الداء الزائر من دون استئذان هو التخفيف من دوامة العوارض المزعجة باتباع النصائح الآتية: - الاستراحة المطلقة والإكثار من شرب السوائل. - استنشاق البخار في حال انسداد الأنف. - الغرغرة بالأسبرين للتخفيف من وطأة التهاب الحلق. - تناول المسكنات لتحسين الحال العامة وخفض الحرارة. وإذا كان المريض طفلاً دون الثانية عشرة من العمر فلا يجوز إعطاؤه عقار الأسبرين خوفاً من إصابته بمرض"راي". - استعمال مهدئات السعال. - تناول جرعات مكملة من الفيتامين ث. -الوقاية: لا يتوافر حتى الآن اللقاح الذي يؤمن الحماية من الرشح، وما يتوجب عمله هو تقوية جهاز المناعة، وقطع الطريق على الفيروسات المسببة. والتعليمات الآتية مفيدة: - التغذية الجيدة الغنية بالخضر والفاكهة. - ممارسة التمارين الرياضية المنتظمة. - النوم الكافي. - تفادي الاختلاط بالمصابين. - تجنب الأماكن المكتظة عند وقوع الجائحات. - العمل قدر الإمكان على تجنب تقلبات الحرارة المفاجئة. الأنفلونزا - الأسباب: الإصابة بالأنفلونزا تحدث نتيجة العدوى بثلاث فيروسات فقط هي، الفيروس أ وهو الأخطر بينها، والفيروس ب وهو أقل خطراً لكنه الأكثر مشاهدة، والفيروس سي وهو الأخف وطأة من سابقيه ومظاهره السريرية اقرب الى تلك التي نراها في الرشح العادي. وهذه الفيروسات شديدة العدوى تنتقل بالرذاذ المتطاير في الهواء من أفواه المصابين لدى التحدث او العطاس او السعال. ان العدوى بالأنفلونزا موسمية تحدث مرة واحدة في العام، على عكس الرشح الذي يمكن العدوى به مرات سنوياً. - العوارض تلوح في الأفق فجأة، وتكون البداية صعبة وقاسية، فالحمى عالية وقد تصل الى 41 درجة مئوية، والحال العامة سيئة للغاية، والأنف جاف من دون سيلان، والحلق مؤلم، وعضلات الجسم موجعة. وتدوم مظاهر الأنفلونزا أطول من تلك التي نراها في الرشح. وهناك فئات اكثر تعرضاً من غيرها للأنفلونزا، مثل كبار السن، والأطفال، والحوامل، والعاملون في الوسط الصحي، والمصابون بأمراض مزمنة، وأولئك الذين يأخذون عقاقير كابحة لمنظومة جهاز المناعة. - المضاعفات: تكمن خطورة مرض الأنفلونزا في مضاعفاته، ومن أكثرها انتشاراً العدوى الجرثومية الثانوية التي تلقي بظلها على الرئة والقلب والكلية والجهاز العصبي. ويعد التهاب الرئة التالي للأنفلونزا الأخطر بينها، وهذا الأخير قد يثيره الفيروس ذاته أو يحصل اثر التهاب جرثومي تال له. طبعاً هناك مضاعفات أخرى أقل شيوعاً منها، التهاب الأذن، التهاب العضلة القلبية، واحتداد الأمراض الموجودة سابقاً، والتهاب القصيبات الشعرية لدى الأطفال. - العلاج: وهو يشبه في خطوطه العريضة علاج الرشح. - الوقاية: ان اللقاح المضاد للأنفلونزا متوافر، وهو يؤمن حماية جيدة من الداء مدة عام واحد، من هنا ضرورة تكراره سنوياً. واللقاح مصنوع من فيروسات ميتة لذا فهو مأمون، ولكن كغيره من اللقاحات، قد تنتج من حقنه آثار جانبية، مثل الألم والاحمرار الموضعي وبعض التعب العام في الجسم. ويمنع إعطاء اللقاح للذين يشكون الحساسية من البيض. هذه ما يمكن قوله عن الرشح والأنفلونزا، تبقى الملاحظات الآتية عنهما: 1- ضرورة غسل اليدين باستمرار لأن فيروسات الرشح والأنفلونزا تنتقل بسهولة من طريق لمس الأغراض والأدوات المشتركة، مثل الأكواب والأقلام وسماعات ومقابض الأبواب وغيرها. 2- التمخط باستمرار للتخلص من المفرزات المكتومة. ويجب ان يتم التمخط في شكل سليم، اي يجب تفريغ جانب واحد من الأنف لا الجانبين معاً، لأنه يقذف المفرزات الى قناتي الأذنين مسبباً التهابهما. 3- شطف جوف الأنف بالمياه المالحة الدافئة فهو مفيد في فتح مجاري الأنف، وطرد الفيروسات العالقة في دهاليز الأنف. 4- الغرغرة بالماء المملح الساخن لترطيب الحلق الجاف. 5- الابتعاد عن التدخين لأنه يقلل من دفاعات الجسم. 6- استعمال المحارم الورقية عند السعال او العطس ورميها فوراً. ان عادة وضع اليد سيئة للغاية لأن جحافل الفيروسات تعلق بها ومنها تجد دربها نحو الآخرين بسهولة. 7- ان أمراض الرشح تسبب التعب وهي مسؤولة عن قلة التركيز والانتباه. 8- ليس هناك شيء اسمه أنفلونزا معوية ، ففيروسات الأنفلونزا تضرب المجاري التنفسية فقط. 9- لا مانع من تناول مضادات السعال اذا حال هذا دون إمكان النوم. 10- لا حاجة الى المضادات الحيوية في أمراض الرشح، لأن لا تأثير لها في الفيروسات. 11- لقاح الأنفلونزا يباشر عمله الوقائي بعد أسبوعين من إعطائه. 12- اللقاح المضاد للأنفلونزا لا يحمي من داء الرشح.