سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رايس تحاول إقناعه ببيان يتطرق إلى الحل الدائم بلا التفاصيل وإقناع عباس بعدم تطويق نفسه بمواقف يصعب التنازل عنها ... وأولمرت أيضاً يخفض سقف التوقعات : المؤتمر ليس منوطاً بالتوصل إلى بيان مشترك
قطع رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت الشك باليقين بخفضه سقف التوقعات من "اللقاء الدولي" المتوقع في أنابوليس الشهر المقبل إلى أدنى مستوى، معلنا أن انعقاد المؤتمر ليس منوطاً بأي شرط ولا حتى ببيان مشترك، وأن جل ما تريده الدولة العبرية هو"صيانة"عملية سياسية على نار هادئة"بحذر ورصانة". وعزز اولمرت هذا"الحذر"بإعلانه تعيين وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، المحسوبة على المعسكر اليميني في حزب"كديما"الحاكم، على رأس الطاقم الإسرائيلي المفاوض، وهي التي ترى ان"المفاوضات الثنائية"يجب أن تكون المحور الرئيس وان"اللقاء الدولي"مشتق من هذا المحور وليس العكس. وترفض ليفني قطعاً أن يتناول البيان المشترك قضايا خلافية وتؤكد في المقابل أولوية القضايا الأمنية الإسرائيلية وتتبنى مواقف متشددة من القضايا الجوهرية للصراع. وقبل ساعات من وصول وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الى تل أبيب، وفي ظل أنباء عن نيتها ممارسة ضغط على إسرائيل لجهة تليين موقفها وتضمين البيان المشترك الجاري التفاوض على مضمونه مع الفلسطينيين إشارات صريحة إلى مبادئ التسوية الدائمة، أعلن اولمرت في مستهل الجلسة الحكومية الأسبوعية أنه في المحادثات التي أجراها في الأشهر الأخيرة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن"توصلت معه إلى اتفاق على هيكلية المفاوضات، وقررنا أن تكون بيننا عملية تحاور حذرة ورصينة ومتزنة بهدف التوصل إلى بيان مشترك خلال اللقاء الدولي، رغم أن مثل هذا الإعلان لم يكن أبداً شرطاً لعقد اللقاء". وأضاف في مسعى واضح الى تخفيف حماسة الفلسطينيين من نتائج المؤتمر، وفي رسالة"تهدئة"إلى الجناح المتشدد في حكومته، أنه يجب أن تتسم المناقشات مع الفلسطينيين"بالرصانة والحذر والاتزان". وزاد أن أي بيان مشترك سيُقر من الجهات المعنية الفلسطينية والإسرائيلية، على أن يعقب ذلك إطلاق محادثات تتعلق باحتمالات إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. وكرر رفضه تحديد جدول زمني لبدء المفاوضات على التسوية الدائمة وإنهائها"لأن من شأن ذلك ان يراكم صعوبات لا لزوم لها". واعتبر مراقبون أن تصريحات اولمرت أمس تعكس الخلاف الجوهري في المواقف بين إسرائيل والفلسطينيين، وهو الخلاف الذي يتطلب من رايس تسويته، إذ فيما تريد إسرائيل الوصول إلى أنابوليس مع"إعلان نيات"عام يتيح فتح مفاوضات على القضايا الجوهرية والتقدم من دون قيود زمنية، اي بكلمات أبسط"السير على رؤوس الأصابع بحذر شديد"، يريد الفلسطينيون التوصل إلى وثيقة تمنحهم مسبقاً مزايا مهمة تشكل أساساً للمفاوضات وتكون محددة بجدول زمني وتحت مراقبة أميركية، وهذه خطوة تقول اسرائيل ان ليس لديها استعداد للخوض فيها، خصوصاً ان الفلسطينيين يتقدمون دائماً بمطالب وتسهيلات وشروط من دون فعل شيء في محاربة الإرهاب أو جمع الأسلحة أو ضرب البنى التحتية لحركة"حماس". من جهته، استبعد وزير الداخلية مئير شيتريت المحسوب على تيار الوسط في الحكومة"أن يصدر عن اللقاء في أنابوليس اتفاق سلام". وقال إن المفاوضات الحالية لن تقود إلى أي مكان،"أما المشاركة في المؤتمر فمهمة لأننا لا نستطيع قول لا للولايات المتحدة... ثم ان الحوار بحد ذاته جيد". ورأى ان إسرائيل تضيع فرصة سانحة للسلام الشامل مع العرب على أساس المبادرة السعودية للسلام، مضيفا في حديث إذاعي:"علينا أن ندير المفاوضات على نحو آخر... وفقاً للمبادرة السعودية للسلام... لأنه إذا كنا مستعدين للسلام ولتقديم تنازلات للفلسطينيين فلماذا لا نبرم اتفاق سلام مع العالم العربي بالسعر نفسه... لماذا علينا ان ندفع الثمن مرتين". وتابع أن إدارة المفاوضات كما هي عليه اليوم"لا ينبغي أن تقض مضاجع وزراء حزبي شاس وإسرائيل بيتنا لأنها لن تقود إلى أي مكان ولن تحقق أي اختراق"، وهذا ما يريده وزراء هذين الحزبين. والتقت رايس امس زعيم"شاس"نائب رئيس الحكومة ايلي يشاي وسمعت منه رفضا لادراج قضية القدس على جدول اعمال المؤتمر الدولي، وتحذيرا من ان التطرق إلى القضايا السياسية سيؤدي إلى فشل المؤتمر وإلى"نتائج وخيمة على الأرض"، ما يستدعي برأيه تحويل أبحاث المؤتمر إلى الشؤون الاقتصادية"أي أن يكون مؤتمر إعادة تأهيل السلطة الفلسطينية اقتصادياً ... وفي حال نجاح المشروع يمكن إطلاق مفاوضات سياسية بعد سنوات". وستلتقي رايس اليوم زعيم"إسرائيل بيتنا"أفيغدور ليبرمان الذي هدد بالانسحاب من الحكومة في حال طرق المؤتمر الدولي قضايا الصراع الجوهرية. وقالت أوساط قريبة من اولمرت أنه بعد أن تستمع رايس إلى موقف الوزيرين المتشددين، فإنها ستتفهم على نحو أفضل الصعوبات التي يواجهها اولمرت داخل ائتلافه الحكومي. إلى ذلك، نقلت صحيفة"هآرتس"عن مصادر في وزارة الخارجية الأميركية أن رايس لن توجه الدعوات الى المؤتمر قبل أن ينجح اولمرت وعباس في التوصل إلى بيان متفق عليه. وأضافت أن رايس ستحاول إقناع اولمرت بوجوب ان يتطرق البيان بشكل واضح إلى مبادئ الحل الدائم من دون الخوض في التفاصيل، وفي المقابل ستحاول إقناع عباس والمفاوضين الفلسطينيين بعدم رفع سقف التوقعات من المؤتمر بشكل مبالغ فيه و"تطويق"أنفسهم بمواقف سيكون من الصعب عليهم التنازل عنها لاحقاً إزاء رفض إسرائيل قبولها، ما سيؤدي إلى تفجير المفاوضات.