اليونيفيل : لم نسهّل أي عملية اختطاف أو أي انتهاك للسيادة اللبنانية    اكتشاف قرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر    الأردن: لن نسمح بمرور الصواريخ أو المسيرات عبر أجوائنا    رونالدو يعلق على تعادل النصر في ديربي الرياض    إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبد العزيز الملكية    وسم تختتم مشاركتها في أبحاث وعلاج التصلب المتعدد MENACTRIMS بجدة    «الداخلية»: ضبط 21370 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود.    بلدية محافظة البكيرية تنفذ فرضية ارتفاع منسوب المياه وتجمعات سطحية    الهلال يتفوق على سلسلة الأهلي بعد ديربي الرياض    حقيقة انتقال نيمار إلى إنتر ميامي    السعودية تعرب عن قلقها إزاء استمرار القتال في السودان الشقيق وتصاعد أعمال العنف التي طالت المدنيين من نساء وأطفال    مرثية مشاري بن سعود بن ناصر بن فرحان آل سعود    الشيف الباكستانية نشوى.. حكاية نكهات تتلاقى من كراتشي إلى الرياض    المملكة "برؤية طموحة".. جعلتها وجهة سياحية عالمية    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    في الجوف: صالون أدب يعزف على زخات المطر    مثقفون يناقشون "علمانيون وإسلاميون: جدالات في الثقافة العربية"    معدل وفيات العاملين في السعودية.. ضمن الأدنى عالمياً    "الأرصاد": أمطار على منطقة المدينة المنورة    آلية جديدة لمراجعة أجور خدمات الأجرة عبر التطبيقات    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    انطلاق فعاليات "موسم التشجير السنوي 2024" ، تحت شعار "نزرعها لمستقبلنا"    هيئة الهلال الاحمر بالقصيم ترفع جاهزيتها استعداداً للحالة المطرية    جمعية البر بالجنينة في زيارة ل "بر أبها"    الكلية التقنية مع جامعة نجران تنظم ورشة عمل بعنوان "بوصلة البحث العلمي"    أمانة القصيم تقيم المعرض التوعوي بالأمن السيبراني لمنسوبيها    ضمك يتعادل إيجابياً مع الرياض في دوري روشن للمحترفين    تن هاج يشكر جماهير مانشستر يونايتد بعد إقالته    وقاء جازان ينفذ ورشة عمل عن تجربة المحاكاة في تفشي مرض حمى الوادي المتصدع    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار سقف محطة قطار في صربيا إلى 14 قتيلاً    الشؤون الإسلامية في جازان تطلق مبادرة كسوة الشتاء    أروماتك تحتفل بزواج نجم الهلال "نيفيز" بالزي السعودي    تصعيد لفظي بين هاريس وترامب في الشوط الأخير من السباق للبيت الابيض    ماسك يتنبأ بفوز ترمب.. والاستطلاعات ترجح هاريس    الحمد ل«عكاظ»: مدران وديمبلي مفتاحا فوز الاتفاق    المذنب «A3» يودِّع سماء الحدود الشمالية في آخر ظهور له اليوم    الرياض تشهد انطلاق نهائيات رابطة محترفات التنس لأول مرةٍ في المملكة    حائل: إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بوادي السلف    البدء في تنفيذ جسر «مرحباً ألف» بأبها    مبدعون «في مهب رياح التواصل»    الطائرة الإغاثية السعودية السابعة عشرة تصل إلى لبنان    أمير المدينة يرعى حفل تكريم الفائزين بجوائز التميز السنوية بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    ما الأفضل للتحكم بالسكري    صيغة تواصل    هاتف ذكي يتوهج في الظلام    الدبلة وخاتم بروميثيوس    أماكن خالدة.. المختبر الإقليمي بالرياض    السل أكبر الأمراض القاتلة    الأنساق التاريخية والثقافية    هوس التربية المثالية يقود الآباء للاحتراق النفسي    «الرؤية السعودية» تسبق رؤية الأمم المتحدة بمستقبل المدن الحضرية    عمليات التجميل: دعوة للتأني والوعي    المرأة السعودية.. تشارك العالم قصة نجاحها    عن فخ نجومية المثقف    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان ملك إسبانيا إثر الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق بلاده    مدير هيئة الأمر بالمعروف في منطقة نجران يزور مدير الشرطة    أمير منطقة تبوك ونائبه يزوران الشيخ أحمد الخريصي    لا تكذب ولا تتجمّل!