أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف محادثات مع الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد في طهران أمس، بعد أقل من أسبوع من انتقاد موسكو عقوبات جديدة فرضتها الولاياتالمتحدة على ايران بسبب برنامجها النووي المتنازع عليه، وبعد اسبوعين على زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ايران. تحفظت السلطات الإيرانية عن الإدلاء بمضمون المحادثات، ورجحت مصادر مطلعة ان يكون اللقاء تناول الاقتراح الروسي الذي حمله بوتين إلى طهران. ولمحت إلى لقاء لافروف الأمين العام للمجلس الاعلى للامن القومي سعيد جليلي وسلفه علي لاريجاني، كذلك المرشد الايراني علي الخامنئي . وتوقعت أن يجيب لافروف أو يحمل معه الى موسكو، استفسارات ايرانية عن الاقتراح الروسي"للإحاطة بكل تفاصيل السلة الروسية". وعن السلة ومحتواها، أشارت المصادر الى انها"سلة ضخمة فيها التزامات ووعود بضمانات، لتفادي المرحلة الحالية الدقيقة". وبحسب المصادر ذاتها، يطلب الاقتراح الروسي من طهران تجميد تخصيب اليورانيوم مرحلياً، مقابل تعهد موسكو بمنح ايران كل الامكانات الضرورية، ريثما يتحقق المجتمع الدولي من سلمية برنامجها النووي، على ان يتم تخصيب اليورانيوم حتى ذلك الحين على الاراضي الروسية. وبعد تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي"الإيجابي"بالنسبة إلى طهران، وما تلا ذلك من ردود فعل مستنكرة من واشنطن وتل أبيب وباريس، اعتبرت المصادر الإيرانية، ان ايران غير مطمئنة للوعود الغربية، معتبرة أن أميركا وأوروبا لم تلتزمان في السابق تعهداتهما في المجال النووي. لذا، تطالب طهران ب: تعهد دولي 5+1 بإنهاء قضية الملف النووي وسحبها من مجلس الامن، إعطاء ايران ضمانات سياسية وامنية واقتصادية وتكنولوجية، وقود وتقنية نووية بأسعار تفضيلية. وتربط المصادر حصول ايران على هذه الضمانات لإظهار مزيد من حسن النيات، في اشارة الى امكان اعادة النظر في قرارها عدم تعليق تخصيب اليورانيوم . تجدر الاشارة الى ان المرشد الإيراني علي خامنئي وعد بوتين بدراسة المشروع، في حين نفى مستشاره علي ولايتي علمه بتفاصيل الاقتراح، بعدما نفى الرئيس الايراني وجود اقتراح مماثل، تحدث عنه لاريجاني. وقبيل الزيارة، صرح كبير الناطقين باسم الخارجية الروسية، ميخائيل كامينين، بأن اللقاء يتناول النشاطات النووية لإيران وقضايا ثنائية. وتعتقد موسكو بأن مزيداً من الحوار لا العقوبات او الحل العسكري هو السبيل للخروج من هذه الأزمة. وأبلغ بوتين بعد زيارة طهران قبل اسبوعين واشنطن ان موسكو لن تقبل بتحرك عسكري ضد ايران. وتبني روسيا أول محطة ايرانية للطاقة النووية في بوشهر. وجددت الصين معارضتها فرض عقوبات على ايران. وقال الناطق باسم الخارجية ليو جيانشاو:"نعتبر ان الحل السلمي هو الأفضل ويصب في مصلحة المجتمع الدولي". وأضاف:"يجب الا تستخدم العقوبات بخفة"، مشدداً على ان الإيرانيين يسعون إلى"حل الأزمة عبر الحوار". جاء كلام ليو رداً على اسئلة عن تصريحات اخيرة لوزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني في الصين. إذ دعت الى فرض"عقوبات صارمة على ايران". نجاد ووصف الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد العقوبات الأميركية الجديدة على بلاده بأنها"خاوية"، وقال إن واشنطن تستخدم"عملاءها في الداخل للتأكيد على أن العقوبات اثرت في الأوضاع في ايران، وان الشعب الإيراني يواجه مشكلات اقتصادية"، متوعداً بتطهير البلاد من"الأيدي الخبيثة التي تعبث بالاقتصاد". وردّ أحمدي نجاد على شرط الرئيس الأميركي جورج بوش تخلي ايران عن طموحاتها النووية للحوار، قائلاً:"لا نرغب في إجراء محادثات مع أميركا، والشعب الإيراني ليس في حاجة إلى