تصاعد السجال بين الجانبين الأميركي والإيراني ليتحول تراشقاً كلامياً عنيفاً على أعلى مستوى، الى درجة توحي بوصول الأزمة بينهما الى نقطة اللاعودة، بعدما وصف الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد نظيره الأميركي جورج بوش ب"المتشدق"و"المتغطرس"، ودعاه الى مناظرة مفتوحة في الاممالمتحدة، رداً على نعت الاخير نجاد ب"الطاغية"ووضعه"ايران"في مصاف"القاعدة". تزامن ذلك مع تأجيل طهران الاجتماع الذي كان مقرراً في فيينا امس، بين الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا وسكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، ل"اسباب تنظيمية"، فيما تخوفت مصادر ديبلوماسية في فيينا ان يؤدي هذا التأجيل الى اتخاذ القوى الكبرى قراراً بالمضي في فرض عقوبات على طهران. راجع ص7 وبعد اعلان التأجيل، نقلت وكالة"رويترز"عن التلفزيون الرسمي الايراني ان لاريجاني سيجري محادثاته مع سولانا اليوم في اسبانيا. لكن مكتب الاخير ذكر انه سيسافر الى كوبنهاغن لاجراء محادثات مع مسؤولين دانمركيين ولن يعود الى بروكسيل قبل عصر الجمعة. وقال معاونون لسولانا انه مستعد لتغيير خططه في اللحظة الاخيرة اذا اقتضت الضرورة. ونقل التلفزيون الايراني عن"مصدر مطلع"ان لاريجاني سيلتقي، الى سولانا، مسؤولين أوروبيين آخرين لم يحددهم كما لم يذكر موعد او مكان اللقاءات. وتحفظ وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي عن تصريحات بوش، طالباً منه الكف عن تصوير التوترات الجيو - سياسية في العالم بوصفها"حرب حضارات". وقال في تصريح الى إذاعة"مونتي كارلو":"لا يمكننا أن نقبل القول بوجود حرب حضارات بين معسكرين، غربي وإسلامي"، مؤكداً ان ليس من حق الغرب"الحكم بوجود الخير والشر في دولة معينة أو قارة معينة". في الوقت ذاته، ظهر اختلاف جوهري في وجهتي النظر الاميركية والروسية إزاء مشروع العقوبات ضد طهران، اذ اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان بلاده تدرس الانضمام الى عقوبات اقتصادية محتملة على ايران، لكنه اكد ان أي تدابير في هذا السياق ستكون محكومة بميثاق الأممالمتحدة الذي"ينص في شكل لا لبس فيه على أن الإجراءات الاقتصادية تستبعد استخدام القوة". في المقابل اصرت واشنطن على ان القرار الذي اتخذه مجلس الأمن بشأن الملف الإيراني يتضمن احتمال اللجوء الى الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذي يتيح استخدام القوة. وأعرب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون وقف التسلح روبرت جوزيف عن"ثقته بأن مجلس الأمن سيصوت هذا الشهر على قرار لفرض عقوبات على ايران، يستند الى الفصل السابع". وأوضح جوزيف في لقاء مع الصحافيين الأجانب حضرته"الحياة"في واشنطن امس، أن المجموعة الأولى من العقوبات ستتضمن"قطاع بيع الأسلحة وتزويد ايران تكنولوجيا نووية"، وأبدى قناعته بوجود إجماع في مجلس الأمن حول"التصويت على قرار عقوبات يخضع للفصل السابع"، مشيراً الى أن واشنطن"أكدت للحلفاء وبينهم روسيا التزامها بالديبلوماسية والتي تشكل العقوبات إحدى آلياتها". وردا على سؤال ل"الحياة"، أكد جوزيف"التزام روسيا والصين بالقرار الدولي رقم 1696 في 31 حزيران يونيو الماضي والذي يقضي بفرض عقوبات تحت الفصل السابع في حال رفض ايران العرض الدولي ووقفها تخصيب اليورانيوم". احمدي نجاد في طهران، تحدى الرئيس الإيراني نظيره الأميركي بعقد مناظرة معه خلال حضورهما جلسة الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك منتصف ايلول سبتمبر الجاري. وقال نجاد في بيان امس، ان"رحلتي الى نيويورك هي فرصة جيدة لتنظيم مناظرة عامة لتمكين العالم بكامله وخصوصاً الأميركيين مشاهدتها دون رقابة". وأضاف:"نحن مستعدون للمشاركة في هذه المناظرة حتى لو أراد الجانب الأميركي استخدام مستشارين فيها". وأعرب الرئيس الإيراني عن امله في"الا يهرب الأميركيون من مثل هذه المناظرة التي تمثل أفضل طريقة لخلق السلام"، علماً ان دعوة مماثلة وجهها نجاد الى بوش في أواخر آب اغسطس الماضي، قوبلت بالرفض من جانب البيت الأبيض. ولاحقاً، قال نجاد في كلمة امام الملتقى الدولي لنظرية المهدوية في طهران:"اعلنا للمتشدقين بحقوق الإنسان والحرية والديموقراطية، استعدادنا للدخول في مناظرة تلفزيونية دون تعتيم إعلامي لتقديم حلول لمشاكل العالم". وأضاف:"اقترحنا المناظرة وجها لوجه ومن دون تعتيم إعلامي، لنقول لهؤلاء ان مرحلة الغطرسة والسلاح ولت، وان مرحلة الفكر والمنطق والثقافة آن أوانها، لكن المتشدقين بالديموقراطية الكاذبين الذين لم تقبلهم شعوبهم، فروا من مواجهة هذا الاقتراح بسبب روح المكابرة والغرور وعدم امتلاكهم للعقلانية". واعتبر الرئيس الإيراني ان بوش"لا يمثل شيئاً امام مشيئة الله". وخاطبه قائلاً:"اذا كنت تعتقد بأنك تجلس في قصرك الزجاجي وتحكم العالم، فأنت مخطئ. وإذا كنا نقول لك ذلك، فهو من اجل كرامتك. اننا نفعل ذلك لنجنبك الوصول الى نقطة اللاعودة". وتزامن هذا الخطاب المتشدد مع اعلان طهران تطويرها مزيداً من الأسلحة، وبينها قنبلة موجهة وزنها 900 كيلوغرام وطائرة مقاتلة مصممة على طراز طائرة"اف 18"، وذلك في إطار تعزيز قدرتها على الردع.