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاولات التنظيم المسلح لم تفض إلى "رأب الصدع" وتبني "بدر موريتانيا" أغرق الجماعة في أزمة جديدة الجزائر : "التائبون" عملاء مصالح الأمن في "الجماعة السلفية" وراء أزمة مع تنظيم "القاعدة"
نشر في الحياة يوم 11 - 06 - 2005

أثار الاعتداء الذي استهدف مركزاً للجيش الموريتاني في منطقة المغيثي على بعد نحو 400 كيلومتر شرق الزويرات بالقرب من مثلث الحدود الموريتانية - الجزائرية - المالية، السبت الماضي تساؤلات العديد من الأوساط المهتمة بتطورات الوضع الأمني في منطقة الساحل الإفريقي حول حقيقة التهديدات الأمنية في المنطقة ودرجة حضور تنظيم"القاعدة"فيها.
وفي حين أعلن تنظيم"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"مسؤوليته عن الاعتداء الذي هز هيئة أركان الجيش الموريتاني وقف متخصصون في الشأن الأمني على"تناقضات"بيانات التبني وعلى"أزمة الثقة"التي ظلت تعصف بعلاقة التنظيم المسلح الجزائري مع تنظيم"القاعدة"منذ خريف عام 2002.
وكانت السلطات الموريتانية اتهمت رسمياً"الجماعة السلفية"بالوقوف وراء الإعتداء بعد أكثر من ثلاثة أشهر على اتهامات متكررة ضد هذا التنظيم بمحاولة زعزعة أمن موريتانيا وبعد سلسلة اعتقالات استهدفت إسلاميين في عدد من المدن الموريتانية. ولكن المتخصصين في الشأن الأمني يفضلون الوقوف على حقيقة تطور العلاقة بين"الجماعة السلفية"وتنظيم"القاعدة"على اعتبار أن هذه العلاقة تحدد درجة التهديدات في المنطقة ككل.
تقول مراجع جزائرية مهتمة بالوضع الأمني في منطقة الساحل الإفريقي أن الاعتداء الذي استهدف مركزاً عسكرياً في موريتانيا يعتبر"قفزة نوعية"في سياق تصاعد أعمال العنف في منطقة الساحل. لكنها أبدت شكوكاً في أن تكون"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"الجزائرية فعلاً وراء الاعتداء الذي خلف 18 قتيلاً وعدداً أكبر من الجرحى.
وباستثناء تصريح وزير الدفاع الموريتاني باب ولد سيدي بأن"وحدة من جيشنا الوطني تعرضت لهجوم من قبل الجماعة الإرهابية المعروفة باسم الجماعة السلفية للدعوة والقتال"فإن حصيلة الهجوم تبقى غامضة. وحتى بيانات التبني التي نشرتها"الجماعة السلفية"على موقعها على الإنترنت لم تورد معطيات جديدة من شأنها أن تعزز صدقية تبني هذه العمليات الأولى من نوعها خارج الاراضي الجزائرية.
واعترف التنظيم المسلح في البيان الأول الذي صدر مساء الأحد بأنه يفتقد إلى معلومات ميدانية حول الهجوم الذي وقع الجمعة في 3 حزيران يونيو واستند في تقديم حصيلة القتلى والخسائر المادية، للمرة الاولى، إلى ما وصفها ب"مصادر العدو"في إشارة إلى البلاغ الرسمي الذي أصدرته وزارة الدفاع الموريتانية حول الهجوم المسلح. ودعا بيان"الجماعة السلفية"متصفحي موقع التنظيم المسلح إلى مطالعة صحف عربية وأوروبية مثل جريدة"لوموند"الفرنسية وهو أسلوب لم تألفه الجماعة المسلحة منذ نشأتها سنة 1998 ويعكس، بحسب محللين، حالة الجهل بما حصل في الميدان.
