القبض على باكستاني يروج الشبو بالشرقية    37 بلدة جنوبية مسحها الجيش الإسرائيلي وأكثر من 40 ألف وحدة سكنية دمرت    أطفال اليمن يتألقون بتراثهم الأصيل في حديقة السويدي    الولايات المتحدة تختار الرئيس ال47    مع سباق البيت الأبيض.. من يهيمن على الكونغرس الأمريكي؟    سيناريو التعادل .. ماذا لو حصل كل مرشح على 269 صوتاً؟    "الصناعة والثروة المعدنية" تعلن فوز 11 شركة محلية وعالمية برخص الكشف في 6 مواقع تعدينية    الطائرة الإغاثية السعودية ال19 تصل إلى لبنان    مركز مشاريع البنية التحتية بالرياض يشارك في المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر بالقاهرة    توقعات بهطول الأمطار الرعدية على 5 مناطق    اليوم الحاسم.. المخاوف تهيمن على الاقتراعات الأمريكية    المملكة تثري الثقافة العربية بانطلاق أعمال مبادرتها "الأسبوع العربي في اليونسكو" في باريس    أرباح «أرامكو» تتجاوز التوقعات رغم تراجعها إلى 27.56 مليار دولار    إشكالية نقد الصحوة    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج للأندية    تركيا: نستهدف رفع حجم التجارة مع السعودية إلى 30 مليار دولار    المملكة تستحوذ على المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    الاختبارات.. ضوابط وتسهيلات    النصر لا يخشى «العين»    الهلال يمزق شباك الاستقلال الإيراني بثلاثية في نخبة آسيا    المملكة ومولدوفا تعززان التعاون الثنائي    «جاهز للعرض» يستقطب فناني الشرقية    12 تخصصاً عصبياً يناقشه نخبة من العلماء والمتخصصين بالخبر.. الخميس    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    سلوكيات خاطئة في السينما    إعادة نشر !    «DNA» آخر في الأهلي    العلاج في الخارج.. حاجة أم عادة؟    زرًعِية الشبحة القمح العضوي    تنوع تراثي    مسلسل حفريات الشوارع    للتميُّز..عنوان    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    منظومة رقمية متطورة للقدية    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    غيبوبة توقف ذاكرة ستيني عند عام 1980    " المعاناة التي تنتظر الهلال"    في الجولة الرابعة من دوري أبطال أوروبا.. قمة بين ريال مدريد وميلان.. وألونسو يعود إلى ليفربول    1800 شهيد فلسطيني في العملية البرية الإسرائيلية بغزة    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    في شهر ديسمبر المقبل.. مهرجان شتاء طنطورة يعود للعلا    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    ربط الرحلات بالذكاء الاصطناعي في «خرائط جوجل»    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    الاستقلالية المطلقة    تشخيص حالات نقص افراز الغدة الدرقيه خلال الحمل    النظام الغذائي المحاكي للصيام يحسن صحة الكلى    أمير تبوك يستقبل قنصل بنغلاديش    «تطوير المدينة» تستعرض التنمية المستدامة في القاهرة    سعود بن بندر يهنئ مدير فرع التجارة بالشرقية    وزير الدفاع يستقبل نظيره العراقي ويوقّعان مذكرة تفاهم للتعاون العسكري    السعودية تؤكد دعمها لجهود التنوع الأحيائي وتدعو لمؤتمر مكافحة التصحر بالرياض    قائد القوات المشتركة يستقبل الشيخ السديس        مقال ذو نوافذ مُطِلَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقال رأي في واشنطن بوست: لماذا نتمسك بالمالكي لنخسر العراق ؟
نشر في أنباؤكم يوم 05 - 07 - 2014

"بحلول عام 2010 حثثت نائب رئيس الولايات المتحدة وكبار موظفي البيت الأبيض لسحب دعمهم للمالكي، حينها أدركت أنه إن بقي في منصبه سيتسبب في انقسام البلاد ودعم الطائفية والاستبداد مما سيمزق البلاد و يدمر المصالح الأمريكية. تمسك أمريكا بالمالكي جعلنا نواجه الآن هزيمة إستراتيجية في العراق وربما في الشرق الأوسط بأكمله."
