اعلن البيت الابيض ان الرئيس جورج بوش اجرى مساء الثلثاء محادثات هاتفية تناولت استراتيجيته الجديدة في العراق، مع قادة استراليا وبريطانيا والدنمارك الدول الحليفة للولايات المتحدة. وقال المتحدث باسم مجلس الامن القومي غوردون غوندرو ان الرئيس"اتصل برؤساء حكومات الدول الثلاث ليشكرهم على دعمهم المستمر لجهود التحالف في العراق ومناقشة استراتيجيته الجديدة"في هذا البلد. واعلن بوش استراتيجيته ليل امس عبر خطاب نقلته مختلف اجهزة الاعلام الاميركية والدولية. وقال مسؤولون اميركيون ان خطط نشر 21.5 الف جندي اضافي، سينضمون الى 140 الف جندي ينتشرون بالفعل في العراق، تستهدف تعزيز امن بغداد والجهود للسيطرة على الموقف في الانبار. واوضح غونرو للصحافيين ان"الدول الثلاث تنشر قوات تخدم في اطار القوات المتعددة الجنسيات في العراق وكانت شريكات اساسية في تشكيل هذا التحالف". ولم يشر الناطق الى ما اذا كان بوش طلب من هذه الدول تعزيز قواتها في العراق ام تأجيل سحب بعضها منه. وكان مكتب رئيس الوزراء الدنماركي اندرس فوغ راسموسين اعلن مساء الثلثاء ان راسموسين عبر في الاتصال الهاتفي عن امله في خفض عدد العسكريين الدنماركيين في العراق هذه السنة. واوضح"ان الاتصال استمر نحو ثلاثين دقيقة". واطلع رئيس الوزراء بوش على تقويمه للوضع في جنوبالعراق حيث تنتشر القوات الدنماركية التي تأتمر بقيادة بريطانية. لكن مكتب رئيس الحكومة البريطانية رفض الكشف عما جرى في الاتصال. واضاف راسموسين"اعربت عن املي في ان تكون 2007 السنة التي يستطيع فيها العراقيون تولي مسؤولية الامن في جنوبالعراق ليتيح ذلك تدريجاً خفض عدد الجنود البريطانيين والدنماركيين". واضاف مكتب راسموسين انه ناقش وبوش"التحديات التي يتعين مواجهتها في العراق"، واتفقا"على ضرورة قيام عراق حر وموحد وديموقراطي وعلى الحاجة الى دعم جهود الحكومة العراقية لتتحمل مسؤولية امن البلاد وتنميتها". وتمثل خطة بوش، عن استراتيجيته الجديدة، أفضل آخر فرصة لانقاذ المهمة الاميركية في العراق وتحويل مشاعر الاحباط ازاء اسلوب معالجته للحرب. ويهتم بوش بنقل المسؤولية عن الامن عن كل محافظات البلاد الى القوات العراقية بحلول تشرين الثاني نوفمبر، ويُشدد المسؤولون على ان الاستراتيجية الجديدة"لا تمثل جدولاً زمنياً لانسحاب القوات الاميركية"علماً ان العراقيين يسيطرون الآن على ثلاث محافظات فقط من بين 18 محافظة. وقال مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية ان بوش مهتم بزيادة تدريب قوات الامن العراقية من خلال برنامج يقوم فيه مدربون اميركيون بالاقامة والعمل داخل وحدة عراقية. وتعهد الديمقراطيون، الذين يسيطرون الآن على الكونغرس قبل ان يتحدث بوش من مكتبة البيت الابيض، بمكافحة ما اسموه تصعيد الصراع الذي راح ضحيته بالفعل أكثر من ثلاثة الاف اميركي. وقال السناتور الديموقراطي روبرت بيرد، عن ويست فرجينيا،"في رأيي اننا ربما على وشك ارتكاب خطأ جسيم بالتحرك في الاتجاه الخاطىء في العراق وبدلاً من زيادة القوات يجب ان نبحث في وسيلة لبدء خفض منظم للقوات". وعبر كثير من الاعضاء الذين ينتمون الى الحزب