وحتى بيان التبني الثاني الذي صدر في اليوم التالي عن التنظيم نفسه بعنوان غزوة"بدر موريتانيا"لم يورد بدوره معلومات جديدة عن الهجوم. فباستثناء تصحيح تاريخ الاعتداء بالإشارة إلى أنه وقع فجر السبت 4 حزيران بدل الجمعة فإن الحصيلة التي أعلن عنها هي نفسها التي أعلنتها سلطات نواكشوط مع تأكيد البيان أن المسلحين الذين نفذوا الهجوم"رجعوا الى قواعدهم سالمين غانمين"وهو معطى يكذبه تصريح وزير الدفاع الموريتاني بعد ذلك عندما كشف عن قتل خمسة من المهاجمين وإصابة عدد آخر بجروح.
ويعتقد متخصصون في الشأن الأمني أن قراءة متأنية في البيانات الصادرة عن"الجماعة السلفية"تسمح بمعرفة درجة مسؤولية التنظيم المسلح في هذا الاعتداء الذي جاء في وقت يشهد التنظيم تراجعاً ملحوظاً لأنشطته المسلحة على محور مناطق الصحراء منذ نهاية العام الماضي. اذ كان آخر اعتداء هو الحاجز المزيف الذي كان ضحيته رئيس دائرة بولاية أدرار 1800 كلم جنوب. ويبرر هؤلاء تراجع الأنشطة المسلحة في الصحراء إلى التدابير الإضافية التي وضعتها السلطات الجزائرية في عدد كبير من المسالك التقليدية في الصحراء وبعض المراكز التي يشتبه في أنها قد توفر لهم ملجأ مميزاً.
وتشير السلطات الأمنية عادة بأصابع الاتهام إلى مختار بلمختار المدعو"الأعور"و"خالد أبو العباس"أمير المنطقة التاسعة الصحراوية في تنظيم"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"والذي يقود كتيبة تتكون من نحو 50 ناشطاً يتحركون على محور شاسع يمتد من مناطق الحدود مع مالي والنيجر إلى سلسلة جبال بوكحيل في وسط البلاد. و"الأعور"مسؤول عن شبكات تموين التنظيم المسلح بالأسلحة والذخيرة وكان تنقل منذ مطلع سنة 2000 في عدد من دول الساحل بما في ذلك بوركينافاسو وله علاقات وثيقة مع شبكات التهريب التي توفر له أموالاً طائلة في الصحراء.
ويقول محللون أن الإعتداء الذي أودى، الثلاثاء، بحياة 13 من عناصر الحرس البلدي في منطقة عين الريش في ولاية المسيلة 270 كلم جنوب شرق على محور مرتفعات جبال بوكحيل يحمل بصمات"الأعور"الذي ينشط في هذه المنطقة ويعتقد بأنه لم يغادر هذه المرتفعات الجبلية منذ مطلع العام حين نصب كمين استهدف قافلة عسكرية وأودى بحياة 18 عسكرياً. وتعتبر هذه السلسلة الجبلية بتضاريسها الوعرة حلقة الوصل الطبيعية بين الصحراء والسلسلة الجبلية التي توجد فيها معاقل التنظيم المسلح في ولايات تيزي وزو 100 كلم شرق، بومرداس 50 كلم شرق وبجاية 300 كلم شرق.
كتيبة طارق بن زياد
ومنذ أكثر من سنة لم تسجل السلطات الجزائرية نشاط"الأعور"على جهة الحدود مع مالي أو النيجر ولا حتى مع موريتانيا. وخلال الفترة الأخيرة لم ترد أيضاً مؤشرات أو علامات تؤكد وجود ناشطين في هذه المناطق التي يستغلها المسلحون الناشطون ضمن شبكات التهريب للتنقل بين مختلف هذه الدول عبر مسالك تقليدية.
