تفاعلت استقالة الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني التي اعتبرت تمهيداً لتشديد الرئيس محمود احمدي نجاد قبضته على إدارة الملف النووي. وانتقد الرئيس السابق محمد خاتمي بعد صمت طويل السياسة الاقتصادية للحكومة، متهماً إياها ضمناً بتزوير طرق احتساب التضخم المواكب لارتفاع الأسعار، لاخفاء المشكلة. كذلك انتقد علي اكبر ولايتي وزير الخارجية السابق وأحد كبار مساعدي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي خروج علي لاريجاني من منصبه ككبير المفاوضين النوويين. ونقلت وكالة"فرانس برس"عن ولايتي :"يبدو انه كان من الأفضل ألاّ يحدث ذلك استقالة لاريجاني. وفي هذا الوضع المهم والحساس الذي تشهده المسألة النووية كان من الأفضل ألاّ تحدث هذه الاستقالة أو على الأقل منع حدوثها". في موازاة ذلك، انتقد خاتمي، في مقابلة مع صحيفة"سرمايه"، سياسة نجاد الاقتصادية. وقال"ان المواطنين يشعرون بآثار التضخم حين يتسوقون، وبإمكانكم تقديم إحصاءات لتأكيد عدم وجود تضخم أو تغيير القواعد العلمية لإعلان أرقام عن التضخم تناسبكم". واتهم الحكومة باللجوء الى"تغيير طرق احتساب المعطيات أو النفي التام لوجود مشكلات". وأضاف خاتمي الذي تولى الرئاسة من 1997 الى 2005:"يمكن ان يخفي ذلك المشكلات فترة من الزمن، لكن مثل هذه الأساليب لا يتيح تسويتها"في النهاية. ويؤكد البنك المركزي الإيراني ان ارتفاع نسبة التضخم تسارع ليبلغ 15.8 في المئة خلال عام في نهاية أيلول سبتمبر، مقابل 13.5 في المئة في نهاية آذار مارس. وتقترب هذه النسبة من 18 في المئة في المدن. ويسعى الإصلاحيون الى إبراز ارتفاع الأسعار والركود الاقتصادي لإعادة تعبئة ناخبيهم والعودة بقوة الى البرلمان العام المقبل والإعداد للانتخابات الرئاسية صيف 2009. من جهة اخرى، دعا الرئيس نجاد مؤسسات الدولة والإذاعة والتلفزيون إلى"نشر ثقافة التقشف على كل الصعد الحياتية والمعيشية"، في مواجهة أي عقوبات اقتصادية قد تفرض على بلاده بسبب خلفية برنامجها النووي، وعدم الانصياع الى قرار مجلس الأمن وقف تخصيب اليورانيوم على أراضيها، في وقت أكد وزير الخارجية منوشهر متقي، في رسالة الى نظيره الفرنسي برنار كوشنير، أن طهران لن تتخلى عن حقها في الطاقة النووية المدنية، وندد بمطالبة فرنسا بفرض عقوبات أوروبية على إيران. وانتقد متقي"ضغوط فرنسا لفرض عقوبات إضافية أحادية"من الاتحاد الأوروبي، معتبراً أن"تشجيع الاتحاد على التحرك في هذا الاتجاه، يعني اتباع سياسة سبق أن فشلت". في غضون ذلك، اعتبرت أوساط روسية ان استقالة لاريجاني هي بمثابة نوع من الرد على"اقتراحات"قدمها الرئيس فلاديمير بوتين الى الجانب الإيراني خلال زيارته طهران الأسبوع الماضي، لتسوية أزمة الملف النووي. وتحدثت وسائل إعلام روسية أمس عن"تسريبات"نسبت الى مصادر ديبلوماسية، حول مضمون اقتراح روسي أعلنه لاريجاني ونفاه الرئيس نجاد. وتزامنت المبادرات الروسية مع تلميحات أميركية في هذا الاتجاه، إذ أشار نائب وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون أوروبا وأوراسيا دانيال فريد، إلى أن واشنطن مستعدة للاتفاق مع موسكو في قلقها، والتخلي عن نشر عناصر منظومة الدفاع المضاد للصواريخ في أوروبا الشرقية، ولكن على روسيا في المقابل إقناع إيران بوقف برنامجها النووي. الى ذلك، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، في مقابلة نشرتها صحيفة"لوموند"الفرنسية:"أريد ان يدرك الناس ان إيران لن تشكل تهديداً اعتباراً من الغد، ولسنا حالياً في صدد ان نسأل أنفسنا: هل يجب قصف إيران أو تركها تحوز قنبلة ذرية". وأضاف:"لا يمكنني الحكم على النيات في شأن حيازة قنبلة نووية، ولكن يلزم إيران ثلاث - ثماني سنوات للتمكن من ذلك، وكل أجهزة الاستخبارات متفقة على ذلك". وزاد"أمامنا كثير من الوقت لاستخدام كل الوسائل الديبلوماسية، بما فيها العقوبات".