يتوقع أن تشهد اقتصادات دول المنطقة معدلات نمو جيدة عام 2007 ، على رغم الانخفاض الكبير الذي سجلته أسواق الأسهم في هذه الدول وارتفاع أسعار الفائدة القصيرة الأجل خلال العام الماضي. وستساعد العائدات النفطية المرتفعة والسياسات المالية التوسعية، حكومات دول المنطقة على زيادة إنفاقها لتنفيذ مشاريع البنية التحتية العملاقة، إذ أُعلن عن مشاريع بقيمة ألف بليون دولار في دول الخليج خلال السنوات القليلة المقبلة، ستعطي دفعة قوية لنشاطات القطاع الخاص. ويتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج نمواً بالأسعار الثابتة في حدود 5 في المئة عام 2007، مقارنة ب 8.5 في المئة عام 2003، و5.9 في المئة عام 2004، و6.8 في المئة عام 2005 ، وما يقدّر ب 6 في المئة عام 2006. وسجلت الإمارات معدلات نمو اقتصادي بالأسعار الثابتة، كانت الأفضل بين دول الخليج خلال عام 2006 ، إذ قدرت بنحو 10.2 في المئة، تليها قطر بنسبة 7.5 في المئة، والكويت بنسبة 6.5 في المئة، والمملكة العربية السعودية بنسبة 6.2 في المئة والبحرين بنسبة 5 في المئة، وعُمان بنسبة 5 في المئة. ويتوقع أن تحقق قطر أفضل معدلات نمو اقتصادي بالأسعار الثابتة خلال عام 2007 بنسبة 8.6 في المئة، نتيجة ارتفاع معدلات إنتاجها من الغاز الطبيعي بنسبة 42 في المئة، إضافة الى الارتفاع الذي تحقق عام 2006، وكان 8.9 في المئة. وستليها الإمارات بمعدلات نمو تصل الى 7.2 في المئة، ثم عُمان بنسبة 5.9 في المئة، والمملكة العربية السعودية بنسبة 4.2 في المئة، والكويت بنسبة 4.1 في المئة. ويعود تراجع معدلات النمو الاقتصادي لعام 2007 بالأسعار الثابتة مقارنة بالعام الماضي إلى الانخفاض المتوقع في إنتاج النفط الخام لدول المنطقة العام الجاري. انخفضت مؤشرات أسواق أسهم دول الخليج العربي بما يزيد على 60 في المئة من أعلى نقطة وصلت إليها أواخر عام 2005، مسجلة تراجعاً نسبته 46 في المئة عام 2006. وهناك اختلالات هيكلية كثيرة ساهمت في موجة الهبوط، ومنها ضعف الاستثمار المؤسسي. إذ يسيطر قطاع الأفراد على حركة الأسواق بما لها من ثقافة مضاربة لتحقيق الربح السريع، وضعف الوعي الاستثماري، لجهة اختيار أسهم الشركات الجيدة، في وقت تعاني فيه أسواق الأسهم الخليجية انخفاض مستوى الإفصاح والشفافية. كما أفرطت المصارف في منح التسهيلات الائتمانية لمختلف شرائح المستثمرين والمضاربين، خصوصاً لتمويل الطرح العام الأولي للأسهم. كما كان لارتفاع سعر الفائدة المحلية وانخفاض سعر النفط عن المستويات القياسية التي وصلت إليها صيف 2006 ، تأثير نفسي سلبي على قرارات المستثمرين. ويُنظر إلى انفجار الفقاعة في السوق المالية، على أنها عملية معقدة وطويلة الأمد. وكما حدث في مناطق أخرى من العالم، غالباً ما تستمر الخسائر في أسواق الأسهم التي تتحقق بعد انفجار الفقاعة فيها، فترة زمنية قبل أن يعود الاستقرار التدريجي الى هذه الأسواق. وعلى رغم تضاؤل آمال مستثمرين صغار كثر في عودة أسعار الأسهم إلى الارتفاع بنسب عالية في المستقبل القريب، نعتقد بأن أسواق أسهم دول المنطقة ليست بعيدة من نقطة القاع لدورة الهبوط الحالية. ويتوقع أن تبقى الأسعار في الأشهر القليلة المقبلة ضمن نطاق هامش متاجرة محدود، لتؤسس بذلك قاعدة متينة للارتفاع. غير أنه يُستبعد