الولاياتالمتحدة". إلى ذلك، اعتبر احمدي نجاد أن الموضوع النووي انتهى بنظر بلاده، وان"الملف النووي هو الآن لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية". واتهم الولاياتالمتحدة بمحاولتها إقناع الدول الاخرى لإصدار قرار جديد ضد ايران"لكنها لم توفق حتى الآن". واشار الى ان الشعب الإيراني"أهل للحوار في ظروف عادلة ومتكافئة، لكنه لن يساوم احداً على حقوقه القانونية والطبيعية". واتهم من وصفهم ب"القوى الفاسدة والمتغطرسة التي تعارض استقلال الشعب الإيراني"بوضع العراقيل"امام نجاح الشعب الإيراني". في غضون ذلك، انتقد الناطق باسم الخارجية الايرانية محمد علي حسيني وزير الدفاع الفرنسي هيرفيه موران، الذي اتهم ايران بتطوير برنامج نووي عسكري، داعيا الى فرض عقوبات"احادية الجانب"على طهران. وقال حسيني ان"هذه التصريحات اللامسؤولة تكرار لتلك التي ادلى بها وزير الدفاع الفرنسي قبل شهرين في الدوحة"، واتهم الوزير الفرنسي بالسعي الى"تضخيم سيناريو مفبرك بشان البرنامج النووي الايراني السلمي". نيويورك وفي كلمة امام الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي انه"أمر مؤسف ان ايران لم توقف تخصيب اليورانيوم وتواصل بناء مفاعل يعمل بالماء الثقيل في اراك، وهو ما يخالف قرارات مجلس الامن". وقال:"لم تتمكن الوكالة حتى الآن من التحقق من جوانب مهمة معينة ترتبط بمدى وطبيعة البرنامج النووي الإيراني"، لكنه اعتبر أن موافقة ايران في آب أغسطس على خطة عمل بجدول زمني محدد لمعالجة القضايا المختلفة هي"خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح". وحض ايران على"التعاون النشط والشفافية"في تعاملها مع الوكالة حتى يمكنها اقناع العالم بأن طموحاتها النووية سلمية. وحذر سفير ايران لدى الاممالمتحدة محمد خزاعي من ان الإجراءات الاميركية الآحادية الجانب، تهدد بتقويض تعاون بلاده مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال ديبلوماسي اميركي بارز انه لا مؤشرات إلى ان ايران ستوقف تخصيب اليورانيوم، وان واشنطن تمضي قدماً في صوغ قرار جديد للأمم المتحدة يفرض عقوبات في آخر تشرين الثاني نوفمبر لزيادة الضغوط على ايران. وقال السفير الأميركي زلماي خليل زاد، ان واشنطن تعمل ضمن ثلاثة محاور فيما يتعلق بإيران الاول ينطوي على خطة البرادعي والثاني يتعلق بمحادثات تركز على وقف تخصيب اليورانيوم. وقال خليل زاد:"الثالث هو صوغ قرار جديد لزيادة الضغوط على ايران وحفزها على التعاون، اذا عزفت عن التعاون في مسار من المسارين الآخرين او كليهما". في غضون ذلك، اعلن النجل البكر لشاه ايران السابق رضا بهلوي ان النظام الإيراني"يقترب اكثر واكثر من الحصول على السلاح النووي"، في مقابلة مع صحيفة"دي برس"النمسوية. وقال بهلوي الذي يعيش منفياً في الولاياتالمتحدة:"عندما سيحصل على السلاح النووي سيستعمله". وأعرب عن تأييده تعزيز الضغط على النظام الإيراني و"العقوبات الاقتصادية الذكية التي تطال قادة النظام وليس الشعب". واشار الى ان المطلوب قبل اي شيء، هو دعم المعارضة الإيرانية والعصيان المدني. وقال"انه الطريق الثالث وبرأيي الاكثر ضماناً والاكثر شرعية والاكثر فعالية". استطلاع جاء ذلك فيما اظهر استطلاع للرأي نشره معهد"زغبي"، ان اكثر من نصف الاميركيين يؤيدون توجيه ضربات إلى ايران ويعتقدون بأنه يمكن ان يحصل ذلك قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني نوفمبر 2008. وجاء في الاستطلاع ان 52 في المئة من الذين سئلوا رأيهم يؤيدون توجيه ضربات اميركية وقائية ضد ايران، لمنعها من صنع قنبلة نووية. واعتبر 53 في المئة من المستطلعين انه من الممكن ان تشن هذه الضربات قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.