الجمهوري الحاكم عن قلقهم وأظهر استطلاع للرأي اجري لحساب صحيفة"توداي"وأجراه معهد غالوب ان الاميركيين يعارضون فكرة زيادة مستويات القوات في العراق بنسبة 61 في المئة مقابل 36 في المئة. وقال توني سنو المتحدث باسم البيت الابيض"انه يتفهم بالفعل انه من المهم ان يستعيد تأييد الرأي العام لهذه الحرب وان يستعيد ثقة الرأي العام في تأييد هذه المهمة". وأبدى مساعدون لبوش ان الرئيس مهتم جداً بأن تفي الحكومة العراقية"بأهداف سياسية لإنهاء العنف الطائفي"، ويجري العمل لتحقيق كثير من الاهداف مثل خطة لاقتسام الثروة النفطية والاصلاح الدستوري والسماح لاعضاء سابقين في حزب البعث بالعودة الى الحياة العامة. وقال مسؤول اميركي بارز"اننا نفكر كثيراً في ان هذه الاهداف ستحدث بطريقة طبيعية وقريباً". وجاءت خطة بوش في شأن القوات بعد التزام شخصي من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتقديم مزيد من القوات العراقية في بغداد واماكن اخرى ووعد بعدم حماية مقتدى الصدر. ومن المقرر ان تصل أول مجموعة من القوات الاميركية الى العراق خلال الاسابيع القليلة المقبلة. وقالت شبكة"سي. بي. اس. نيوز"ان بوش يزمع ارسال نصف القوات الاضافية أولاً على ان يرسل النصف الثاني على مراحل خلال اذار مارس ونيسان ابريل وايار مايو اذا أظهر العراقيون جدية في شأن تأمين بغداد. وقال النائب الجمهوري بيتر كينغ، بعد الاجتماع مع بوش، ان الحكومة العراقية يجب ان تساعد في تحسين الامن. واضاف"الرئيس سيوضح للعراقيين انه ستكون هناك عواقب في حالة عدم الوفاء بالتزاماتهم". وسيعلن بوش انه سيرسل وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الى الشرق الاوسط لاجراء محادثات مع الزعماء الاقليميين وحثهم على مساعدة الحكومة العراقية. وكان سياسيون وخبراء وصناع سياسات في الولاياتالمتحدة قالوا ان الانسحاب المتسرع للقوات الاميركية يمكن ان يؤدي الى حمام دم في الصراع العرقي ويؤسس احوالاً تؤدي الى اندلاع حرب أوسع في الشرق الاوسط ويدمر صدقية الولاياتالمتحدة في المنطقة وتقديم نصر ضخم لتنظيم"القاعدة"في الحرب ضد الارهاب. وكتب عضوا مجلس الشيوخ جوزيف ليبرمان وليندساي غراهام رسالة الى بوش جاء فيها"اذا سحبت الولاياتالمتحدة أو اعادت نشر القوات في المعركة فاننا سنترك العراق في خراب". ورفضت مجموعات صغيرة فقط فكرة ان القوات الاميركية لا يمكنها ترك العراق على الفور من دون ان يؤدي الى ذلك الى تدمير الشعب والمنطقة. وقالت سارة سلون، وهي متحدثة باسم ائتلاف مناهض للحرب،"نحن لا نقبل فكرة ان القوات الاميركية لا يمكنها ان تغادر العراق على الفور". واضافت"رأينا هو ان الوجود العسكري الاميركي في العراق هو الذي يسبب المشكلة وعندما تغادر القوات العراق فان ذلك سيحل المشكلة. واشارت الى أوجه شبه مع فيتنام عندما أدى الانسحاب على مراحل الى تصعيد الصراع. لكن النداءات بانسحاب فوري نادرة. حتى دعاة الانسحاب تحدثوا بصفة عامة عن سحب القوات الاميركية في أشهر وليس اسابيع أو ايام وبعض منتقدي حرب بوش قالوا"ان انهاء الالتزام الاميركي في العراق بطريقة معقولة سيحتاج الى فترة تراوح بين