واجهت الحكومة العراقية سيلاً من الانتقادات و"صدمة" دولية امس مع تنفيذ "وجبة" الاعدامات الثانية التي تمت بشنق برزان التكريتي الاخ غير الشقيق لصدام حسن، وعواد البندر رئيس محكمة الثورة، اللذين دفنا الى جانب الرئيس السابق في بلدة العوجة في تكريت بعد اقل من 12 ساعة على شنقهما في الموقع نفسه لاعدام صدام. واثار اعلان السلطات العراقية ان رأس برزان انفصل عن جسده خلال شنقه انتقادات واستياء واسع في دول العالم. راجع ص 2 و3 و4 وكانت بغداد اتخذت اجراءات "غير عادية" فجر امس وسمحت للموثوق فيهم فقط بحضور تنفيذ الحكم الذي صُدق في الخامس والعشرين من كانون الاول ديسمبر الماضي، ونُفذ بنده الاول بشنق صدام في الثلاثين من الشهر اي في اول ايام عيد الاضحى. وكان السفير الاميركي في بغداد زلماي خليل زاد اول المنتقدين للعملية اذ اعلن في مؤتمر صحافي، عقده مع الجنرال جورج كايسي للحديث عن خطة بغداد الامنية الجديدة، ان العملية كانت"إعداماً عراقياً"مؤكداً ان دور القوات الاميركية اقتصر على نقل برزان والبندر من مكان احتجازهما وتسليمهما الى العراقيين. ورداً على سؤال ل"الحياة"يتعلق بقانونية اعدام برزان المريض بالسرطان، قال احد قضاة التمييز السابقين في العراق، طالبا عدم ذكر اسمه، ان"القانون العراقي لا يتضمن نصاً صريحاً في شأن طريقة التعامل مع المدان المحكوم بالاعدام اذا كان مريضاً وينطبق هذا الحال على المحكمة الجنائية العليا المختصة بمحاكمة رموز النظام السابق". لكنه اضاف ان"القضاء العراقي لا يعتمد في العادة النصوص الحرفية في القوانين. انما تتداخل معها النصوص غير المكتوبة التي يدرج على تسميتها بالاعراف القضائية خصوصاً تلك التي تحوز اتفاقاً عالمياً وتاريخياً. والمتعارف عليه ضمن التجربة القضائية العراقية، التي لا تختلف عن التجارب الدولية، ان المدان المحكوم بالاعدام والمريض بما يسمى مرض الموت تصدر بحقه قرارات رحمة او عفو، ما شمل عدداً كبيراً من المحكومين خلال فترة مزاولتي القضاء". واوضح ان"هذه النقطة تحديداً يتصرف القاضي حيالها في نطاق صلاحياته بعد ايضاح اسباب العفو ومصادقة رئيس الجمهورية"، مشيرا الى ان حال برزان التكريتي تندرج ضمن تعبير"المريض بمرض الموت، ما يستدعي شموله بعرف العفو. لكن المشكلة ان قوانين المحكمة الجنائية الخاصة التي اختصت بمحاكمة رموز النظام السابق، لا تمنح هكذا استثناءات كما انها غير ملزمة باي عفو تصدره السلطة التنفيذية". ولم يكشف احد عن الاسباب التي ادت الى قطع رأس برزان عن جسده اثناء الشنق. وسارعت الحكومة الى دعوة عدد محدود من الصحافيين لمشاهدة فيلم قصير جداً لتنفيذ الحكم، ظهر فيه رأس برزان بعيداً عن جسده من دون ان يتضح المشهد الكامل لما جرى عندما تدلت الجثة بعد فتح كوة الشنق. وذكرت وكالة"اسوشييتد برس"ان شريط فيديو الاعدام اظهر ان خمسة حراس كانوا يحيطون ببرزان والبندر، وان رأس الاول ظهر ملقى على بعد امتار من جسمه. وافادت وكالة"رويترز"ان الحكومة لا تريد بث مشاهد العملية، وانها اكتفت بعرض الشريط على مجموعة مختارة من الصحافيين. وشهدت المناطق الشيعية في العراق، خصوصاً النجف احتفالات بتنفيذ اعدام ببرزان والبندر. واجمعت ردود الفعل الدولية، من اوروبا الى الولاياتالمتحدة على ادانة استمرار عمليات الاعدام في العراق واعربت دول اوروبية عدة عن رغبتها برؤية هذه الاعدامات تتوقف. واعرب الامين العام للامم المتحدة با كي -مون عن اسفه لتجاهل السلطات العراقية مناشدته عدم تنفيذ الاحكام. وفي الاقصر، اعربت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، في مؤتمر صحافي عقدته مع نظيرها المصري احمد ابو الغيط امس، عن"خيبة املها"ازاء الطريقة التي تم بها اعدام برزان والبندر، مشيرة الى انه كان يمكن القيام بذلك بشكل"اكثر صونا للكرامة". في حين اعلن ابو الغيط ان بلاده"تؤيد الخطة الاميركية"في العراق، لكنها تعتقد"بان هناك تعديلات دستورية مطلوبة لفتح الطريق امام مشاركة كل الاطياف العراقية في العملية السياسية". وقال ابو الغيط:"في ما يتعلق بالموقف المصري من محاولة مساعدة العراق في الخروج من الازمة الراهنة نحن في مصر، نتفهم وعلى استعداد لتأييد ونؤيد الاستراتيجية الاميركية التي نأمل بان تطبق من اجل تحقيق الاستقرار"في العراق. وصعدت الولاياتالمتحدة أمس لهجتها ضد ايران وسورية وأكدت نيتها ملاحقة"شبكاتهما في العراق"، في وقت أكدت الحكومة العراقية تمسكها بالحوار مع دول الجوار، معتبرة مهاجمة أي منهما إنطلاقاً من الأراضي العراقية"مساً"بالسيادة. واعلن وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس في بروكسيل ان تعزيز الوجود العسكري الاميركي في الخليج بمثابة اشارة موجهة"خصوصا الى ايران"بان الولاياتالمتحدة تعتزم البقاء لفترة طويلة في هذه المنطقة الاستراتيجية. وقال للصحافيين في ختام لقاء مع الامين العام لحلف شمال الاطلسي ياب دي هوب شيفر:"نود ببساطة ان نعلم جميع دول المنطقة اننا سنبقى في الخليج لفترة طويلة". من جهة ثانية قال مسؤول عراقي كبير إن"هذه آخر فرصة. الأميركيون سيتخلون عنا بعد الشهور السبعة". وأضاف:"اذا فشلت الخطة سيجري درس خيارات أخرى منها أن تتولى الاممالمتحدة ادارة العراق مع حكومة إنقاذ وطني". وقال مسؤول آخر أن"لا خيار أمام الميليشيات سوى الاستسلام، ولن نقبل أي ألاعيب أخرى. ستُستهدف حتى لو اختبأت في المساجد". لكن مصادر عراقية قالت أمس، أن المجموعات المسلحة السنية والشيعية تنوي تجنب المواجهة مع القوات الأميركية خلال تنفيذ الخطة الأمنية الجديدة، عبر الانسحاب من مواقعها وعدم تنفيذ عمليات واسعة النطاق داخل المدينة. غيتس: تعزيز الوجود العسكري في الخليج رسالة الى ايران مصر تؤيد الاستراتيجية الاميركية وتطلب تعديلات دستورية