هكذا يقول الكاتب علي الخضري* في مقاله الذي نشرته "واشنطن بوست"، وقامت بترجمته "نون بوست" اليوم، وتحدث فيه عن نشأة المالكي وعلاقاته، واليكم نص الترجمة:
لقد عرفت المالكي، أو أبو إسراء، كما هو معروف من المقربين منه، لأكثر من عقد من الزمان فلقد سافرت معه عديد المرات، وأنا أعرف عائلته وبطانته، عندما كان المالكي عضوًا غامضًا وغير معروف في البرلمان، كنت من بين القلائل الذين يتصلون به هاتفيًا، و في عام 2006، ساعدت في التعريف به لدى السفير الأمريكي، والتوصية به كخيار واعد لمنصب رئيس الوزراء، في عام 2008 رافقته للعلاج في لندن، وفي عام 2009 قمت بدعم حكومته من خلال اتصالي بشيوخ العشائر.
بحلول عام 2010 حثثت نائب رئيس الولايات المتحدة وكبار موظفي البيت الأبيض لسحب دعمهم للمالكي، حينها أدركت أنه إن بقي في منصبه سيتسبب في انقسام البلاد ودعم الطائفية والاستبداد؛ مما سيمزق البلاد ويدمر المصالح الأمريكية.
تمسك أمريكا بالمالكي جعلنا نواجه الآن هزيمة استراتيجية في العراق وربما في الشرق الأوسط بأكمله.
البحث عن قائد:
--------------
ولد المالكي في التويجري، وهي قرية خارج مدينة كربلاء المقدسة، أبو إسراء هو حفيد لزعيم قبلي ساعد في إنهاء الحكم الاستعماري البريطاني في 1920، نشأ في عائلة شيعية متدينة، وكان ممتعضًا من حكم الأقلية السنية في العراق، وخاصة حزب البعث العلماني، انضم المالكي لحزب الدعوة الديني عندما كان شابًا، وتبنى دعوته لإنشاء دولة شيعية في العراق، بعد اشتباكات بين سنيين شيعيين ومسيحيين بما في ذلك حزب الدعوة، حظرت حكومة صدام حسين الأحزاب الدينية وجعلت عضويتهم جريمة عقوبتها الإعدام.
اتهم أعضاء حزب الدعوة بأن لهم علاقات مع رجال الدين الإيرانيين وضباط المخابرات، فاعتقل الآلاف منهم ليعذبوا ويعدموا، ومن بين القتلى بعض أقارب المالكي مما كان له تأثير كبير في نفسية رئيس وزراء المستقبل.
وعلى مدى ثلاثة عقود، تحرك المالكي بين إيران وسوريا، نظم عمليات سرية ضد نظام صدام حسين، ليصبح في نهاية المطاف رئيس فرع حزب الدعوة في دمشق، وجد الحزب الدعم في إيران، وخلال الحرب بين إيران والعراق في الثمانينات، عندما استخدم العراق الأسلحة الكيماوية الموردة من الغرب، كان رد طهران بأن استخدمت الحركات الدينية الشيعية ضد نظام صدام حسين، بمساعدة إيران، قصفت عناصر حزب الدعوة السفارة العراقية في بيروت في عام 1981 في واحدة من هجمات الإسلام المتطرف، وقصفوا أيضًا السفارتين الأمريكية والفرنسية في الكويت، وخططوا لقتل الأمير الكويتي، مع القيام بعشرات من الاغتيالات ضد كبار أعضاء حكومة صدام حسين، بما في ذلك الديكتاتور نفسه، والتي فشلت فشلاً ذريعًا، مما أدى إلى اعتقالات جماعية وعمليات الإعدام.
خلال الأشهر التالية من الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، عاد المالكي إلى وطنه، ليقوم بمهام مستشار لرئيس الوزراء إبراهيم الجعفري، بوصفه عضوًا في البرلمان، وترأس لجنة اجتثاث البعث، وهي منظمة أسسها الشيعة كوسيلة للانتقام ولاقت انتقاد علني من قبل السنة باعتبارها أداة للقمع.