وتشير تقارير هيئات دولية الى أن مسلحي شبكات التهريب يعتبرون ثاني أكبر تهديد أمني في المنطقة. ونبه تقرير أعدته الشرطة الدولية"أنتربول"سنة 2003 إلى خطورة هذه الشبكات التي نجحت في التحالف مع الناشطين الأصوليين في المنطقة لضمان حماية متبادلة بين الطرفين ضد محاولات سلطات هذه الدول بسط سيطرتها على المناطق الحدودية.
وتقدر مصادر شبه رسمية عائدات شبكات التهريب بمئات الملايين من الدولارات سنوياً نتيجة أنشطة غير مشروعة في تهريب التبغ والسجائر والأسلحة. وتعتمد هذه الشبكات على حماية مسلحة أضحت توفرها لها سرايا أصولية تنشط تحت لواء كتيبة"طارق بن زياد"وهي كتيبة تضم أصوليين جنسيات من عدة في دول منطقة الساحل الإفريقي وبينهم اصوليون من موريتانيا، مالي والنيجر وناشطون في"الجماعة السلفية". وعادة يقدم المهربون قسطاً من المال إلى عناصر هذه الكتيبة وفي المقابل تتولى هذه العناصر ضمان أمن المهربين في هذه المناطق الشاسعة وعدم الاعتداء عليهم.
"أزمة الثقة"مع تنظيم"القاعدة"
لكن لماذا تبنت"الجماعة السلفية"بيان غزوة"بدر موريتانيا"؟ وهل صحيح أنها تقف فعلاً وراء الاعتداء؟ أم أن القصد من التبني كان تحقيق أهداف أخرى؟ وإلى أي حد يرتبط التنظيم المسلح الجزائري عمليا مع تنظيم"القاعدة"؟.
يقول متخصصون في الشأن الأمني أن الإعتداء الذي استهدف المركز العسكري في موريتانيا هو على الأرجح من تدبير مجموعات إسلامية مسلحة موريتانية قد تكون نجحت في كسب معاونين لها من بين العسكريين الموريتانيين مما سهل مهمتها قتل هذا العدد من العسكريين. ويستبعد هؤلاء أن يكون الاعتداء ككل من تدبير وتنفيذ"الجماعة السلفية"الجزائرية التي لا يتجاوز عدد نشطائها في الصحراء ككل 50 عنصراً.
وإضافة إلى أن المعطيات الميدانية التي تشير إلى أن"الأعور"وجماعته بعيدون عن المناطق الحدودية منذ نهاية العام الماضي على الأقل فإن لجوء التنظيم المسلح الجزائري إلى تبني الإعتداء يعود بحسب هذه المصادر إلى محاولة تجاوز"أزمة الثقة"التي تعيشها"الجماعة السلفية"مع بعض المرجعيات الأصولية القريبة من تنظيم"القاعدة"بزعامة أسامة بن لادن.
وتعود هذه"الأزمة"غير المعلنة حتى الآن إلى خريف عام 2002 عندما أعلنت السلطات الجزائرية عن مقتل أبو محمد اليمني موفد تنظيم"القاعدة"إلى منطقة الصحراء والساحل الإفريقي والذي كان في مهمة بحث عن مراكز لجوء في المنطقة للنظر في إمكان إقامة معسكرات تدريب ومعاقل لجوء بديلة من المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان.
