في كل يوم من أيام الخميس كنت أستيقظ باكراً وأنظر إلى الساعة. ما زال الوقت مبكراً للذهاب إلى القرية هكذا تمتمت وأنا أستجمع قواي للنهوض من الفراش. وفجأة قفزت بسرعة كي أتأكد مما سمعته من أخي:"لا يمكنك الذهاب اليوم إلى القرية لأنني بحاجة لمساعدتك". تنحيت جانباً وقلت لنفسي لن أستطيع أن أتفقد مريولي هذا الأسبوع. إنه المريول الذي صرخت للمرة الأولى في وجه أمي من أجله عندما كانت ستعطيه لابنة الجيران. وهو الذي بسببه تتهمني أختي بالجنون عندما أقول لها رائحته أشتمها من بعيد. إنه ما حرمت نفسي لأجله شهراً كاملاً من شراء"غزل البنات"بسبب ادخاري لمصروفي اليومي لأشتري قماشه. بسببه شعرت بأنني جميلة جداً إذ كانت معلمتي تقول لي"إنه أجمل من جميل... وهو يجعلك مميزه عن بقية رفاقك". ولكثرة تعلقي به مرة وقعت على أذني ففضلت أن أبقى جالسة على الأرض ورأسي مائل خوفاً من سقوط قطرات الدم عليه. غير أن أكثر ما زاد تعلقي به هو أنني اعتبر أنه أنقذ حياتي. فمرة كنت أتسلق شجرة الجوز أمام البيت الذي ضم مدرستي الابتدائية لعدم وجود بناء خاص بالمدرسة حينها، وكان أمام البيت ساحة غير مسورة تعلو عن الشارع نحو خمسة أمتار، ومثلها علو شجرة الجوز. فما إن بدأت قطف الجوز حتى انزلقت رجلي وكدت أسقط على الشارع لولا تعلق مريولي بغصن الشجرة وإسراع المدير والأساتذة لنجدتي. منذ تلك الحادثة وأنا أشعر بأنه يجب تفقد المريول وتذكر كم قدم إلي أشياء جميلة ونافعة، وكم كان يشجعني على الدراسة لكوني كنت أعلقه على"الساموك"العمود الموجود في بيتنا المبني من الحجارة والطين. قرب الساموك كان سريري الذي كنت استعمله للدراسة والنوم، ومن موقعي على الفراش أتفقد المريول دائماً. واليوم وبعدما تخرجت من الجامعة لا زلت أنظر الى مريولي ليس كرمز للجمال والمنفعة فحسب وإنما أيضاً كمحفز للاجتهاد.