بعد مشاهدتي لمأساة الحادي عشر من سبتمبر 2001 تطوعت للخدمة في العراق، فأنا ابن لمهاجر عراقي، وكنت قد أُرسلت إلى بغداد من قبل مكتب وزير الدفاع لمهمة مدتها ثلاثة أشهر لتستمر في نهاية المطاف عشر سنوات تقريبًا، عملت كمساعد خاص للسفير باتريك كينيدي وعضو اتصال مع سلطة الائتلاف المؤقتة في مجلس الحكم العراقي، باعتباري واحد من القلائل من المسئولين الأمريكيين الذين يتحدثون العربية.
بعد انتهاء الاحتلال الأمريكي رسميًا في عام 2004، بقيت في بغداد لتسهيل الانتقال إلى "تطبيع" الوجود الدبلوماسي الأمريكي، وكنت صديقًا لعدد من أعضاء في البرلمان الانتقالي، وكان واحدًا من هؤلاء الأصدقاء "نوري المالكي" وكانت تلك الفترة مرهقة ولكن مرضية فالعراقيين والأمريكيين يعملون معًا لمساعدة البلد للنهوض بعد الحرب.
ثم وقعت الكارثة .. خلال فترة قصيرة من حكم الجعفري، ازدادت التوترات العرقية والطائفية حيث إن قادة العراق الجدد من الشيعة أعدوا مخططات انتقامية ضد السنة، مما أدى إلى حلقة مرعبة من التعذيب والاغتصاب وغيرها من الانتهاكات؛ مما دفع بأعضاء حزب البعث لتمرد دموي، في حين جند تنظيم القاعدة الشبان للقيام بتفجير للسيارات الملغومة وعمليات الخطف والهجمات الإرهابية الأخرى في محاولة لإثارة الفوضى.
بعد تفجير فبراير 2006 في سامراء (مزار مقدس ل 200 مليون من أتباع المذهب الشيعي) أطلق زعماء الشيعة هجمة مرتدة شرسة؛ مما أدى إلى الحرب الأهلية التي خلفت عشرات الآلاف من القتلى العراقيين الأبرياء.
ورفض الجعفري في البداية مبادرات أمريكية لإقامة حظر تجول بعد قصف تنظيم القاعدة في سامراء؛ فقررت واشنطن أن تغييرًا في القيادات العراقية أصبح ضروريًا، وبعد الانتخابات البرلمانية في كانون الأول 2005، قام مسئولو السفارة الأمريكية بتمشيط للنخبة العراقية للبحث عن زعيم يمكنه سحق الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، مع إيقاف توسع تنظيم القاعدة، ومع توحيد العراقيين تحت راية القومية، وكنت بمعية زميلي جيفري بيلز من بين القلائل من الأمريكيين الذين ينطقون بالعربية وعلى علاقة جيدة مع شخصيات قيادية في البلاد، وكان المالكي برأينا وقتها الرجل الذي يبدو من المرجح أن يكون القائد المناسب لكسب كل تلك الرهانات.
قلنا إنه سيكون مقبولاً للمسلمين الشيعة في العراق (نحو 50 في المائة من السكان)، وأنه يعمل بجد وبحماسة وبعيد إلى حد كبير عن الفساد، وأنه كان ضعيفًا سياسيًا، وبالتالي سيعتمد على التعاون مع زعماء عراقيين آخرين للحفاظ على تماسك الائتلاف؛ ليصبح رئيسًا للوزراء في 20 مايو 2006 وليتعهد بقيادة عراق قوي وموحد.
كانت السنوات الأولى من حكم المالكي للعراق تشكل تحديًا كبيرًا بسبب العنف الذي أودى بحياة الآلاف من العراقيين كل شهر وملايين المشردين وبسبب انهيار لصناعة النفط، ومع انقسام وفساد شركائه السياسيين، وكان المالكي الحاكم الرسمي للعراق، ولكن مع زيادة القوات الأمريكية في عام 2007 ووصول السفير رايان كروكر والجنرال ديفيد بترايوس إلى بغداد، أصبح هناك القليل من الشك حول من يحفظ فعلاً الدولة العراقية من الانهيار.
