أخذ الكثير من العادات والتقاليد العراقية، خصوصاً في بغداد بالتلاشي بسبب الوضع الأمني المتردي في البلاد، ومن التقاليد القديمة زيارة الأقارب والأصدقاء ومصالحة الاشخاص المتخاصمين. لكن في ثاني أعوام الفرز المذهبي بين الأحياء بعد تفجيرات سامراء انحصرت هذه العادات داخل الحي والزقاق الواحد. وتوافد عشرات الآف من الزوار القادمين من المحافظات على النجف لزيارة قبور الراحلين والأضرحة. واتخذت السلطات المحلية اجراءات أمنية مشددة لإحياء هذه المناسبة، وقال العميد قيس الحسناوي، المسؤول عن الامن في محافظة النجف ل"الحياة""اتخذنا اجراءات أمنية مشددة لحماية سكان النجف والوافدين"، وأضاف:"تم تقسيم المدينة الى ثلاثة اجزاء لنتمكن من السيطرة عليها. ونشرنا عناصر من الاستخبارات بين الناس في الاسواق، فضلا عن نقاط التفتيش وتسيير دوريات الشرطة في كل الأنحاء". وشهد الصحن الحيدري في النجف دخول عشرات الآلاف من الزوار إلى مرقد الإمام علي بن أبي طالب لأداء مراسيم الزيارة. وتقول ام كمال 52 سنة من حي الشعلة شمال بغداد انها تخشى الذهاب الى حي الغزالية لزيارة أختها كما اعتادت في السنوات الماضية، وفي كل عيد والسبب هو"الخوف وفقدان الثقة بين الأحياء المختلفة مذهبياً"، وتضيف"اختي متزوجة من سني وهو بدوره يخاف دخول حي الشعلة. وتحول العيد لدينا الى مناسبة لتذكر الايام الماضية والحسرة عليها، إذ اعتدت ان تكون اختي اول الذين ابادلهم التهاني". وتضيف هذه السيدة استهجانا أنها تتبادل واختها الدعوات التي لا تنفذ. فكل واحدة"تدعو الاخرى الى زيارتها مؤكدة ان الوضع الامني في هذا العيد افضل من سابقه لكن من دون جدوى إذ انعدمت الثقة بين احياء العاصمة"، وتقترح"مصالحات بين وجهاء هذه الاحياء كي تعود الحياة الى مجاريها". ويفضل معظم اهالي بغداد تبادل التهاني بالمكالمات الهاتفية او رسائل الجوال او عبر شبكة الانترنت، متجنبين التنقل بين مناطق غير متأكدين من سلامة الوضع الأمني فيها. اما عائلة ابو قاسم 72 عاماً، فتمثل شريحة كبيرة من العراقيين من ذوي المعتقلين في السجون الاميركية، إذ تتركز جهودها على محاولة زيارة ولدها جاسم المعتقل منذ ثلاث سنوات لدى القوات الاميركية وبلهفة ينتظرون يوم"مواجهة المعتقلين". ويقول ابو قاسم"اعتدنا على زيارة جاسم في اول يوم من كل عيد، إذ يسمح لنا بمواجهة اطول معه في مثل هذه المناسبات لذا ننتظر هذا اليوم بفارغ الصبر". ويشير الى ان عائلته تستعد للزيارة قبل ايام"لتجهيز الاطعمة والملابس وكل ما يحتاجه جاسم في معتقله الذي طال اعتقاله فيه". وما تبقى من عادات العيد القديم هو زيارة القبور ولم تتغير هذه الحالة بل ازداد اقبال الناس على زيارة قبور موتاهم وعلى رغم وجود عدد من المقابر الا ان مقبرة وادي السلام في النجف تشهد اقبالاً منقطع النظير ويتوجه اليها عشرات الاف خلال ايام عيد الفطر الثلاثة. وتؤكد ام امجد انها ستقضي ايام العيد في المقبرة بين قبري ولديها امجد وعلاء، اللذين قتلا في تفجيرات الجامعة المستنصرية بداية العام الجاري، وتضيف"زوجي لا يسمح لي بزيارة قبري ولدي الا في العيد لهذا هي فرصتي الوحيدة لزيارة امجد وعلاء، إذ أنني أشعر براحة نفسية في مقبرة وادي السلام لا أجدها في بغداد منذ رحيلهما".