ارتفعت أسعار النفط العام الماضي لتصل إلى أعلى مستوى لها خلال العقدين الماضيين، إذ أغلق سعر برميل خام القياس الاوروبي "برنت" عند 30.17 دولار، بينما كان متوسط السعر خلال العام الماضي 28.8 دولار للبرميل أي بنسبة 15 في المئة أعلى من المتوسط الذي سجل عام 2002 عندما كان في حدود 25.03 دولار للبرميل، كذلك ارتفع متوسط سعر برميل "سلة أوبك" ليصل إلى 28.1 دولار للبرميل العام الماضي. وأدت الحرب على العراق وحالة عدم الاستقرار التي شهدتها أسواق النفط الدولية بالإضافة إلى سعي "اوبك" الحفاظ على أسعار نفط مرتفعة للتعويض عن تراجع القوة الشرائية لدول المنظمة من جراء ضعف سعر صرف الدولار إلى بقاء أسعار النفط أقرب إلى سقف الهامش السعري بين 22 و 28 دولاراً للبرميل. ويُتوقع ان تتراجع أسعار النفط بعض الشيء سنة 2004 إلى متوسط 27 دولاراً لخام "برنت" و26.5 دولار لبرميل "سلة أوبك"، بسبب عوامل العرض والطلب في سوق النفط الدولية. وبالنسبة إلى العرض، من المتوقع ان يرتفع السنة الجارية إنتاج النفط من الدول النفطية غير الأعضاء في "اوبك"، في الوقت الذي يتوقع ان تطرأ فيه زيادة على الإنتاج من بعض دول المنظمة مثل نيجيرياوالعراق والجزائر. وستغطي الزيادة المقدرة في الإنتاج من الدول غير الأعضاء في "اوبك" الطلب الدولي الاضافي على النفط المقدر بنحو 1.6 مليون برميل يومياً معظمها من الولاياتالمتحدة والصين، حيث يُتوقع ان يرتفع إنتاج روسيا من النفط نحو 600 ألف برميل يومياً على مستوياته عام 2003 في حين أن إنتاج افريقيا قد يرتفع بنحو 400 ألف برميل يومياً. السعودية حققت المملكة العربية السعودية معدلات نمو بالأسعار الحقيقية في حدود 6.4 في المئة عام 2003، وهي أعلى من 0.7 في المئة المسجلة عام 2002 و 1.1 في المئة المسجلة عام 2001. ويُقدر معدل النمو في اجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية لعام 2003 بنحو 12 في المئة ليصل إلى 211 بليون دولار، يعود معظمه إلى النمو المحقق في قطاع النفط بحدود 22.9 في المئة وارتفاع النفقات الحكومية بنحو 19.6 في المئة عما كان مقدراً لها في الموازنة. إلا ان هذا النمو لم ينعكس على معدلات التضخم المحلية التي بقيت عند معدلها 0.5 في المئة. ويعتبر الارتفاع الطفيف في معدلات التضخم أمر طبيعي بعد خمسة اعوام متعاقبة من انخفاض الأسعار بنسبة 0.7 في المئة سنوياً. وقدرت معدلات نمو الناتج المحلي بالأسعار الثابتة للقطاع الخاص في حدود 3.4 في المئة عام 2003، أي أقل بعض الشيء عن معدلات النمو التي سجلت في الأعوام الأربعة السابقة التي كانت في حدود 4 في المئة، والسبب في ذلك يعود إلى ضعف النمو في الفصل الأول من العام بسبب عوامل الترقب وعدم اليقين التي سبقت الحرب على العراق. وتم تسجيل معدلات نمو في القطاع الصناعي غير النفطي بنسبة 3.9 في المئة، وفي قطاع الإنشاءات بنسبة 2.8 في المئة والكهرباء والغاز والمياه بنسبة 6.2 في المئة، والاتصالات والنقل بنسبة 4.3 في المئة وتجارة الجملة والتجزئة والفنادق والمطاعم بنسبة 4.4 في المئة. وصاحب النمو القوي الذي شهده القطاع الخاص العام الماضي عوامل عدة أدت إلى تعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني يتوقع لها أن تنعكس إيجاباً على معدلات نمو القطاع الخاص للسنة الجارية أيضا. ومن ضمن هذه العوامل، تراجع أسعار الفائدة على الودائع بالعملة المحلية لتجاري أسعار الفائدة