المقاومة ليست رد فعل انفعالياً وعشوائياً على الاحتلال الأميركي للعراق... وإنما هي فعل كامن يستحث ويستفز ولا يخلق من العدم، وهي نتيجة لذلك، فعل تتراكم أثاره وتتنوع صوره وتتغير وسائله في ظل معيار أخلاقي يحصل بموجبه إجماع وطني يؤكد ضرورة المقاومة والحاجة الماسة إليه. والمقاومة ليست مفهوماً هلامياً أو خطاباً زئبقياً أو مصطلحاً روّاغاً يتسربل بالشعارات المهزومة والبيانات المختنقة والهتافات المريضة والكليشيهات المخادعة التي تتعرى حالما تتكشف النيات والمصالح الحقيقية الكامنة وراءها. وليست المقاومة صفيراً في الظلام أو أشجاراً عجفاء في ارض محروقة أو نفوساً تمرغت في وحل النظام السابق واسلست حينها القيادة لأوامره الظالمة واليوم نراها تسربلت بأقنعة الجهاد المقدس من اجل الرجوع بعقارب الساعة إلى الوراء... وإنما هي الكرة الثلجية التي ستقطع شرايين المحتل الداخلي والخارجي وتمزق أوصاله وتجعلها أجزاء يبحث بعضها عن بعضها... المقاومة العراقية هي المشروع الذي يطبخ على نار هادئة والذي سيرأب الصدع ويوقف النزيف ويلأم الجرح ويهدم أي مخطط يطبخ في المطابخ السياسية غير العراقية. المقاومة العراقية هي الحركة التي تهدف ببساطة إلى إخراج المحتل الداخلي والخارجي من نفوسنا وضميرنا وأرضنا، وصدقية أفعالها تقاس على هذا المعيار الواضح الذي لا يختلف فيه اثنان في العراق والعالم اجمع. فكل فعل يحقق هذه الغاية... مراعياً الوسيلة التي لا تريق دماءنا انهاراً أو تمزق أجسادنا أشلاء أو تجعل بيوتاً أحجاراً... فهو فعل مقاوم من ألفه إلى يائه، وان كان الظلام يغطيه ويشوش على نوره ويحجب حقيقته، بينما الإرهاب مفضوح كالنهار في ظهيرة صيف حيث الأخير يمارس على عكس المقاومة التقتيل والتدمير والتفجير والتفخيخ والاختطاف والعمليات الانتحارية الرعناء التي لا تمت إلى المقاومة بأي صلة وهي تؤثر على حقيقة المقاومة وربما تغطي عليها كما يغطي النهار الليل، بل يجب على كل مجموعة مسلحة في العراق إن تدين التفجيرات العبثية وتستنكرها حتى نعرف حقيقتها ومشروعها الوطني. وكل مجموعة مسلحة تدعي المقاومة وتزعم محاربتها للمحتل من الواجب عليها إن تدين وتستنكر بشده أي عمل يستهدف المدنيين والأبرياء من جهة وعناصر امن الحكومة العراقية من جهة أخرى، لذلك يتعين علينا جميعاً الاعتراف بها باعتبارها الجناح المسلح للحكومة العراقية سواء رضيت الأخيرة بذلك أم لم ترض أو قبلت تلك الجماعة المسلحة أم لم تقبل ما دامت المقاومة تقول إنها وطنية وتدعي ان من يقودها هم رجال العراق المخلصون غير المرتبطين بالنظام السابق. مهند حبيب السماوي - بريد الكتروني