كان ذلك في العام 1984. المراهق أنيس في غرفته، في بيت فسيح في إمارة رأس الخيمة، يقلب شريط فرقة"وام"بين يديه. يفكر بجورج مايكل وبأغنية"كيرلس ويسبر". كان بطلا تلك الفرقة واسعي الشهرة في ذلك الوقت. يحلم أن يكون هو أيضاً شهيراً. يعي أن ما يفكر به ضرب من ضروب المستحيل. أي جاز وأي إيقاع غربي؟ إنها الصحراء في كل مكان، والغناء الغربي ليس صنعة. يقفل عينيه، ويدندن بكلمات الأغنية الأكثر إيثاراً على قلبه من بين أغاني شريط"ميكت بيغ". إنها أغنية"لايك أ بيبي". لطالما أحبها واعتبرها الأجدر بأن تنتقل من الپ"سايد بي"الوجه الثاني من الشريط، إلى الوجه الأول لتكون الأغنية الپ"هيت"الأكثر انتشارا. بعد أكثر من عقدين على ذلك اليوم، يوزع الاماراتي أنيس عواد على أصدقائه وعدد من المتحمسين أسطوانة"تجريبية"، لكنها مسجلة باحتراف، تحمل صوتاً رقيقاً فائق الاحساس، يغني كلمات الأغنية ذاتها. لم يكن جورج مايكل هذه المرة، لكنه أنيس نفسه وقد سجل الأغنية بصوته. ليست تلك القصة بكاملها، فالشاب الإماراتي يتحدر من ثقافتين عربية وأوروبية. فوالدته غربية وهو الإماراتي الوحيد الذي قرر احتراف الغناء الغربي. فرقته الصغيرة التي يشاركه فيها غريك جيكوب وهو عازف بيانو ومؤلف موسيقي جنوب أفريقي التقاه في دبي، تستعد للانطلاق باسم" اي تو جي"A2G، لتحمل الحروف الأولى لاسمي بطليها، كما الحدود النوتات الموسيقية الاثنتي عشر، بين الحرفين أي وجي. يقول:"نريد أن نقدم جاز وبلوز واغاني قديمة معروفة، بتوزيع جديد ورؤية عصرية، قبل أن نتجه الى تقديم أغان خاصة بنا". ويرى أنيس أن دبي مقبلة على مرحلة انفتاح ثقافي كبير، بدأت بشائرها مع الإعلان عن مشاريع ضخمة تستثمر في هذا المجال الذي ظل مهملاً لوقت طويل، عكس الميادين الأخرى في المدينة الناهضة. ويلفت إلى انه"حين التقيت غريك أول مرة، وكنت انوي تحصيل دروس موسيقية على يديه، قال لي: الغناء في داخلك منذ زمن طويل. حان وقت إطلاقه". وأضاف:"دراستي في كندا تركزت على إدارة الفنادق، ثم تسلمت منصباً هاماً في إحدى الشركات الأميركية في دبي. حتى وقت قريب، بدا لي أن الغناء سيظل مدفوناً في داخلي، لكنني قررت التمرد واسترجاع الحلم الأول". انه حلم غرفة رأس الخيمة في تلك الليلة. وأنيس يبدو مصمماً على النجاح:"هناك ميادين كثيرة، بدءاً من المهرجانات العالمية التي تستضيفها دبي على مدار العام، مروراً باحتفالات الشركات الكبرى، وصولاً إلى الإنتاج الخاص وتوزيع اسطوانات الأغاني". سيستفيد الشاب من خبرته التي حصلها في مجال التسويق، لكي يمسك مفتاح الأمل لمقاربة سوق"غير ناضج"فنياً مثل دبي. واذا كانت أصوات الجاز تصدح كل ليلة من أكثر من جهة في الإمارة، فإن أنيس يعتقد أن كل ما هو موجود حتى الآن، لم يخرج بعد من المرحلة التجريبية. يقول:"نحتاج إلى مخاض حقيقي، ينتج حركة فنية يشارك فيها الأجانب الوافدون الى هذه المدينة، مع الإماراتيين أيضاً". قد يرتدي أنيس الزي الإماراتي التقليدي ويغني على أنغام الجاز والبلوز والهارد روك. سيكون بذلك صورة غير مسبوقة، ولكن، ربما ملهمة!