وظائف للأذكياء فقط في إدارة ترمب !    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    زيلينسكي يقول إن "الحرب ستنتهي بشكل أسرع" في ظل رئاسة ترامب    ترامب ينشئ مجلسا وطنيا للطاقة ويعين دوغ بورغوم رئيسا له    إسبانيا تفوز على الدنمارك وتتأهل لدور الثمانية بدوري أمم أوروبا    "أخضر الشاطئية" يتغلب على ألمانيا في نيوم    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    "سدايا" تنشر ورقتين علميتين في المؤتمر العالمي (emnlp)    نيوم: بدء تخطيط وتصميم أحياء «ذا لاين» في أوائل 2025    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    لجنة وزارية سعودية - فرنسية تناقش منجزات العلا    نجاح قياس الأوزان لجميع الملاكمين واكتمال الاستعدادات النهائية لانطلاق نزال "Latino Night" ..    اختتام مزاد نادي الصقور السعودي 2024 بمبيعات قاربت 6 ملايين ريال    "الشؤون الإسلامية" تختتم مسابقة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في غانا    منع استخدام رموز وشعارات الدول تجارياً في السعودية    منتخب مصر يعلن إصابة لاعبه محمد شحاتة    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    ابن جفين: فخورون بما يقدمه اتحاد الفروسية    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    رتال تختتم مشاركتها كراعٍ ماسي في سيتي سكيب بإطلاق حزمة مشاريع نوعية بقيمة 14 مليار ريال وتوقيع 11 اتفاقية    بعثة الاخضر تصل الى جاكرتا استعداداً لمواجهة اندونيسيا    القوات الجوية السعودية تختتم مشاركتها في معرض البحرين الدولي للطيران    جدة تشهد أفراح آل قسقس وآل جلمود    إحباط تهريب 380 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    القمر البدر العملاق الأخير    تركي آل الشيخ يعلن القائمة الطويلة للأعمال المنافسة في جائزة القلم الذهبي    قادة الصحة العالمية يجتمعون في المملكة لضمان بقاء "الكنز الثمين" للمضادات الحيوية للأجيال القادمة    المملكة تواصل توزيع الكفالات الشهرية على فئة الأيتام في الأردن    فريق قوة عطاء التطوعي ينظم مبادرة "خليك صحي" للتوعية بمرض السكري بالشراكة مع فريق الوعي الصحي    جامعة أمّ القرى تحصل على جائزة تجربة العميل التعليمية السعودية    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    ميقاتي: أولوية حكومة لبنان هي تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    "الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحد    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    قتل أسرة وحرق منزلها    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    الخرائط الذهنية    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    لماذا فاز ترمب؟    «السوق المالية»: تمكين مؤسسات السوق من فتح «الحسابات المجمعة» لعملائها    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    الشؤون الإسلامية في منطقة جازان تقيم مبادرة توعوية تثقيفية لبيان خطر الفساد وأهمية حماية النزاهة    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    استعادة التنوع الأحيائي    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مزارعو المخدرات اللبنانيون حصدوا موسمهم في معمعة معارك المخيم ورئاسة الجمهورية !
نشر في الحياة يوم 21 - 10 - 2007

بعد العام 1992 أقدمت الدولة اللبنانية على اتلاف حوالى ستة عشر ألف هكتار من الحشيشة القنب الهندي في منطقة بعلبك الهرمل في البقاع اللبناني، ووُعد المزارعون بزراعات بديلة واستراتيجية مدعومة من برنامج الأمم المتحدة الانساني.
بعد اتفاق الطائف رضخ الأهالي لحكم الدولة الغائبة منذ حوالى 20 سنة. وحاولوا الامتناع قدر المستطاع عن زراعة المخدرات التي كانت مصدر رزق مهم لغالبيتهم، إذ كانت تدرّ سنوياً نحو خمسمئة مليون دولار.
يروي أبو جعفر الذي كان يملك مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في جرود الهرمل، أن"الحشيشة كانت العصب الاقتصادي الأساس في حياتنا. أما الآن فمعظمنا لم يعد لديه ما يكفيه لتعليم أولاده وإطعامهم". لم يستسلم الرجل الخمسيني لأوامر الدولة كلياً اذ يقول"كنا نحاول أن نزرع تصرف الأراضي في الجرود العالية كل سنة، علّ الدولة تغضّ النظر أو تنسى". ويضيف:"أحياناً كنا ننجح بحصد بعض الهكتارات، وأحياناً كانت عناصر قوى الأمن الداخلي تقضي على الأخضر واليابس. ويبدو أن مفهوم النظام والقانون مرتبط في ذهنية سياسيينا بإتلاف الحشيشة فقط!".
يرافقنا أبو جعفر في"الميني باص"المتواضع الذي استبدله منذ خمس سنوات، بعد أن ضاقت به سبل العيش، بسيارته من نوع مرسيدس 500، في الهرمل وجوارها."الله يرحم أيام العزّ"، يقول بحسرة ويتابع سيره في شوارع البلدة الرئيسة الوعرة.
