وصل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الى الهند امس، في زيارة كانت مخططة منذ فترة طويلة، لكنها قد تؤجج أزمة سياسية مندلعة في نيودلهي بسبب اتفاق نووي مع الولاياتالمتحدة. وتهدد الأزمة بتفكك الائتلاف الحكومي وإجراء انتخابات مبكرة. وزيارة البرادعي تقنية ظاهرياً، اذ سيتحدث امام مؤتمر للطاقة ويزور منشأة للأبحاث النووية في بومباي ويلتقي بمسؤولين نووين هنود. لكن الزيارة تأتي في وقت تواجه الحكومة الهندية فيه مهلة غير رسمية تنقضي في نهاية الشهر الجاري لبدء تأمين الحصول على موافقات من الوكالة الدولية للطاقة الذرية وجهات أخرى لاستكمال اتفاق نووي مع الولاياتالمتحدة يعارضه الشركاء الشيوعيون في الحكومة الذين يقولون انه سيجعل من نيودلهي مجرد تابع للسياسة الأميركية. وسيمثل الاتفاق حجر زاوية في شراكة بين الهندوالولاياتالمتحدة اللتين لم تربطهما علاقة قوية خلال الحرب الباردة. ويسمح الاتفاق للهند باستيراد وقود ومفاعلات نووية أميركية على رغم من أنها اختبرت أسلحة نووية ولم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي. ويقول منتقدو الاتفاق انه يكافئ الهند ويضعف الحملة التي تقودها الولاياتالمتحدة للحد من المطامح النووية لدول مثل ايران. وقبل أسبوع من زيارة البرادعي طرح مشرعون أميركيون اقتراحاً غير ملزم في مجلس النواب يشكك في تماشي الاتفاق مع القانون الأميركي. وفي الهند، حذر الشيوعيون الحكومة من التفاوض مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على وضع المفاعلات المدنية النووية الهندية تحت حماية الأممالمتحدة في واحدة من أوائل الخطوات تجاه تفعيل الاتفاق. وشددت صونيا غاندي زعيمة حزب المؤتمر الحاكم والسياسية الأقوى في الهند من موقفها اول من امس، في بيان اعتبر على نطاق واسع تلميحاً الى أنها مستعدة لإجراء انتخابات مبكرة، واصفة المعارضين للاتفاق النووي بأنهم أعداء التنمية. وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان زيارة البرادعي ليست سياسية. وقال ديبلوماسي في فيينا مقرب من الوكالة:"من غير المتوقع أن يكون الاتفاق الهندي -الأميركي محورياً في زيارته، الأمر يرجع الى الهند في ما يتعلق باتخاذ الخطوة الضرورية في شأن صوغ مسودة اتفاق الرقابة عندما يكون التوقيت مناسباً. ليس هناك أي ادلة على ان ذلك سيحدث وقتها"أي خلال الزيارة. الا أن بعض الخبراء يقولون ان التوقيت شديد الأهمية عندما يتعلق الأمر بزيارة البرادعي، وان مسؤولين حكوميين قد يلتقون معه وهي خطوة ستثير غضب اليسار. وقال ر. ر. سابرامانيان وهو خبير نووي مستقل:"ما من شك في أن الحكومة الهندية قررت المضي قدماً في تنفيذ الاتفاق وهي لا تهتم برأي اليسار، لذا أعتقد انهم سيتحدثون للبرادعي". وقالت وزارة الطاقة الذرية الهندية ان البرادعي سيبدأ برنامجه الرسمي اليوم الثلثاء. وقال الديبلوماسي في فيينا ان البرادعي قد يناقش الاتفاق في شكل غير رسمي. وأضاف:"اعلم ان الولاياتالمتحدة تعتبر زيارة البرادعي مهمة للغاية في هذا الوقت، لكن بالنسبة الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأمر فني، نحصل على لائحة بالمنشآت اولاً وبعدها نبدأ في التحرك". وأضاف:"في شكل عام قد تكون هناك مناقشات عن الوضع الراهن لكن القضية لا تزال في مضمار سياسي وليس من تخصص الوكالة الاقتراب من هذا المجال". وشكلت الحكومة مع حلفائها الشيوعيين لجنة مشتركة لإنهاء الأزمة، الا أن الجانبين لم يظهرا اي ليونة في موقفيهما حتى الآن. وستجتمع اللجنة مرة أخرى اليوم. وبعد التفاوض مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ينبغي على الهند أيضاً الحصول على موافقة مجموعة الإمداد النووي الدولية المكونة من 45 دولة والمنوط بها التحكم في التجارة النووية الخاصة بالأغراض المدنية في العالم. ويعاد الاتفاق بعد ذلك الى الكونغرس الأميركي للحصول على الموافقة النهائية.