قدم السفير السابق للولايات المتحدة في بغداد ريان كروكر، عشية حرب العراق في 2002، مذكرة الى وزير الخارجية يومها، كولن باول، تفيد بأن اطاحة صدام حسين قد تؤدي إلى نزاع إثني ومذهبي في البلاد، وأن دول الجوار قد تزيد نفوذها في العراق. وبعد 15 عاماً على المذكرة التي خطها كروكر مع وليام بيرنز ونقلها كتاب «الجندي: حياة كولن باول»، أضحت مخاوف كروكر واقعاً على الأرض وباتت تتطلب، بحسب السفير السابق، وساطة واستراتيجية أميركية أكثر فعالية من تلك التي صاحبت عهد باراك أوباما، وتستمر برأيه اليوم مع دونالد ترامب. وقال كروكر ل «الحياة» إن الاستفتاء الكردي «ليس مفاجئاً»، وان واشنطن أخطأت بإعلان موقف ضده، أدى إلى تقوية بغداد وقيامها باجراءات عقابية من شأنها زيادة الأزمة تعقيداً. كروكر الذي كان سفيراً لبلاده في أربع دول شرق أوسطية، إضافة إلى باكستان وأفعانستان، قال إن قضية الأكراد في العراق «عمرها طويل جداً، والاستفتاء غير الملزم لم يكن مفاجئاً، وحكومة إقليم كردستان تدرك مدى التعقيدات، وأن من الصعب عليها الوصول إلى دولة (مستقلة) من دون علاقة جيدة مع بغداد». لذا يرى السفير السابق، المحاضر في جامعة برنستون الأميركية، أن الاستفتاء «بالكاد بداية العملية وليس نهايتها، وعلى الولاياتالمتحدة التوسط وإدارة المسألة». وعن دور الأطراف الخارجيين قال كروكر إن دور إيران «هو الأكثر اشكالية في قضية الاستفتاء»، معتبراً أنه في حال «أرادت إيران خلق المتاعب يمكنها ذلك من خلال ميليشيات قادرة على زعزعة الإستقرار بسهولة». ويضيف أن «تركيبة عدم الاستقرار في العراق تفيد إيران أكثر من غيرها. أما روسيا وتركيا ليستا بالضرورة في تحالف استراتيجي، وهناك حدود للالتقاء التركي - الروسي، كما هناك حدود للتلاقي الروسي - الإيراني». ويقول كروكر، الذي خدم في العراق بين 2007 و2009، إن إدارة ترامب «ارتكبت خطأ في طريقة التعاطي مع الاستفتاء»، مشيراً إلى أن لهجة واشنطن «القوية والمتأخرة برفضها الاستفتاء حددت النبرة وأعطت الضوء الأخضر لبغداد التي ردت بشكل قوي». ويرى كروكر أيضاً أن وساطة تدريجية ونبرة أكثر اعتدالاً وحيادية من إدارة ترامب هي الخيار الأفضل أمام واشنطن. وبضيف «لا مجال للتكهن بما سيحدث، إنما اذا أردنا تفادي الأسوأ علينا الانخراط». ويعرّف السفير السابق الخطوط العريضة لأي وساطة أميركية بجهد يركز على القضايا الأساسية وعلى حوار بين الأطراف يطال النظام الفيديرالي العراقي وقانون للنفط»، مشيراً إلى أن «عدم حدوث أعمال عنف في كركوك خلال الاستفتاء أمر مشجع». ويدعو كروكر واشنطن إلى «تعريف مصالحها في العراق ووضع استراتيجية سياسية كانت غائبة خلال إدارة أوباما، ولا تزال غائبة مع ترامب الذي يتبع نهج سلفه وينظر الى العراق فقط من منظار محاربة داعش والشق العسكري». وحتى «داعش» في نظر كروكر «ليس مشكلة عسكرية فقط، بل لها بعد سياسي يحتم علينا النظر في هذه المشاكل». ويحض على ايجاد مخرج بخفض نسبة «التشنج بين إربيل وبغداد، وفتح واشنطن قنوات اتصال مع الجميع، وأن على الإدارة الأميركية أن تقرر ما اذا كانت ستلعب دوراً سياسياً، أو تجازف بخطورة قفز العراق إلى مرحلة زعزعة الإستقرار».