وقد تبين لاحقاً بحسب إفادات"تائبين"من التنظيم المسلح أن مقتل أبو محمد اليمني كان بسبب خلاف بين أمير المنطقة الخامسة عماري صايفي المدعو"البارا"معتقل لدى السلطات الجزائرية الذي كان يرغب في أن يحتكر الاتصال مع موفد تنظيم"القاعدة"باعتباره رجل ميدان له خبرة عسكرية كبيرة بينما كان"الأعور"أمير المنطقة التاسعة الصحراوية، الذي رافق أبو محمد اليمني من الحدود مع النيجر إلى غاية ولاية باتنة، يفضل تمكين موفد"القاعدة"من لقاء الأمير السابق ومؤسس"الجماعة السلفية"حسان حطاب المدعو"أبو حمزة"وقيادة الجماعة لفهم منهجية التنظيم وبحث ما يمكن توفيره في الجزائر أو القيام به معه في منطقة الساحل. وجاء أبو محمد اليمني إلى الجزائر بفضل توصية ناشطين جزائريين في أوروبا كانوا على صلة بتنظيم"القاعدة"وحاولوا ربطه بالجماعة لتمكينها من الحصول على"دعم شرعي ومادي"يمكنها من تجاوز أزمة توقف الدعم الذي كانت توفره شبكات الدعم في الخارج بعد أحداث أيلول سبتمبر 2001. ويؤكد"تائبون"أن أحد ناشطي التنظيم أبلغ قوات الجيش بمسار تنقل أبو محمد اليمني الذي لقي مصرعه بعد اشتباك عنيف مع قوات الجيش الجزائري الذي نصب كميناً لعدد من مسلحي"الجماعة السلفية"وقد نجا"الأعور"من الموت.
"بيان نصرة"
وفي محاولة لتجديد الصلة بتنظيم"القاعدة"والناشطين الأصوليين في الخارج بعد قتل أبو محمد اليمني أصدر الأمير السابق في تنظيم"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"نبيل صحراوي بياناً قرر فيه سحب بيان سابق كان أصدره في 11 سبتمبر 2001 الأمير الأسبق حسان حطاب ونفى فيه ارتباط تنظيمه بالجماعات الأصولية في الخارج وعلى رأسها تنظيم"القاعدة".
ومما جاء في"بيان نصرة"الذي أصدرته قيادة التنظيم المسلح بتاريخ 11 أيلول 2003."تعلن الجماعة السلفية للدعوة والقتال للعالم عموماً وللمسلمين خصوصاً ولاءها لكل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ولكل مجاهد رفع راية الجهاد في سبيل الله في فلسطين وأفغانستان - بإمارة الملا محمد عمر حفظه الله - وتنظيم القاعدة بإمارة الشيخ أسامة بن لادن - حفظه الله - والشيشان والفيليبين وكل أسير في سجون الطواغيت وتدعو كل المجاهدين - كل في موقعه - إلى توحيد الكلمة ورص الصفوف". وتابع"وبهذه المناسبة تعلن الجماعة السّلفية للدعوة والقتال رجوعها عمّا ورد من أخطاء في البيان رقم16 المؤرّخ في 2 رجب 1422ه الصادر في أعقاب أحداث ايلول سبتمبر 2001م وتقرر سحبه… قال الله تعالى:"ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا".
تهديد القمة العربية
وقبل أشهر من القمة العربية عبرت"الجماعة السلفية"لأصوليين في الخارج عبر الإنترنيت أنها في صدد التحضير لعملية استعراضية"تعيد للأمة عزتها"وتبين لاحقا أن التنظيم المسلح كان يحضر لتنفيذ اعتداءات ضد القادة العرب أو الوفود المرافقة لهم خلال مشاركتهم في"قمة الجزائر"في منتصف آذار مارس الماضي في محاولة لتأكيد حضور التنظيم المسلح في المشهد الجزائري وقدرته على تحقيق ما عجزت عنه حركات متطرفة أخرى في باقي البلاد العربية. لكن مصالح الأمن بادرت إلى وضع خطة أمنية بديلة نجحت، باستثناء بعض الاعتداءات ضد قوات الأمن والدرك، في شل نشاط عناصر التنظيم المسلح بالكامل وحدت من هامش تحركه بخاصة في العاصمة والضواحي في شكل حال دون قدرة"الجماعة السلفية"على تنفيذ تهديداتها التي وردت في بيان"قمة الذل العربي وإفلاس الأنظمة المرتدة"والذي أصدره أميرها أبو مصعب عبد الودود.
