دخلت المؤسسة الدينية على خط الأزمة بين نقابة الصحافيين والحكم في مصر، إذ سجلت النقابة أمس موقفاً لافتاً حين انتقدت في شدة تصريحات لشيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي رأت فيها مشاركة في حملة"تحريض وإرهاب"ضد الصحافيين و"خلطاً معيباً للدين بالسياسة، بل والإساءة إلى سمعة مصر خارجياً وتشويه الدين الحنيف"، فيما أكد شيخ الأزهر تقديره للصحافة والصحافيين وتأييده لميثاق الشرف الصحافي وسعى إلى شرح تصريحاته التي أثارت غضباً عارماً في أوساط الصحافيين المصريين. وقالت نقابة الصحافيين في بيان أمس إن شيخ الأزهر"طالب بتطبيق عقوبة الجلد في قضايا النشر بل وأفتى فضيلته بعقوبات أخرى منها عدم قبول شهادة من صدر بحقهم حكم مسبق بالإدانة، فضلاً عن عزلهم مدى الحياة، ما يعني الحكم بإعدامهم إعداماً مدنياً". وأعربت النقابة عن صدمتها إزاء ما نُسب إلى شيخ الأزهر الذي"بدا وكأنه يشارك من موقعه الرفيع في حملة التحريض المتصاعدة ضد الصحافة والصحافيين وأصحاب الرأي التي تستهدف إرهاب وترويع الصحافيين". وأبدت حزنها وغضبها لأن"مثل هذه الأقوال والفتاوى الغريبة تصب في مجرى تشويه الدين الحنيف ووضعه على غير الحقيقة في موضع المجافي لأبسط حقوق الناس وهو الحق في الحرية عموماً". وأضاف البيان بلهجة حادة:"مثل هذه الفتاوى التي نُسبت إلى الإسلام لا يتوقف خطرها عند حدود إمداد أعداء الإسلام والمتربصين به بمدد جديد حول توظيف الخطاب الديني وخلط معيب للدين والسياسة، إنما يتجاوزه ليلحق أكبر الضرر بسمعة مصر خارجياً وبين المنظمات المحلية والإقليمية والدولية". وطالبت النقابة مؤسسة الأزهر الشريف بأن تكون"في موقعها الذي ينحاز إلى الحق والحرية ولكل المبادئ السمحة التي أتى بها الإسلام"، مضيفة:"إننا نربأ بقادة هذه المؤسسة ورموزها أن تشارك في معارك وأزمات تفجرها وتضعها قوى تريد أن تشد المجتمع كله إلى الوراء". وكانت وسائل إعلام مصرية نسبت إلى طنطاوي قوله تعليقاً على قضية الحكم بحبس صحافيين، في أثناء حضور الرئيس حسني مبارك الاحتفال بليلة القدر، إن من يقذفون غيرهم بالتهم الباطلة يعاقبون بالجلد. واعتبر بعض وسائل الإعلام أن شيخ الأزهر استغل تفسيره الخاص لبعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تدعو إلى القصاص من مثيري الفتن ومروجي الإشاعات في التحريض على الصحافة والصحافيين. ولشيخ الأزهر وقائع شهيرة مع الصحافيين في مصر، إذ تكرر أن اتهمه صحافيون بسبهم أو محاولة ضربهم أثناء لقاء صحافي. ورد شيخ الأزهر على بيان النقابة أمس فأكد تقديره للصحافة والصحافيين وتأييده لميثاق الشرف الصحافي وعلاقته الوطيدة بكل الصحافيين الذين يحملون"أمانة الكلمة بشرف ونزاهة ومسؤولية". وقال في تصريح إلى وكالة أنباء الشرق الأوسط إن"ما ذكره في كلمته خلال الاحتفال بليلة القدر يوم الاثنين الماضي في شأن حد الجلد 80 جلدة لمن يرمي المحصنات إنما هو إقرار لحكم الله في كل من يرتكب تلك المعصية وهو حكم شرعي عام لجميع الناس ولا يقصد به فئة معينة أو فلاناً من الناس"، مشيراً إلى أن"ما ذكره هو حكم شرعي وهو حكم القذف والسب والشتم وتوجيه الاتهام بالباطل بالجلد وفق ما ذكر في سورة النور"، مؤكداً أنه حكم عام ولا يقصد به فئة معينة كما صوره بعض الصحف. وانفجرت أزمة بين الحكم والصحافيين في مصر مع انتشار إشاعة عن مرض الرئيس حسني مبارك والتي أعقبتها إحالة رئيس تحرير"الدستور"إبراهيم عيسى على المحاكمة بتهمة ترويج الإشاعة. وتزامن ذلك مع صدور أحكام بحبس نحو عشرة صحافيين، بدءاً برؤساء تحرير صحف"الدستور"إبراهيم عيسى و"صوت الأمة"وائل الإبراشي و"الفجر"عادل حمودة و"الكرامة"عبدالحليم قنديل الذين حكم عليهم بالسجن سنة وغُرّموا 20 ألف جنيه بتهمة إهانة الرئيس مبارك ورموز الحزب"الوطني"الحاكم.