وكان كروكر وبترايوس يلتقيان مع رئيس الوزراء المالكي لعدة ساعات في اليوم، وفي كل يوم تقريبًا، منذ ما يقرب من عامين، وخلافًا لمنافسيه، سافر المالكي قليلاً خارج البلاد، وعمل بشكل روتيني لمدة 16 ساعة في اليوم، وكنا ننسق السياسات الاقتصادية والعسكرية، ونسعى لتذليل العقبات التشريعية وتعزيز النمو الاقتصادي، في الوقت الذي يواصل تنظيم القاعدة والبعثيين المفسدين والمليشيات الشيعية تعكير صفو البلاد وزرع الإرهاب.
وكمساعد خاص لكروكر، كنت أرافقه في لقاءاته مع القادة العراقيين، وكنت غالبًا ما أنوبه عند المشاحنات بين العراقيين أنفسهم، واضطرت الولايات المتحدة للتوسط بين العراقيين لأننا شعرنا بأن البلاد لن تصبح مستقرة إلا مع قيادة عراقية موحدة ومتماسكة، كما قمنا بدعمها في استخدام القوة ضد الإرهابيين.
وبعد مفاوضات طويلة مع القبائل والمتمردين البعثيين العرب السنة حتى يوجهوا أسلحتهم بعيدًا عن القوات الأمريكية ويوجهوها نحو تنظيم القاعدة، تمكنا من إعادة إدماجهم في العملية السياسية العراقية.
وفي البداية كان المالكي معاديًا لفكرة تسليح وتمويل المقاتلين السنة ليوافق في نهاية المطاف وذلك بعد ضغط شديد من كروكر وبترايوس، ولكن فقط بشرط أن تدفع واشنطن فاتورة هذا التسليح والتمويل، ليوافق في وقت لاحق على تمويل بعض المقاتلين السنة. ولكن هذه الوعود لم تطبق ليبقى المقاتلون السنة مرة أخرى عرضة للتطرف.
بحلول عام 2008 توصل المالكي إلى تحقيق نوع من الاستقرار، وخلال مؤتمرات الفيديو الأسبوعية مع الرئيس جورج بوش، حيث كنا نجلس في مجموعة صغيرة قبالة الشاشة، كثيرًا ما كان المالكي يشتكي من عدم وجود ما يكفي من الصلاحيات الدستورية مع عدائية البرلمان، في حين كان بوش يوصيه بالصبر، مشيرًا إلى أن التعامل مع الكونغرس الأمريكي ليس سهلاً.
ومع مرور الوقت، تمكن المالكي من صياغة تسويات مع خصومه السياسيين وتم إمضاء عقودًا بمليارات الدولارات مع شركات متعددة الجنسيات للمساعدة في بناء العراق، و بدا أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح.
ولكن المالكي لم يجعل الأمور دائمًا سهلة، فنظرية المؤامرة تلاحقه بعد عقود من التعرض للمطاردة من قبل أجهزة استخبارات صدام حسين، كما أنه كان مقتنعًا بأن معارضه الشيعي "مقتدى الصدر" كان يسعى لإسقاطه، وفي مارس 2008 اختار المالكي أن يدخل في حرب ضد جيش المهدي في مدينة البصرة.
مدعوم بفوزه في البصرة، بمساعدة الجيش الأمريكي، سعى المالكي لاستعادة مدينة الصدر، ومن خلال الانصهار غير المسبوق بين الجيش الأمريكي والعراقي والاستخبارات، تم القضاء على العشرات من الخلايا الإسلامية المتشددة الشيعية المدعومة من إيران في غضون أسابيع.
المالكي وإدارة أوباما:
--------------------
مع إدارة أوباما التي تعهدت بإنهاء هذه "الحرب الغبية" استغل المالكي الفرصة وبدأ حملة منظمة لتدمير الدولة العراقية واستبدالها بمكتبه الخاص وحزبه السياسي، فأقال الجنرالات أصحاب الخبرة واستبدلهم بالموالين له شخصيًا، كما أرغم القضاة في العراق لمنع بعض منافسيه من المشاركة في انتخابات مارس 2010.