عام و18 شهراً". وقال لورانس كورب خبير الدراسات الاستراتيجية في"مركز التقدم الاميركي للابحاث"ان"المسألة ليست هل يجب ان ننسحب أم لا... أعتقد ان الذين يؤيدون الانسحاب يتحدثون عن انسحاب مرحلي وان ذلك سيستغرق نحو 18 شهراً". واضاف"وهذا يعطي وقتاً للخروج بطريقة منظمة ويعطي للعراقيين فرصة للتكيف مع انسحابنا وربما يعطيهم حافزاً للقيام بما يتعين عليهم القيام به" وتحدث بعض مؤيدي الانسحاب عن اطار زمني أقصر. وقال النائب دينيس كوتشينتش الديموقراطي من اهايو، الذي يعارض الحرب منذ فترة طويلة، انه يعتقد ان القوات الاميركية يمكنها ان تنسحب خلال ثلاثة شهور بمجرد ان يتخذ الرئيس قرار السياسة لكنه رفض فكرة الانسحاب الفوري. وقال كوتشينتش الذي يوزع خطة تدعو الى احلال القوات الاميركية بقوة أمن دولية"المشكلة في شأن الحديث عن انسحاب فوري هي انها تثير صور ترك الشعب العراقي لا حول له ولا قوة ولا أعتقد ان أي شخص يتحدث عن هذا". وقالت ماري هابيك خبيرة الدراسات الاستراتيجية في كلية بول نيتسه للدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جون هوبكينز"في الواقع لم أسمع عن أي شخص انما عن عدد ضئيل من الاصوات الهامشية التي تقول اننا يجب ان ننسحب على الفور". واضافت"اننا في الواقع لا نخسر وانما نكسب والانسحاب الآن سيضمن الخسارة". وقالت هابيك ان الانسحاب في الظروف الراهنة سيضر بصدقية الولاياتالمتحدة في المنطقة ويعطي تنظيم"القاعدة"نصراً في الحرب ضد الارهاب ويمهد الساحة لصراع اقليمي اوسع يضم السعودية وتركيا وايران وسورية التي ستضطر جميعها الى التدخل من اجل مصلحتها ويمكن أيضا ان يثير اعمال عنف عرقية. من جهة ثانية قدم"المكتب الحكومي للمحاسبة"في تقرير كشف الثلثاء صورة قاتمة للسياسة الاميركية وانتقد بشدة الخطة الاميركية الفاشلة لتحقيق النصر في العراق وسوء ادارة الحكومة العراقية لشؤون البلاد وتصاعد اعمال العنف الطائفية. وشدد على غياب الشفافية لدى وزارة الدفاع في شأن التقدم في تشكيل الجيش العراقي. واعتبر واضعو التقرير ان الخطة الاخيرة، التي طرحها الرئيس بوش في تشرين الثاني نوفمبر 2005 لم تحدد بدقة وسائل وضعها موضع التطبيق. ولم تتطرق ايضا الى كيفية التوفيق بين اهداف الولاياتالمتحدة واهداف العراق والبلدان الاخرى، ولم تحدد بالارقام الدقيقة التكاليف الحالية والمستقبلية للتدخل الاميركي في العراق. وقال ديفيد ووكر، مدير المكتب، في رسالة الى الكونغرس ان"الهجمات ازدادت في 2006. وعلى رغم تدريب وتجهيز المزيد من القوات العراقية فان الانقسامات في صفوفها حد من فعاليتها الى حد كبير". وكشف التقرير ان مستوى انتاج النفط والكهرباء في العراق ادنى بكثير من التوقعات الاميركية. وطرح ايضا تساؤلات تناولت جهوزية قوات الامن العراقية على ضمان الامن في البلاد وهو شرط اساسي لانسحاب القوات الاميركية. وحتى كانون الاول ديسمبر 2006، انجز تدريب 323 الف عنصر من قوات الامن العراقية. لكن"المكتب الحكومي للمحاسبة"طرح تساؤلات تناولت درجة احترافهم لان وزارة الدفاع رفضت السماح بالاطلاع على تقويمات اجراها مستشارون يعملون مع الوحدات العراقية.