أطلقت السلطات الجزائرية حملة واسعة لرصد تحركات الناشطين المسلحين في مختلف الولايات بهدف وضع خطط أمنية جديدة وتدابير وقائية لمنع حدوث تفجيرات أو اعتداءات في الأماكن العامة، وسط مخاوف من أن تستقطب "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" ناشطين جدداً بعد تغيير اسمها إلى"تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي"وتركيزها نيرانها على أهداف أجنبية في دول المنطقة. ووزعت قيادات المناطق العسكرية في الولايات كافة إعلانات صغيرة وملصقات كبيرة موجهة للمواطنين لحضهم على الإبلاغ"عن أي تحركات مشبوهة". واعتبر محللون أن الأجهزة الأمنية تهدف من نشر هذه النداءات إلى الحصول على معلومات ميدانية تتعلق بنشاط خلايا جديدة يُعتقد أنها تشكلت أخيراً من دون معرفة هوية أصحابها وأماكن وجودهم. وجاءت هذه التحركات متزامنة مع إعلان"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"الجزائرية أنها تنتظر"توجيهات"من تنظيم"القاعدة"بزعامة أسامة بن لادن لمعرفة كيفية التحرك"في المرحلة المقبلة"، إضافة إلى إعلانها تغيير اسمها إلى"تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي". وهو التغيير الذي قالت الجماعة إنه"علامة على صحة الوحدة، وقوة الائتلاف، وصدق الارتباط بين المجاهدين في الجزائر، وسائر إخوانهم في تنظيم القاعدة". وعلى رغم أن الصلة بين"الجماعة"و"القاعدة"برزت جلية منذ العام 2002، فإن خبراء أمنيين رجحوا أن ينعكس هذا التحول على نشاط التنظيم المسلح في الجزائر خلال الفترة المقبلة بتركيز أكبر لعملياته على الأهداف الأجنبية. وكان لافتا التركيز على العلم الأميركي والاستعانة بتصريحات سابقة لبن لادن ومساعده أيمن الظواهري في شريط مصور وزعته"الجماعة السلفية"قبل أيام للاعتداء الذي استهدف نهاية العام الماضي حافلة كانت تقل موظفين في شركة"براون آند رووت كوندور"التي تملك نصف أسهمها شركة"هاليبرتون"النفطية الأميركية في إحدى أكثر المناطق تأميناً غرب العاصمة. واستعملت"الجماعة"للمرة الأولى عبارات مثل"علج صليبي"في الإشارة إلى مديري الشركة الأميركية. وتجزم السلطات الجزائرية بأن التهديد الإرهابي للأشخاص والممتلكات أصبح محدود التأثير. لكن خبراء في الشأن الأمني يؤكدون أن التحول الذي طرأ على"الجماعة السلفية"سيعزز قوة التنظيم الجزائري وتأثيره"كمصدر إزعاج أساسي لأجهزة الأمن في شمال أفريقيا". وفي حين سجلت مراجع أمنية تراجعاً محسوساً لاعتداءات"الجماعة السلفية"ضد المدنيين وحتى قوات الأمن أخيراً، فإن الانضمام إلى"القاعدة"قد يجلب للجماعة مزيداً من الشبان الناقمين على مواقف واشنطن وسياساتها في العراق وفلسطين. وخلال العام المنتهي، تمكنت السلطات الجزائرية من توقيف العشرات من شبكات تجنيد المقاتلين لتسفيرهم إلى العراق. وتبين أن عدد هذه الشبكات في تزايد مستمر بسبب تعاطف الإسلاميين مع السنة في العراق ورغبتهم في قتال القوات الأميركية هناك. ويعتقد محللون بأن هذه الشبكات قد تصبح معملاً جديداً لتفريخ كوادر جديدة تنضم إلى"الجماعة السلفية"في ثوبها"القاعدي"، مستغلة التطورات في العراق وفلسطين، خصوصاً بعد تراجع نسبة المقاتلين الذين يقررون الالتحاق بها بهدف إقامة"الدولة الإسلامية"في الجزائر، في ضوء فتاوى جديدة لعلماء السلفية تحظر الخروج على الحاكم. وعززت"الجماعة"خلال الأعوام الأخيرة علاقاتها مع الإسلاميين المتشددين في تونس والمغرب. وأوقفت الأجهزة الأمنية عدداً كبيراً من هؤلاء في الجزائر خلال العامين 2004 و 2005. وأكد وزير الداخلية الجزائري يزيد زرهوني قبل أيام العثور على أدلة تؤكد وجود صلة بين"الجماعة السلفية"والتنظيم التونسي الذي دخل في مواجهات مسلحة مع قوات الأمن جنوب العاصمة التونسية نهاية العام الماضي. وكانت"الجماعة السلفية"أبدت رغبتها في الانضمام إلى تنظيم"القاعدة"العام 2001، كما كانت وراء سلسلة عمليات"استعراضية"، أبرزها خطف 42 سائحاً أوروبياً في الصحراء في كانون الثاني يناير 2003، والهجوم على ثكنة لمغيطي شمال موريتانيا في أيار مايو 2005.