المنخفضة على الدولار، وقيام مؤسسة ستاندرد اند بورز برفع درجة تصنيف المملكة الائتماني بالعملة المحلية ولآجال طويلة إلى A" وبرفع درجة تصنيفها بالعملات الأجنبية ولآجال طويلة إلى A، وابتداء العمل بالاتحاد الجمركي بين دول مجلس التعاون الخليجي، والسماح للقطاع الخاص المحلي والأجنبي بالاستثمار في مشاريع إنتاج الغاز الطبيعي ومشاريع الكهرباء والمياه، وتخصيص جزء من أسهم شركة "الاتصالات السعودية". وكان أداء سوق الأسهم السعودية جيداً العام الماضي وارتفع مؤشر السوق بنسبة 76.2 في المئة مدعوماً بأسعار فائدة محلية متدنية ومستويات سيولة مرتفعة بالإضافة إلى عودة بعض رؤوس الأموال السعودية من الخارج والنتائج الجيدة للشركات السعودية المدرجة. وعلى رغم زيادة النفقات الحكومية في موازنة السعودية لسنة 2004 بنحو 10 في المئة على موازنة عام 2003 لتصل إلى 230 بليون ريال 61.3 بليون دولار إلا انها تقل بنسبة 8 في المئة عن الإنفاق الحكومي الفعلي لعام 2003. ويتوقع ان تتجاوز النفقات الحكومية سنة 2004 أيضاً المستويات المقدرة لها في الموازنة أي أن الحكومة ستتبع السياسة المالية التوسعية نفسها التي اتبعتها العام الماضي ما يؤدي إلى نمو القطاع الحكومي بنسبة 2 في المئة، في حين يتوقع للقطاع الخاص السعودي أن ينمو بنسبة 4 في المئة مدعوماً بمعدلات فائدة منخفضة وحجم سيولة فائضة. وسيعوض نمو القطاعات غير النفطية سواء الحكومية أو الخاصة النمو السلبي المتوقع للقطاع النفطي ليصل معدل نمو اجمالي الناتج المحلي بالأسعار الثابتة إلى 2 في المئة هذه السنة. الكويت وبعدما حققت الكويت نمواً في اجمالي الناتج المحلي بالأسعار الثابتة في حدود 1 في المئة عام 2002، ارتفع هذا النمو إلى نحو 4 في المئة العام الماضي. وانعكست الزيادة في مستويات إنتاج النفط وارتفاع أسعاره إيجاباً على اجمالي الناتج المحلي للقطاع النفطي كما أن ارتفاع العائدات النفطية شجع الدولة على زيادة نفقاتها ما دعم النمو في القطاع العام. واستفاد القطاع الخاص الكويتي من زيادة الطلب على المواد والخدمات المساندة التي وفرها لقوات التحالف إضافة إلى عودة الكويت للتصدير مجدداً إلى العراق. وعادت الثقة إلى السوق الكويتية بعد الإطاحة بالنظام السابق في بغداد الأمر الذي أدى إلى تشجيع الاستثمارات المحلية وعودة بعض رؤوس الأموال الكويتية المستثمرة في الخارج إلى البلاد. وحققت سوق الأسهم الكويتية عام 2003 أفضل أداء خلال العقدين الماضيين إذ أن المؤشر أنهى العام الماضي على ارتفاع بنسبة 101.7 في المئة. وأدى تراجع أسعار الفائدة وارتفاع الطلب على التسهيلات الائتمانية إلى زيادة مستويات السيولة المحلية بنسبة 11 في المئة عام 2003. وبموجب قانون الاستثمار الجديد الذي أدخل في تشرين الأول اكتوبر من العام الماضي، تم تحرير الاستثمار الأجنبي من القيود وأصبح يحق للأجنبي الآن الاستثمار في معظم القطاعات الاقتصادية الكويتية باستثناء قطاعات النفط والكهرباء والاتصالات. وتبقى التوقعات الاقتصادية إيجابية لسنة 2004 حيث ستحافظ القطاعات غير النفطية على زخم نموها الاقتصادي وستعوض التراجع المتوقع لقطاع النفط بحيث يصل معدل النمو في اجمالي الناتج المحلي لسنة 2004 إلى نحو 2.2 في المئة. الامارات وتابعت دولة الإمارات العربية المتحدة زخم نموها القوي العام الماضي مدعومة بارتفاع أسعار النفط ومعدلات الإنتاج لديها إضافة إلى الازدهار الذي شهدته