انتهت الحملة الانتخابية البرلمانية في السويد الأحد الماضي بانتصار أحزاب كتلة اليمين الوسط اليمين، الليبرالي، المسيحي الديموقراطي والوسط على كتلة اليسار الحزب الاشتراكي الديموقراطي، اليسار والخضر. وعلى رغم أن هذه الانتخابات دخلت التاريخ السياسي السويدي، فهي تعدّ أكبر خسارة سياسية للحزب الاشتراكي الذي حكم في السنوات ال12 الماضية، ونصراً كبيراً لحزب اليمين الذي عزز موقعه وشعبيته بين السويديين في شكل"خارق"، بعد ان رفع نسبة الاصوات التي انتخبت مرشحيه من حوالى 51 في المئة الى أكثر من 62 في المئة. وتعتبر هذه الانتخابات تاريخية بالنس الى الشباب السويدي اذ صوّت 430 ألفاً من أفراده وهو رقم قياسي، غير مألوف منذ 30 عاماً، والاسباب متعددة أهمها نسبة الولادة العالية التي انتشرت بين السويديين منذ مطلع الثمانينات. لكن هناك أموراً أخرى لعبت دوراً في دفع الشباب الى حمل بطاقتهم الانتخابية الاولى والتوجه بها الى صناديق الاقتراع، أبرزها ابتكار الاحزاب السياسية أساليب جديدة للوصول الى أكبر عدد ممكن من الشباب. ويقول أوسكار أوهولم الأمين العام لشبيبة حزب اليمين:"من المعروف ان الأسلوب الأساس الذي نتبعه في الحملات الانتخابية هو اللقاءات الموسعة في الساحات العامة، وأكواخ توزيع المنشورات وملء الاستمارات والملصقات الكبيرة التي نوزعها في أنحاء المدن والقرى. هذا الأسلوب يتوجه الى الجماعة في شكل مباشر، لكننا قررنا هذه السنة ان نتوجه الى الفرد مباشرة". ويشرح أوهولم ان شبيبة اليمين استخدمت شبكة الاتصالات الخليوية للتواصل مع أكثر من001 ألف شابة وشاب لاقناعهم ببرنامج الحزب، كما ان ممثلين عن الشبيبة والحزب قاموا بزيارات انتخابية الى عدد من المدارس وأجابوا عن أسئلة الطلاب. من جهتها، استخدمت شبيبة الحزب الاشتراكي الاسلوب الكلاسيكي في الوصول الى الشباب من خلال زيارات مكثفة الى المدارس واللقاءات العفوية في الساحات اضافة الى اعتمادها أسلوباً جديداً محوره زيارة معارض الكتب والأماكن الثقافية والترفيهية. وتميزت حملة الانتخابات بين الشباب بالتركيز على قضايا مهمة مثل الهجرة الأجنبية الى السويد والاندماج في المجتمع. وعلى رغم ان للاحزاب السويدية ألوانها الايديولوجية المعروفة الا ان المطالب والبرامج السياسية أوجدت إرباكاً بين شريحة الشباب لأنها متشابهة الى حد كبير. فقد فازت كتلة اليمين من خلال اطلاق وعود بتأمين فرص عمل للشباب مطلب يساري كلاسيكي ومكافحة تلوث البيئة مطلب حزب الخضر وعدم اطلاق أي وعد بخفض الضرائب مطلب يميني تاريخي. كاميلا فرناندز تدرس في ثانوية فيكتور ريدبرغ في ضاحية أوسترمالم الراقية، كانت على قناعة راسخة عندما أدلت بصوتها للمرة الأولى، ومنحته الى الحزب الاشتراكي على رغم ان غالبية طلاب الثانوية يصوتون لليمين. ولفتت كاميلا الى أنها شعرت بأنها"نقطة حمراء في بحر أزرق. ولكن اعتقد بأن المجتمع في حاجة للحزب الاشتراكي لذا صوتت له". ولم تقتصر أصوات الشباب فقط على الأحزاب الكلاسيكية، فهناك أحزاب معادية للأجانب نجحت في جذب عدد ليس بالقليل من الطلاب. وتعتقد الطالبة ناديا أندلر وزميلها إريك بلوميه أن"هناك عدداً من الشباب وضع ورقة بيضاء في صندوق الانتخابات، أما الذين صوتوا لحزب ديموقراطيي السويد فيشعرون ان سياسة الهجرة والاندماج فشلت في المدن وفي المدارس. هذه القضية لم تناقش في شكل كبير في الحملة الانتخابية ما يسهل على الأحزاب المعادية للأجانب طرح مشروعها وافكارها". وقضية الاندماج وتحسين ظروف المدارس التي تقع في الضواحي الفقيرة بحسب المقياس السويدي، لم تجد الحل الشافي بعد. فخلال فترة حكم كتلة اليسار أقر قانون يتيح للبلديات الفقيرة ان تأخذ موازنة أكبر من نظيرتها الغنية من أجل تحسين وضع الطلاب فيها. لكن كتلة اليمين عارضت القانون بحجة ان صرف موازنة أكبر للمدارس قد لا يفيد الطالب في شكل مباشر. وطالبت بصرف موزانة أكبر بحسب المقعد الدراسي وليس للمدرسة كلها. ولم يعرف حتى الآن اذا كانت حكومة اليمين ستعمل على تغيير ذلك القانون أم ستبقي عليه. ولكن بصرف النظر عن قضايا البيئة والضرائب والمدارس يلاحظ المراقبون ان الناخب السويدي ترك إرث عقد السبعينات المعروف باسم"التضامن مع الشعوب"، ويتجه الى الامور الآنية التي تتعلق به مباشرة. والسؤال الذي لن يلقى جواباً الا بعد أربع سنوات، هل ستتسبب سياسة كتلة اليمين بموجة يسار جديدة ترفع الشعارات الكلاسيكية ومنها التضامن مع الشعوب؟