وشاية بالمجموعة التونسية
لكن الأزمة الأكبر التي هزت علاقة"الجماعة السلفية"مع ناشطي تنظيم"القاعدة"والمرجعيات الدينية التي تؤيده في الخارج كانت اعتقال المجموعة التونسية التي انتقلت إلى الجزائر في مهمة تدريب عسكري على تقنيات تخريب وتفجير بقصد تنفيذ اعتداءات مسلحة في تونس قبل نهاية العام الجاري.
وتؤكد مصادر مطلعة أن إفادات الناشطين التونسيين أشارت إلى أن أشخاصاً في الخارج كانوا وراء انتقالهم إلى الجزائر مما عزز الاعتقاد بأن الانتقال إلى معاقل"الجماعة السلفية"يندرج ضمن خطة حضر لها مؤيدون لتنظيم"القاعدة"بهدف تنفيذ اعتداءات استعراضية في تونس. وأفاد طلبة تونسيون سيرحلون قريباً إلى بلدهم لمحاكمتهم بتهم"تشكيل مجموعة إرهابية"أنهم يعتقدون بأنهم ضحية وشاية داخلية قام بها ناشطون في"الجماعة السلفية". لكن محللين قالوا أن الأمر يتعلق ب"تائبين"أضحوا يوفرون معلومات دقيقة لمصالح الأمن الجزائري عن نشاط التنظيم المسلح وتحركاته مقابل الافادة من سياسة المصالحة الوطنية والعفو الشامل. ويعترف"تائب"سابق في الجماعة السلفية للدعوة والقتال أن اعتقال الشباب التونسيين الذين كانوا في مهمة إلى معاقل التنظيم المسلح الجزائري"ضربة قوية لصدقية الجماعة في الخارج"وشبّه الحادث بما كانت تقوم به الجماعة الإسلامية المسلحة في منتصف التسعينات من اغتيالات للناشطين الأصوليين الذين جاؤوا من المغرب وليبيا وتونس لمساعدتها في الحرب ضد السلطات قبل أن يُصفوا على يد قيادة التنظيم المسلح بزعامة جمال زيتوني المدعو أبو عبدالرحمن أمين.
الحرب على الأجانب
وساهمت هذه التطورات السلبية على جبهة العلاقة بين"الجماعة السلفية"وناشطي"القاعدة"في محاولات قيادة التنظيم المسلح الجزائري تجاوز الشكوك التي كانت تصدر عن بعض المرجعيات الدينية في الخارج في شأن"سلفية المنهج"الذي تعتمده ومدى تقاربها مع منهج تنظيم"القاعدة"، وهو ما دفع الأمير السابق لتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال نبيل صحراوي المدعو أبو إبراهيم مصطفى إلى إصدار بيان"حرب الأجانب"في شهر حزيران عام 2004 أعلن فيه توسيع الاعتداءات، وقال في بيان له أن التنظيم المسلح"يقرر في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الأمة المسلمة عموماً، والمجاهدون خصوصاً إعلان حربها على كل ما هو أجنبي كافر - داخل الحدود الجزائرية - سواء في ما يتعلق بالأفراد والمصالح والمنشآت".
لكن البيان الذي كان الهدف من إصداره تحقيق تقارب أكبر مع"القاعدة"خصوصاً في الحرب ضد الولايات المتحدة الأميركية ووجه بانتقاد أحد أهم المرجعيات الأصولية في الخارج وهو عبدالمنعم مصطفى حليمة المدعو أبو بصير الطرطوسي الذي أصدر رسالة مطولة بعنوان"ليس لكم هذا الحق"عبر فيها عن رفضه مضمون الفتوى التي أصدرتها الجماعة السلفية، وقال:"أطالب إخواني في الجماعة السلفية للدعوة والقتال بأن يتقوا الله .. وأن لا يتعدوا حدودهم... وأن يُعلنوا تراجعهم نزولاً عند حكم الله عما عزموا عليه .. وهم أهل لذلك إن شاء الله". وتابع:"ليس من حقكم شرعاً أن تسلبوا عشرات الملايين من المسلمين. حقهم في تأمين من أرادوا إدخاله من غير المسلمين الى ديارهم بأمانٍ منهم... شريطة أن يكون هؤلاء من غير الأجانب الكافرين دخلوا الديار غير محاربين، ولا معينين لمحاربين .. وظلوا محافظين على هذا الوصف طيلة إقامتهم في ديار المسلمين".