القطاعات الاقتصادية غير النفطية، وأصبح صندوق النقد الدولي يقدم دولة الإمارات كنموذج للتنوع الاقتصادي المطلوب. ونشطت الحركة السياحية إلى الإمارات، إذ جاء معدل نمو قطاع السياحة في حدود 31 في المئة عام 2002، و25 في المئة العام الماضي ووصل عدد زوار الإمارات إلى 6 ملايين سائح أي أكثر من عدد السياح الذين زاروا مصر. وسجلت الإمارات معدلات نمو اقتصادي مرتفعة قدرت بنحو 8 في المئة عام 2003، في حين أن القطاعات غير النفطية والتي تشكل ما نسبته 70 في المئة من إجمالي الناتج المحلي و43 في المئة من الصادرات سجلت معدلات نمو في حدود 9 في المئة. ويتوقع لمعدلات نمو الناتج المحلي بالأسعار الثابتة أن تكون في حدود 4 في المئة السنة الجارية بسبب عودة إنتاج النفط إلى المستويات المتفق عليها مع منظمة "أوبك". وستتابع دولة الإمارات جهودها الرامية إلى تنويع القاعدة الاقتصادية لديها والسعي لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي ستدعم النمو الاقتصادي. كما ستسعى دبي لتنفيذ خططها الرامية إلى جعلها مركزاً للخدمات في المنطقة، التي تشمل بالإضافة إلى قطاعات السياحة والإعلام والشحن والخدمات التجارية تطوير منطقة حرة مالية جديدة وهي مركز دبي المالي العالمي. وهناك بعض التخوف من ظهور فقاعة في قطاع العقارات والسياحة بسبب الاستثمار الكبير الذي سُجل في هذين القطاعين في الاعوام القليلة الماضية الأمر الذي قد يُعرض المستثمرين والمصارف المقرضة إلى هبوط مفاجئ في الأسعار. قطر وسجلت دولة قطر معدلات نمو اقتصادي بالأسعار الثابتة كانت الأفضل بين دول الخليج في الأعوام الثلاثة الماضية إذ وصلت إلى 7 في المئة عام 2000 و5.2 في المئة عام 2001 و4 في المئة عام 2002 وما تقديره 12 في المئة عام 2003. ووصل معدل دخل الفرد إلى نحو 30 ألف دولار عام 2003 وهذه من أعلى المستويات في العالم. وحافظت قطر على معدلات إنتاجها من النفط الخام العام الماضي عند الحدود القصوى لطاقتها الإنتاجية، في حين طرأت زيادة ملحوظة على معدلات إنتاج الغاز الطبيعي، وسجل توسع في نشاطات البنية التحتية والتي شملت مشاريع بناء وصناعة عملاقة بالإضافة إلى استثمارات كبيرة في القطاعات الخدمية. ويتوقع ان يحدث بعض التباطؤ في معدلات نمو قطاع النفط والغاز السنة الجارية بعدما وصلت الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي إلى معدلات مرتفعة قد لا تزيد كثيراً قبل سنة 2005. وستستمر القطاعات غير النفطية في دعم النمو الاقتصادي مما سيتيح المجال لقطر مجدداً لتسجيل أعلى معدل نمو بالأسعار الثابتة السنة الجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي بحدود 5 في المئة. البحرين وعُمان وفي البحرينوعمان أشارت التقديرات لعام 2003 إلى ان نمو اجمالي الناتج المحلي بالأسعار الثابتة في كل منهما كان في حدود 5.5 في المئة و3.5 في المئة على التوالي. وسجلت قطاعات الإنشاءات والسياحة والتمويل أداءً جيداً في البحرين، بينما استفادت عُمان من موازنة مالية توسعية وزيادة في تصدير الغاز الطبيعي في الحقل الجديد الذي بدأ بالإنتاج عام 2001. وسترتفع معدلات إنتاج النفط في البحرينوعمان على مستوياتها بينما سيبقى النمو ثابتاً في القطاعات غير النفطية. ويتوقع السنة لمعدلات نمو اجمالي الناتج المحلي بالأسعار الثابتة ان تكون في حدود 3.5 في المئة للبحرين و3 في المئة لعُمان. * الرئيس التنفيذي جوردإنفست.