لم توفر السنوات التي أمضتها كلوديا مرشيليان في عالم التمثيل، فرصة سطوع نجمها كممثلة أولى، لأسباب أوّلها وأهمّها أن ساحة النتاجات الدراميّة اللبنانيّة ضيّقة، لا تتسع لعدد إضافي من نجمات الصف الأوّل، اللواتي نسي المشاهد أسماء بعضهن ووجوههن، لكثرة غيابهن عن الدراما، فبقيت في الصف الثاني. لكنها منذ انتقالها لتجسيد دور الكاتبة، حظيت بفرصة ذهبيّة، وتراكمت الأعمال والكتابات، بعدما وجدت من يؤمن بموهبتها من المنتجين والمخرجين، واعترف"معظم"كتاب السيناريو بجودة نصّها. بدايتها الفعليّة ككاتبة سيناريو، كانت من خلال ثلاثين حلقة رمضانيّة من الكوميديا البوليسيّة"عمول كونترول"، لكن مقالاتها الأسبوعيّة في جريدة النهار اللبنانيّة قبل ذلك، هي التي أوحت للكاتب شكري أنيس فاخوري، أن كاتبة هذه السطور، قادرة على معاونته في كتابة الشق الدرامي لبرنامج"الحل بإيدك". وهكذا كرّت سبحة الأعمال الدراميّة، الكوميديّة، التاريخيّة وغيرها. ومع تغييب الأعمال الدراميّة عن الشاشات اللبنانيّة، لم تسنح الظروف للمشاهد العربي التعرف على مرشيليان الكاتبة إلاّ بأعمال قليلة، لكن الفترة المقبلة، ستشهد عرض مسلسلاتها الواحد تلو الآخر على شاشة"أل بي سي"الفضائيّة اللبنانيّة. من هنا السؤال: إلى أي مدى أخذت الكتابة كلوديا مرشيليان من التمثيل وهل هي نادمة على الابتعاد القسري عن الظهور امام الشاشة؟ تجيب:"أبداً، لم أعد أجد الوقت كما في السابق، لكن الكتابة"شغلة"حلوة"، وتضيف:"لولا ارتباطي بحلقات"فاميليا"، ما كنت لأوافق على تجسيد الدور، خصوصاً أنني أكتب أدواراً لي في المسلسلات التي اكتبها ثم أتنازل عنها لغيري. ففي"نضال"مثلاً كتبت لنفسي دور"كفا"المرأة المقاومة التي يقتل زوجها وأولادها على أيدي الأتراك في زمن الاحتلال العثماني، غير أن كثرة انشغالاتي حالت دون قيامي به، فأسند إلى الممثلة نغم أبو شديد التي أجادت أداءه". وعن استبعادها منذ بداية مشوارها عن أدوار البطولة المطلقة، تقول:"إن أكثر الممثلين الذي يؤدون البطولات المطلقة، يغيبون اليوم عن التمثيل، كما أن ممثلي الأدوار الثانية، يستفيدون أكثر، وهنا لا أتكلم ماديّاً فحسب، بل عن نوعية الأدوار الأكثر اختلافاً والأكثر تنوّعاً، لأن البطل لا تسند إليه عادة أدوار الشر، بينما أنا خلال مسيرتي، أديت دور المحامية، المرأة خفيفة الظل في"نيال البيت"، وشاركت بدور ديني، وأديت دور فتاة عمياء في"اسمها لا"، ولو كان يعنيني أن أجسد الدور الأوّل لكنت كتبته لنفسي". وتشير إلى أنها كممثلة ستطل في الفترة المقبلة في مجموعة من الأعمال منها"جميل وجميلة"،"زهرة الخريف"وپ"ابني". أما ككاتبة فتتحدث مرشيليان عن أعمالها الجاهزة للعرض قريباً، وهي حلقات"نضال" بطولة عمار شلق، ندى أبو فرحات ويوسف حدّاد وإخراج إيلي حبيب،"الليلة الأخيرة"بطولة ريتا برصونا ويورغو شلهوب، فضلاً عن الكوميديا الساخرة"مش ظابطة"بطولة وسام صبّاغ، باسم مغنية، نادين الراسي، ليليان نمري وعمر ميقاتي، كما سلمت أخيراً موسماً جديداً من"آدم وحوا"الذي يعرض على شاشة"المستقبل". وتلفت إلى أنها تواصل كتابة حلقات"حواء في التاريخ"وهو دراما وثائقيّة يروي سيرة نساء من التاريخ في ثلاثيات، وتقول:"إن كتابة هذه السلسلة متعبة جدّاً، فهذه السلسلة طبخة بين الدراما والوثائقي، ونفّذتها على عمقها وصعوبتها ببساطة مطلقة، لتصل إلى كل إنسان حتى ولو كان أميّاً". وتوضح ان"المخرج سمير حبشي سيباشر تصوير الثلاثيّة الأولى عن زنوبيا وبطلتها كارول سماحة، على أن يصوّر في وقت لاحق ثلاثيات عن كليوباترا وتلعب دورها نادين الراسي، وعن نفرتيتي وتلعب الدور سيرين عبد النور... كما تلفت إلى أنها رسمت الحكاية الثالثة من سلسلة زمن وهي بعنوان"لونا"، ويفترض البدء بتنفيذها في شهر حزيران يونيو المقبل وبعدها الحلقات الدراميّة"الدكتورة هلا"مع النجمة رولا حمادة، إضافة إلى فيلم عن المسيح". وتؤكد مرشيليان أنها تجرب كل شيء، وتقول:"ليس بالضرورة أنني سأنجح في الأنواع كافة بالدرجة نفسها، لكنني لا أريد أن أسير على الخط، لأن من يسير على الخط لا يصنع جديداً". وتعرب مرشيليان عن اعتقادها بأن كل إنسان قادر على كتابة عمل درامي واحد، لكن مقياس النجاح هو بالاستمرار في الإبداع"، وتنقل عن نجيب محفوظ قوله حين سألوه عن سبب توقفه عن الكتابة في مرحلة من مشواره الأدبي:"لأنني أكتب عن الناس، عن الشارع، وحين شهدت مصر تحوّلاً، توقفت لأراقب"، علماً"أنه عاد بعد ذلك ليكتب أروع كتاباته"كما تقول. وتفضل مرشيليان الابتعاد عن تقويم زملائها الذين سبقوها في ميدان الكتابة، ومنهم مروان نجّار، شكري أنيس فاخوري، طوني شمعون ومنى طايع، لكنها مع ذلك تقول باختصار أن"فاخوري هو أهم من كتب الحوار الذي يدخل القلب بسلاسة"، وأن"نجّار هو التي كانت أفكاره دوماً تبهرنا، منذ أيّام"فارس ابن ام فارس"، اخترع لغة خاصة ينقلنا معها بين عالم الطفولة وعالم الكبار"، وأن"طايع حواراتها جميلة، وتكتب الكوميديا تماماً كما تكتب الدراما"، وأن"شمعون قصصه تجذب الناس". وحول الاتهام الموجه للدراما اللبنانيّة بأنها تغرد خارج سرب الواقع اللبناني، تقول:"احترنا، إذا كتبنا من واقع المجتمع اللبناني ننتقد وننعت بالرجعيّة، وإذا هربنا من الواقع يقال أن الكتابة تغرد خارج السرب".