حول المسؤولون الاميركيون التعابير المجازية التي تستخدم في وصف فشل الرئيس جورج بوش في حمل الزعماء المتنافسين في العراق على التوصل الى اتفاق لاقتسام السلطة الى تعابير تهدف الى ترسيخ"المكاسب العسكرية". وفي السابق كان البطء في تحقيق تقدم سياسي يفسر على انه مثل ساعة في واشنطن وأخرى في العراق، تدقان بسرعات مختلفة، والآن يدور الحديث عن فرصة حققتها"زيادة"القوات الاميركية وإرسال قوة إضافية قوامها 30 ألف جندي. ومع تراجع العنف وتخطيط الجيش الاميركي لخفض قواته الى المستوى السابق منتصف عام 2008 فإن التركيز عاد مرة أخرى إلى عدم قدرة الحكومة التي يتزعمها الشيعة في العراق على التوصل الى تسوية مع الأعداء السابقين. وعلى رغم تحسن الأمن فإنه لم يتضح ما إذا كانت الأحزاب السياسية الكردية والشيعية والسنية في العراق مستعدة أو قادرة على ان تنحي جانباً عقوداً من انعدام الثقة لاتخاذ خطوات من أجل تحقيق مصالحة. وقال ستيفن بيدل وهو عضو بارز في مجلس العلاقات الخارجية في الولاياتالمتحدة إن"العراقيين مذعورون حتى الموت من بعضهم. وفي مثل هذه المغامرة التي لها مخاطر كبيرة يحاول الناس تحديد مدى صحة هذا الوضع ومدى استمراريته والى أي مدى هذه التسوية خطيرة". ويقول محللون ايضا ان حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي تهتم بتعزيز القوة السياسية الجديدة للشيعة أكثر منه التصالح مع السنة الذين كانوا يهيمنون على الحياة السياسية في عهد صدام حسين. محلل الشؤون العراقية في مركز الدراسات الاستراتيجية انتوني كوردسمان قال ان"احدى المشاكل تتمثل في ان الشيعة في الحكومة يرون ان تنظيم القاعدة يزداد ضعفا ورد فعلهم الطبيعي هو الاستفادة من هزيمته ومحاولة تعزيز سلطتهم". وقال محمود عثمان وهو عضو كردي في البرلمان ان"لا ثقة بين هؤلاء السياسيين ولا يوجد تفاهم بينهم". وقبل تقرير ايلول سبتمبر الذي قدمه القائد الاميركي الجنرال ديفيد بترايوس والسفير ريان كروكر الى الكونغرس، أوفدت واشنطن مبعوثين الى بغداد للسعي لدى الحكومة لتمرير قوانين ينظر اليها على انها حيوية للمصالحة بين الطوائف المتحاربة، ومنها اجراءات لإصلاح قانون يحظر على اعضاء حزب البعث السابقين في عهد صدام حسين شغل مناصب والاتفاق على كيفية اقتسام الثروة النفطية. ووجد مكتب محاسبة الحكومة التابع للكونغرس انه حتى 25 تشرين الاول اكتوبر كانت الحكومة العراقية أوفت بهدف واحد كما انها أوفت جزئيا بهدف ثان. وارسلت الحكومة هذا الاسبوع مسودة رابعة لقانون اجتثاث البعث الى البرلمان بينما قال وزير النفط ان الموافقة على قانون توزيع الثروة ما زالت بعيدة. وقال تيري كيلي، الباحث البارز في مؤسسة"راند كوربوريشن"الذي كان مستشارا لدى السفير الاميركي السابق زلماي خليل زاد"هذه الاهداف لن تتحقق على الارجح وقدرة الحكومة على تحقيقها موضع تساؤل". ومنذ تقرير ايلول خفت ضغوط واشنطن على حكومة المالكي، ويشير ذلك الى تغير في الاستراتيجية فيما يحاول المسؤولون التركيز على المصالحة على المستوى المحلي. وأكد كروكر وبترايوس في افاداتهم امام الكونغرس ان حكومة بغداد تقتسم ايرادات النفط مع المحافظات من دون تمرير قانون النفط وكيف انها تمد يدها الى ضباط الجيش البعثيين السابقين. وعاد بيدل للتو من جولة استغرقت عشرة ايام في العراق وقال"يبدو ان السياسيين على المستوى القومي يجرون تجارب مصالحة غير راغبين في تشريعها".