حدث هذا في ظل فراغ القيادة في السفارة الأمريكية في بغداد لمدة شهرين من دون وجود السفير الأمريكي؛ مما تسبب في ظهور الدولة البوليسية للمالكي التي تزداد قوة يومًا بعد يوم.
ومع الأزمة السياسية التي استمرت لعدة أشهر، أصبح هناك شعور كبير بالغضب مع المطالبة بتنازل المالكي عن رئاسة الوزراء من عديد الفصائل، فحتى الزعماء الشيعة في أحاديثهم الخاصة أعربوا عن عدم ارتياحهم حول مسار العراق في ظل حكومة المالكي.
وبعد أن ساعدت لإحضاره إلى السلطة في عام 2006، قلت في عام 2010 أن المالكي كان عليه أن يذهب، إذ كانت المصالح الحيوية للولايات المتحدة على المحك؛ فقد فقدنا الآلاف من الأرواح الأمريكية والعراقية وأنفقنا تريليونات الدولارات للمساعدة في الدفاع عن أمننا القومي، وليس لمساعدة طموحات رجل واحد أو حزب واحد، فكان على العملية الدستورية أن تصان، مع إيجاد زعيم يسعى لإعادة بناء العراق.
وفي محادثاتي أثناء زيارة أعضاء من كبار موظفي البيت الأبيض، والسفير الأمريكي في العراق، والجنرالات وزملاء آخرين، اقترحت تعيين نائب رئيس الجمهورية "عادل عبد المهدي" باعتباره بعثي سابق، معتدل مسلم شيعي ودرس الاقتصاد بفرنسا وقد شغل منصب وزير المالية سابقًا، وباعتبار عبد المهدي له علاقات متميزة مع الشيعة والسنة والأكراد وكذلك مع إيران وتركيا والمملكة العربية السعودية.
في 1 سبتمبر 2010، كان نائب الرئيس بايدن في بغداد، وفي حفل عشاء في مقر إقامة السفير التي شملت بايدن، موظفيه، والجنرالات وكبار مسئولي السفارة، قدمت رأيي حول المالكي وأكدت على ضرورة احترام العملية الدستورية، ولكن نائب الرئيس قال إن المالكي هو الخيار الوحيد.
لم أكن المسئول الأمريكي الوحيد ضد المالكي، فقد كان هناك أيضًا مسئولون بينهم نائب السفير الأمريكي روبرت فورد، أوديرنو، السفير البريطاني السير جون جنكينز والسفير التركي مراد أوتشيليك يرفضون بقاء المالكي رئيسًا للوزراء.
وكان الجنرال قاسم سليماني، رئيس وحدة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني على وشك حل الأزمة بالنسبة لنا، ففي غضون أيام من زيارة بايدن إلى بغداد، استدعى سليماني زعماء العراق إلى طهران ليبين لهم أن نفوذ الولايات المتحدة في العراق في تراجع في حين أن النفوذ الإيراني في ارتفاع، مضيفًا أن الأمريكيين سوف يتركون العراق في يوم ما ولكن ستضل إيران دائمًا هي جارة العراق.
وبعد حث العراقيين المتناحرين للعمل معًا، أملى سليماني نتائج المباحثات التي وصلت إليها إيران حول الملف العراقي: فالمالكي سيبقى رئيس الوزراء، جلال الطالباني سيبقى الرئيس، والأهم من ذلك، ستبذل كل الجهود كي يغادر الجيش الأميركي العراق في نهاية عام 2011، وبين سليماني أن القادة العراقيين المتعاونين سيستفيدون باستمرار من الغطاء السياسي والدعم المالي الإيراني، في حين أن كل من يتحدى إرادة الجمهورية الإسلامية سوف يعاني وستنتظره عواقب وخيمة.
