أثارت دراسة بعنوان "العنف ضد المرأة في المجتمع القطري" أعدها المجلس الأعلى لشؤون الأسرة الذي ترأسه زوجة أمير قطر الشيخة موزة المسند، نقاشاً ساخناً في حلقة نقاشية نظمت أمس لمناقشة الدراسة المسحية التي أجرتها أستاذة علم الاجتماع في جامعة قطر الدكتورة كلثم الغانم، وشارك فيها قطريون وقطريات وشخصيات خليجية وعرب مقيمون في الدوحة. وافتتح الحلقة النقاشية الأمين العام لمجلس الأسرة عبدالله آل خليفة الذي أكد أن"المجلس لن يتوانى عن طرح أي موضوع أو اطلاق أي مبادرة أو اقتراح أو تشريع أو سياسة يمكن أن تسهم في حماية الاسرة". ورأت الدراسة، وهي الأولى من نوعها وتعكس جرأة في طرح المشكلات الاجتماعية والسياسية أيضا، أن المجتمع القطري لا يختلف عن باقي المجتمعات الخليجية في هذا الخصوص، وان البيانات الرسمية التي وردت الى"المؤسسة القطرية لحماية المرأة والطفل"تشير الى 55 حالة عنف ضد المرأة في عام 2005 34 قطرية و21 غير قطرية، في حين أظهرت بيانات وزارة الداخلية وفقا للدراسة أن هناك 65 حالة عنف أسري تم تداولها أمام محكمة الجنح والجنايات ودائرة الأحوال الشخصية. وأشارت الدراسة الى صورة المرأة"النمطية"في الثقافة المحلية والتي تحدد مكانتها ووضعها وحقوقها واسلوب التعامل معها، ولفتت الى مقولة منتشرة في المجتمعات القبلية في قطر والمنطقة ترى أن"الأخت شعرة في لحية أخيها". واوضحت الدراسة أن القطريات يشكلن 84.82 من العينة التي أجري عليها المسح في مقابل 15.18 في المئة من جنسيات أخرى. وأوضحت أن 2124 من اللواتي شملتهن الدراسة غير متزوجات ويشكلن 76.2 في المئة، في مقابل 548 متزوجة، و91 مطلقة، و24 ارملة. وأظهر التوزيع ارتفاع نسبة المطلقات بين افراد العينة. وبشأن مصدر العنف، تبين أن الزوج أكثر شخص يمارس العنف على نساء العائلة، يليه الأب ثم الأخ، وبنسبة أقل الأم، ثم الأقارب. وأفاد جدول ملحق بالدراسة ان"الضرب"يأتي في مقدم أساليب العنف وبلغ نسبة 65.81 في المئة بالنسبة للقطريات، ثم الاهانة والشتم. ويضم الجدول 18 أسلوبا من أساليب العنف بينها الحرمان من الحقوق والاغتصاب والاجبار على الانجاب والتهديد بالطلاق ومنع إبداء الرأي. وكشفت الدراسة أن 44.6 في المئة من المعنفات تعرضن للعنف منذ الطفولة، و33.6 في المئة في سن المراهقة، و11 في المئة بعد الزواج. وأكدت أن الأخ جاء في المرتبة الأولى كمصدر للعنف بنسبة 40.86 في المئة وتلاه الأب، موضحة أن آثار العنف على المرأة تسببت في اصابة 46.6 في المئة من مجموع العينة بالكآبة 47.3 في المئة قطريات، كما تسبب العنف في العصبية وكره الرجال ومشكلات أخرى. وكان لافتاً أن 41.97 في المئة من نساء العينة، رأين أن المرأة تستحق العنف الذي يمارس ضدها. واعتبرت الدراسة أن هذه النسبة توضح الحاجة الى توعية النساء بحقوقهن وتحسين صورتهن أمام أنفسهن أولا قبل المجتمع. وانتقدت ما سمته"ضعف دور الأجهزة الأمنية في مواجهة العنف ضد المرأة وفشلها في اكتساب ثقة ضحايا العنف". وتضمنت الدراسة التي صدرت لمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة توصيات عدة، بينها ضرورة أن يتم توجيه التقرير الدراسة الى صناع القرار وقادة الرأي العام وغيرهم من أجل التخطيط الآمن لحياة خالية من العنف بالنسبة للمرأة، ووضع استراتيجية وطنية لمواجهته، و"توصيف وادراج جرائم العنف الاسري ضمن قانون العقوبات القطري، ومتابعة حالات المرأة المسجونة اداريا لاسباب لا تتعلق بقضايا جنائية، مثل تلبية رغبة الأسرة في تأديب الفتيات والنساء المتمردات، والغاء هذا النوع من التعسف الموجود في الاجهزة الأمنية وحماية المرأة منه"، وتأسيس شبكات وطنية لمكافحة العنف، وتعديل الثقافة العامة حول صورة المرأة، وتوعية المقبلين على الزواج وتأهيلهم لحياة زوجية صحية. وخلال النقاش، نفى المقدم عبدالرحمن السليطي من وزارة الداخلية"ما قيل عن تستر الجهات الامنية على حالات عنف ضد المرأة"، فيما نوهت مديرة ادارة المرأة في مجلس الاسرة نور المالكي بوزارة الداخلية ووصفتها بأنها"من اكثر الجهات تعاونا وهي تسعى معنا الى ايجاد حلول للمشكلات". ودعا مشاركون الى عدم الانسياق وراء المفاهيم الغربية بخصوص العنف، لكن الأمين العام لمجلس الأسرة عبدالله آل خليفة شدد على ان"قطر لا تأخذ الاتفاقات الدولية بعلاتها، بل ندرسها ونحرص على أن تتفق مع الشريعة الاسلامية، كما نراعي خصوصية المجتمع". وأضاف:"نحن ننظر الى الرجل والمرأة كشريكين لا كعدوين، وننظر الى التشريعات بصفتها تشريعات للأسرة لا كتشريعات للرجل أو للمرأة". من جهتها، دعت الناشطة الاجتماعية الدكتورة موزة المالكي الى تدريب الفتيات على"الكاراتيه"لحماية أنفسهن من العنف، لكن الطبيبة النفسية دينا الدفع رفضت استبدال العنف ضد المرأة بعنف آخر.