أن تشهد أسواق الأسهم الخليجية فورة جديدة في الأسعار شبيهة بتلك التي شهدناها خلال 2003 - 2005. ويتوقع أن يطرأ انخفاض على معدلات التضخم في دول الخليج العربي عام 2007 ، خصوصاً في الإماراتوقطر، مع تراجع فائض الطلب في أسواق الإسكان لهذه الدول بعد تشييد آلاف الشقق والمنازل الجديدة التي ستصبح جاهزة العام الجاري. وسجلت دول الخليج ارتفاعاً في نسبة التضخم وصل معدله إلى 4 في المئة عام 2006 ، مقارنة ب 2.7 في المئة عام 2005، و1.8 في المئة عام 2004، و 1.3 في المئة عام 2003 و 0.8 في المئة عام 2002. ويتوقع أن تتراجع هذه النسبة عام 2007 الى 3.6 في المئة. وسجلت الإمارات أعلى نسبة غلاء معيشة بين دول الخليج عام 2006 بلغت 9.9 في المئة، نتيجة ارتفاع الإيجارات والتي تشكل 30 في المئة من مؤشر غلاء المعيشة. ويتوقع أن يتراجع معدل هذا التضخم إلى 7 في المئة عام 2007. ولا يتوقع أن يطرأ أي تغيير على معدل التضخم في المملكة العربية السعودية لعام 2007 ، ليبقى في حدود 1.8 في المئة. شهد متوسط سعر برميل خام نفط برنت ارتفاعاً من معدل 35 دولاراً عام 2004 الى 53 دولاراً عام 2005 ، ثم نحو 65 دولاراً عام 2006، أي بزيادة نسبتها 22 في المئة عن مستوياته عام 2005، ما أدى الى ارتفاع عائدات النفط في دول الخليج الستة من 320 بليون دولار عام 2005 إلى 400 بليون دولار عام 2006. وارتفعت فوائض الحساب الجاري الخارجي عام 2006 بنسبة 6 في المئة، لتصل إلى نحو 170 بليون دولار أي ما نسبته 28 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج الستة، مقارنة ب 13 في المئة عام 2003. أصبح العالم ينظر إلى منطقة الخليج على أنها سوق كبيرة ومتنامية للكثير من السلع والخدمات. كما لا تقل أهميتها كمصدر نمو للاقتصاد العالمي عن أهمية أسواق مثل الصين والهند وروسيا. ويتوقع أن يكون أداء معظم القطاعات الاقتصادية قوياً ومتواصلاً هذه السنة، خصوصاً شركات التأمين والرعاية الصحية والمرافق العامة والنقل والاتصالات وشركات تكنولوجيا المعلومات، والإنشاءات والقطاعات المرتبطة بها. أضف إلى ذلك الصناعات التحويلية والبتروكيماوية والدوائية والوجبات السريعة والمواد الاستهلاكية والترفيه والسياحة ومختلف القطاعات الخدماتية الأخرى. وتشهد المصارف وشركات الوساطة المالية تباطؤاً في معدلات نمو أرباحها من 22 في المئة عام 2006 الى معدل قد يتراوح بين 10 و 15 في المئة عام 2007. ماهو تأثير هذه التوقعات الاقتصادية في الشركات العاملة في دول الخليج؟ ان استبعاد إمكان بقاء الفورة الاقتصادية بالزخم الذي ظهرت عليه خلال السنوات القليلة الماضية تحليل منطقي. لكن لا تزال المنطقة بعيدة كل البعد من أي ركود اقتصادي محتمل. ومع انتهاء أيام الربح السريع في أسواق الأسهم والعقار في دول المنطقة، ستشتد المنافسة بين الشركات وستزداد أهمية تقليص كلفة الإنتاج. وسيبرز موضوع نقص اليد العاملة المؤهلة كأحد أهم التحديات التي ستواجه الشركات مستقبلاً، ما يتطلب من هذه الشركات التفكير جدياً في تغيير فلسفتها الإدارية وطريقة عملها والتأكد من أن لديها الفريق المؤهل، والمصادر المالية المطلوبة، والخطة الإستراتيجية، والقدرة على أخذ المبادرة للنمو في بيئة عمل أكثر تنافسية من الآن وصاعداً. * الرئيس التنفيذي، ل "أموال إنفست"