تختلف حال الأهالي بين حيّ وآخر. بعضهم استطاع أن يهاجر ويُحسّن أحوال بيته وعائلته، وغالبيتهم ممن ورثوا مهنة الزراعة عن أجدادهم لم يستطيعوا استبدال زراعة المخدرات ببدائل تردّ عنهم العوز. بل على العكس، إذ يؤكد أبو علي أحد وجهاء بلدة مجدلون أن"نصف المزارعين الذين استبدولوا الحشيشة بالبطاطا والبندورة والذرة والشمندر والمقتى واللوبياء وغيرها، خسروا ملايين الدولارات"؟ ويوضح أن"معظم المساحات الزراعية لا طرقات تصل أصحابها إليها، ولا تصلها مياه الري، إضافة إلى انعدام خطة تسويقية لتصريف المزروعات وبيعها أو تصديرها".
ويرى أبو علي أن هذه الأسباب كانت كافية لتراكم الخسائر والديون على المزارعين الذي حمّلتهم الحكومة اللبنانية مسؤولية استبدال زراعة الحشيشة وحدهم من دون أي دعم حقيقي.
يوافق أبو سهيل الذي باع كل ما يملك في قريته بوداي غرب بعلبك، ليُسدّد أقساط جامعات أولاده، على كلام أبو علي. ويصرّ على أنه لا بديل من زراعة الحشيشة في البقاع لأنها ذهبٌ أبيض يدرّ أموالاً طائلة من دون تكلفة تذكر، على المزارع والدولة". ويؤكد أبو سهيل أنه لن يسمح لإهمال الدولة أن يبعده عن أرضه ثانية،"زراعة الحشيشة ستعود رغماً عن أنف الجميع. يكفي ما عانيناه من جوع وحرمان. وهذه المرّة سنمنع عمليات التلف بأرواحنا"!
قرى وبلدات المنطقة شبه فارغة من سكانها، خصوصاً الشباب منهم الذين ضاقت بهم سبل العيش. هاجر من هاجر، والتحق قسم كبير منهم بپ"حزب الله"، وانتقل قسم آخر إلى أحزمة البؤس. فأصبحت المنطقة مهجورة وبورت الأراضي التي كانت تُدرّ ذهباً. وتشير الاحصاءات إلى أن هناك قرى، غادر ما يقارب ال70 في المئة من سكانها، بسبب وقف زراعة المخدرات.
قلّة من المواطنين بقيت لكن معظمهم ليسوا مزارعين في الأصل، أو بدّلوا مهنتهم. فلم يصمد هناك سوى الموظّفين في السلك العسكري والتربوي والحكومي عموماً، أو أصحاب المحال التجارية الصغيرة، أو من يتدبرون أمرهم من خلال أعمال حرّة أبرزها نقل الركاب بين البلدات وبيروت.
قرار العودة إلى زراعة الحشيشة اتّخذ، والمحصول هذه السنة كان استثنائياً. أما الأهالي فمُصمّمون على منع القوى الأمنية من إتلاف مزروعاتهم، ولو بالقوّة. أبو جعفر وأبو سهيل وأبو علي، أكدوا أن ما حصدوه هذه السنة من زراعة الحشيشة قد يفرج عنهم الضائقة المالية التي عانوها في السنوات الماضية، مصرّين على معاودة الزراعة في السنة المقبلة. وهذه السنة برهنت الدولة اللبنانية عن عدم قدرتها على صدّهم، لانشغالها بمعارك مخيم نهر البارد في شمال لبنان، لعجز سياسييها على الاتفاق على مرشّح لرئاسة الجمهورية.
وتقدر السلطات مساحة الاراضي التي تمت زراعتها هذه السنة بالقنب الهندي بنحو 7500 هكتار، وهي اكبر مساحة منذ انتهاء الحرب عندما بدأت الحكومة حملتها للقضاء على زراعة المخدرات بضغوط من الامم المتحدة. وفي السنة الماضية أُتلف ما يقارب 217100 متر مربّع، بحسب وزارة الداخلية. ويقدر محصول هذه السنة بحوالى 225 مليون دولار وهو مبلغ باهظ على رغم انه لا يوازي سوى نصف مردود الاتجار بالحشيشة في الثمانينات.
وأكد رئيس مكتب مكافحة المخدرات المقدم عادل مشموشي لوكالة الصحافة الفرنسية منذ أيام، انه كان مصمماً على اتلاف المزروعات الممنوعة، لكن أسباباً أمنية حالت دون قيامه بذلك. وقال:"كنا قد حددنا ثماني مناطق في البقاع والهرمل، لكن انخراط الجيش في المعارك ضد مجموعة"فتح الاسلام"في مخيم نهر البارد حال دون تأمينه سلامة عناصري". وأشار مشموشي الى ان اصحاب الجرافات الخاصة الذين طلب منهم المساهمة في اتلاف المزروعات اعتذروا عن القيام بالمهمة بعدما تلقوا تهديدات. وعندما حاول عناصر مكتب مكافحة المخدرات اتلاف شتول القنب الهندي في قرية بوداي، اطلقت باتجاههم نيران الرشاشات وقذائف مضادة للدروع ار بي جي.
وأضاف مشموشي:"اضطررنا الى الانسحاب. أردنا ان نعود في اليوم التالي لكننا كنا على ثقة بأنهم سيكونون لنا بالمرصاد وأردنا ان نتجنب التصعيد".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.