وفي الواقع يقول أحد المهتمين بملف"الجماعة السلفية"لم يكن بيان الحرب على الأجانب إلا جزءاً من"صراع فقهي"حول شرعية الأساليب التي يعتمدها التنظيم الجزائري في تنفيذ اعتداءاته.
إثراء ميثاق"الجماعة"
ويقول"تائبون"من التنظيم المسلح بأن الشكوك التي أثارتها مرجعيات أصولية في الخارج في شأن منهج ومبادئ"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"دفعت قيادة الجماعة في فترة إمارة نبيل صحراوي المدعو أبو مصطفى إبراهيم في العام 2004 إلى المبادرة إلى اقتراح مراجعة مواثيق التنظيم المسلح الذي تأسس عليها سنة 1998 قصد الحصول على"تزكية"تنظيم"القاعدة"وتمكينه من الإشراف على نشاط الجماعات المسلحة في منطقة الساحل الإفريقي.
وجاء في مبادرة تعديل مواثيق الجماعة السلفية والتي نشرت على موقع التنظيم المسلح تحت عنوان"استنصاح حول إثراء الميثاق"الإشارة إلى أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال"جماعة سلفية مجاهدة تأسست بعد انحراف الجماعة الإسلامية المسلحة ولكون الانحراف طارئاً عن منهج الجهاد الأول بادر أبناء الجهاد الأوفياء إلى تأسيس الجماعة السلفية للدعوة والقتال".
وسجلت قيادة التنظيم المسلح أنه"بعد مرور سنوات على وضعه، تعزم الجماعة السلفية للدعوة والقتال على إثرائه راجية من الله أن يكون نموذجاً لسائر الجماعات الجهادية، فالرجاء من كل مسلم يحب الخير للجهاد والمجاهدين وسائر المسلمين أن يبادر للمساهمة في هذا الإثراء بالنصح والتعقيب والبحوث الشرعية والدراسات العلمية والعملية". ويعترف"تائب"سابق في التنظيم المسلح أن القصد من هذه المبادرة التي لم تكن محل إجماع قيادة التنظيم المسلح كان الحصول على مساهمات ناشطين في تنظيم"القاعدة"أو مرجعيات مؤيدة له.
فتاوى العلماء
وبادرت الجماعة السلفية في وقت لاحق إلى مراسلة ناشطين في تنظيم"القاعدة"في المملكة العربية السعودية للحصول على دعم إعلامي عبر مجلة"صوت الجهاد"انطلاقاً من الأوضاع الصعبة التي كانت تمر بها في الجزائر. وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها"الحياة"التأكيد على أنه"في هذه الظروف الحرجة التي تمرّ على الإسلام والمسلمين، والجهاد والمجاهدين في كل قطر ومصر، تتخطّفهم جيوش اليهود وأهل الصّليب وكلابهم من المرتدّين في أكبر هجمة شرسة عرفها تاريخهم، من مطاردة وقتل وتشريد وخطف في البلدان وتسليم لسجون الطّواغيت، واحتلال للأرض وهتك للعرض وتدنيس للمقدّسات، فأصبح لزاماً عليهم أكثر من أيّ وقت مضى أن يوحّدوا صفوفهم ويتناصروا في ما بينهم ويشحذوا هممهم للذود عن دينهم ومقدّساتهم".