خيار واشنطن :
---------------
كنت مصممًا على عدم السماح لجنرال إيراني تسبب في قتل أعداد لا تحصى من القوات الأمريكية أن يملي نهاية اللعبة بالنسبة للولايات المتحدة في العراق، وبحلول شهر أكتوبر، كنت أتوسل السفير جيفري كي يتخذ خطوات لتفادي هذه النتيجة فقلت إن إيران عازمة على إجبار الولايات المتحدة على الخروج من العراق بطريقة مهينة مما من شأنه أن يدعم حكومة الانقسام والطائفية في بغداد برئاسة المالكي ومما سيؤدي بالتأكيد إلى حرب أهلية أخرى وبعد ذلك صراع إقليمي شامل، ويمكن تجنب هذا السيناريو من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية يرأسها عبد المهدي، سيكون ذلك صعبًا للغاية، ولكن مع وجود 50 ألف جندي فالولايات المتحدة لا تزال لاعبًا قويًا، وتقاسم السفير مخاوفي مع كبار موظفي البيت الأبيض، وطلب أن يتم إعلام الرئيس ونائب الرئيس، وكذلك كبار مسئولي الأمن القومي في الإدارة الأمريكية.
واستخدمت كل علاقاتي السياسية لترتيب لقاء لجيفري وأنتوني بلينكين، مستشاري الأمن القومي لبايدن مع كبار آيات الله في العراق، وباستخدام لغة حادة على نحو غير معهود، قال رجل دين شيعي إنه يعتقد أن إياد علاوي، الذي كان قد شغل منصب رئيس وزراء مؤقت، وعبد المهدي هما القادة الشيعة الوحيدين القادرين على توحيد العراق، أما المالكي فهو رئيس وزراء حزب الدعوة وليس العراق، وسيدفع البلد إلى الخراب.
وكنت دائم التأكيد على أن المالكي سيستمر في توطيد سلطته السياسية مع عمليات تطهير ضد منافسيه، أما الطالباني لن يتنحى بعد قتاله صدام حسين لعقود وأخذ كرسيه؛ مما سيدفع بالسنة لأن يثوروا مرة أخرى إذا رأوا أننا لم نقف إلى جانبهم.
وأوفدت إلى الأردن للقاء مع مجلس كبار الزعماء السنة في العراق لإقناعهم بالانضمام لحكومة المالكي، وكان ردهم كما كنت أتوقع أنهم لن ينضموا لحكومة بغداد، وأنهم لن يسمحوا للعراق أن يُحكم من قبل إيران ووكلائها، وأنهم لن يعيشوا تحت حكم رجال الدين الشيعة، واستمرار تهميشهم في ظل حكومة المالكي، وبعد تصويب أسلحتهم ضد تنظيم القاعدة خلال الصحوة، الآن هم يريدون حصتهم في العراق الجديد، وينبغي عدم معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية، وإذا لم يحدث ذلك، فإنهم يحذرون بأنهم سيحملون السلاح مرة أخرى.
ويزداد الوضع تعقيدًا بعد رفض الطالباني التنحي وبدلاً من ذلك اتجه إلى إيران من أجل حصوله على دعمها، ومع تعليمات من طهران، بدأ المالكي في تشكيل حكومة مكونة من رجال من ذوي التزكية الإيرانية.
وباختصار، فإن الوضع الآن في العراق مع رجل واحد وهو المالكي وحزب واحد وهو حزب الدعوة فإننا عدنا إلى وضعية العراق مع صدام حسين وحزب البعث، ولكن على الأقل فإن صدام حسين ساعد في احتواء إيران العدو الاستراتيجي للولايات المتحدة كما أننا لم ننفق أموالاً طائلة كما ننفقها اليوم في العراق.
هذه الوضعية المزرية هي من دفعني مدنيًا وأخلاقيًا لشرح كيفية الوصول إلى هذا
المأزق للرأي العام.
*من هو الكاتب ؟
علي الخضري، وهو رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة دراقمان برتنرز بدبي. شغل مهام مساعد خاص لخمسة سفراء للولايات المتحدة ومستشارا لثلاثة من كبار المسؤولين بالقيادة المركزية الأمريكية بالعراق وذلك من 2003 إلى 2009. في عام 2011 شغل منصب تنفيذي مع شركة اكسون موبيل وفاوض دخول الشركة في إقليم كردستان العراق.
من خلال هذا التقرير حاول السيد علي الخضري تبيان أسباب انهيار العراق، من خلال فهم دعم الولايات المتحدة منذ عام 2006 لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.