وتعترف قيادة"الجماعة السلفية"في رسالتها إلى المشرفين على موقع"صوت الجهاد"بأن أهم معضلة لا تزال تواجههم هي الحصول على فتاوى العلماء في شأن شرعية العمل المسلح الذي تقوم به بحيث تذكر أنه"كان للمجاهدين في الجزائر نصيب من ابتلاءات زلزلوا بها زلزالاً شديداً، ومن بين تلك الابتلاءات فتوى بن عثيمين شهر صفر 1420 ه". ومضمون فتوى الشيخ العثيمين بحسب الرسالة هو"دعوة صريحة لتخلي المقاتلين في الجزائر عن الجهاد والإسراع إلى النزول من الجبال، ومغادرة الثغور، والاستجابة لدعوة المصالحة مع الطاغوت، وأعداء الأمة وأئمة الكفر الذين تعج بهم بلادنا". وتسببت هذه الفتاوى بحسب السلطات في"توبة"أكثر من 1000 مسلح على الأقل من ناشطي"الجماعة السلفية"بين العامين 1999 و2000.
وعرضت الرسالة أثر الفتوى على عناصر التنظيم المسلح"لقد نزلت هذه الفتوى علينا نحن المجاهدين كالصّاعقة وكانت قاصمة ظهرنا والله المستعان، وما زال مفعولها جارياً إلى يومنا هذا بحيث وظّفها الطّاغوت الجزائري في أوساط الشّباب المسلم عموماً ليصّدهم عن اعتناق الجهاد وليغرس فيهم معتقد الإرجاء الذي استفحل في بلادنا الجزائر، لعدم وجود أو لقلّة الردود على أمثال هذه الفتاوى التي ينشرها دعاة الإرجاء، فلذا وجب على العلماء والدّعاة وطلبة العلم المخلصين أن يتعاونوا وتتكاثف جهودهم للرد عليها، وكذا الشُّبه التي تصدر عن أولئك المنتسبين إلى العلم والتي لها أثر كبير في إضعاف شوكة المجاهدين وإحداث شروخ في صفهم، والتي كانت سبباً أيضاً في استنزاف جهودهم وقدراتهم المادّية والمعنويّة. ولهذا نطلب من إخواننا القائمين على مجلة صوت الجهاد دعم إخوانهم المجاهدين في الجزائر بالتعقيب على فتوى بن عثيمين وتبيان وجه الخطأ فيها والتي أثرت كما ذكرنا في شكل كبير حيث نزل بسببها عدد كبير لا يستهان به من المجاهدين، وهذا الطلب وجه من أوجه النّصرة التي أمرنا الله بها في حقّ المسلمين، ناهيك عن المجاهدين الذّين هم حصن الإسلام المنيع".
ويخلص مهتمون في الشأن الأمني إلى القول بأن"الجماعة السلفية"بوضعها الحالي بإمكانها تبني أي تفجيرات استعراضية في الخارج إذا وجهت ضدها أصابع الاتهام رسمياً لأن قيادتها تعتقد بأن ذلك قد يخفف من عزلتها الخارجية وقد يكون ذلك أيضاً الخيار الوحيد لمحاولة تجاوز"أزمة الثقة"مع تنظيم"القاعدة". وإضافة إلى ذلك فإن تبني أي عملية بهذا الحجم قد يكون وسيلة لرفع معنويات ما تبقى من عناصر التنظيم المسلح، وهم نحو 420 مسلحاً في الجزائر بحسب تقديرات شبه رسمية، بعد فقدان التنظيم المسلح لكوادر بارزة خلال الأشهر الأخيرة سواء بسبب"التوبة"أو بسبب العمليات الناجحة التي تقوم بها قوات الأمن الجزائري بدعم عملياتي يوفره عملاؤها الجدد من"التائبين"الذين أضحوا أهم تهديد يستهدف عناصر"الجماعة السلفية". ولم تؤثر التهديدات والتصفيات الجسدية التي شنها التنظيم المسلح ضد"التائبين"في وقف تعاون هؤلاء مع مصالح الأمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.