لم ينجح الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان في إقناع اسرائيل برفع حصارها الجوي والبحري عن لبنان. واشترط قادة اسرائيل، لرفع الحصار، تنفيذ كل بنود القرار الدولي الرقم 1701، بما فيها اطلاق الجنديين الاسيرين لدى"حزب الله". وفيما اعتبر الرئيس السوري بشار الاسد امس ان القرارات الدولية المتعلقة بالشرق الاوسط هي نتيجة الهيمنة الاميركية، حذرت ايطاليادمشق من ارسال اسلحة الى لبنان ومن أن العالم لن يقف مكتوف الأيدي في مثل هذه الحال. راجع ص2 و3 و4 في موازاة ذلك، تمحور الاهتمام الرسمي اللبناني على خطين، الأول مواكبة نتائج المحادثات التي اجراها أنان مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت، لإقناعه برفع الحصار الجوي والبحري، في ضوء توقع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ان يكون هناك مجال لرفعه في الأيام القليلة المقبلة... والخط الثاني متابعة تفاصيل خطة النهوض بالبلد من العدوان المدمر، والتي أعلنها الأخير قبل ساعات من توجهه الى استوكهولم على رأس وفد وزاري وإداري لحضور المؤتمر الدولي للمانحين الخاص بإعادة إعمار لبنان، والذي دعت اليه السويد بمشاركة 60 دولة. ولعل الاهتمام الرسمي برفع الحصار، وبإطلاق عجلة الإعمار مدعومة بالتعويضات التي ستقدمها الحكومة للمتضررين استناداً الى الاحصاءات الرسمية التي اشارات الى تضرر نحو 80 ألفاً بين منزل ومؤسسة منها نحو 19 ألف وحدة سكنية دمرت بالكامل او جزئياً، لم يحجب الأنظار عن ترقب ما سيصدر من مواقف عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في الخطاب الذي يلقيه مساء اليوم في مدينة صور، في الذكرى الثامنة والعشرين لاختفاء رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ومؤسسه الإمام السيد موسى الصدر في ليبيا. فرئيس المجلس النيابي سيكون هذه المرة الخطيب السياسي الوحيد في هذه المناسبة التي تنظمها حركة"أمل"، بخلاف المناسبات السابقة التي كان يتحدث فيها عدد من المرجعيات الروحية، مسيحية وإسلامية، اضافة الى قادة الأحزاب، وبالتالي سيكون مضمون خطابه بمثابة مؤشر الى ما سيكون عليه الوضع السياسي في المرحلتين الراهنة والمقبلة. وفي هذا السياق، علمت"الحياة"من مصدر قيادي بارز في حركة"أمل"ان بري سيطلق مجموعة من المواقف من شأنها ان تساهم في تهدئة الوضع في لبنان، وفي تعزيز الاستقرار العام. وعزا القيادي السبب الى ان الرئيس بري لن يبادر الى شن هجوم على الحكومة أو افتعال مشكلة معها، بمقدار ما يتوخى من خطابه تعداد مجموعة من الملاحظات حول أداء الإدارات العامة والرسمية المعنية بإزالة آثار العدوان الاسرائيلي، تحت سقف ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية، وتكريس الجهود لإعادة لملمة الشمل، من دون أن يغيب عن باله التحذير من استمرار الحصار الجوي والبحري على لبنان، والتهديد بخطوات تصعيدية، محملاً المجتمع الدولي وتحديداً الولاياتالمتحدة مسؤولية خاصة على هذا الصعيد، لا سيما ان لبنان يتجاوب مع القرار الدولي 1701 ويلتزم بكامل بنوده. وإذ يتمايز بري في خطابه عن حليفه"حزب الله"في موقفه من الحكومة التي تتعرض باستمرار الى حملات من النواب المنتمين الى"كتلة الوفاء للمقاومة"، فإنه يلتقي بطريقة أو أخرى مع تأكيد السنيورة في مؤتمره الصحافي امس ان الحكومة"باقية ولا استقالة ولا تغييراً ما دامت تتمتع بثقة المجلس النيابي، وليرتح كل الذين ينادون بغير هذا الأمر، وليخيّطوا بغير مسلة". واعتبرت مصادر وزارية كلام السنيورة عن بقاء الحكومة بمثابة رد غير مباشر على الدعوة التي أطلقها اخيراً الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وأبلغت المصادر ذاتها"الحياة"انها تتفهم الأسباب والظروف التي أملت على السيد نصر الله مطالبته بحكومة جديدة، خصوصاً لجهة مكافأة شريكه في ورقة التفاهم، رئيس"تكتل التغيير والإصلاح"العماد ميشال عون، على مواقفه المتضامنة مع الحزب طوال فترة العدوان الاسرائيلي. وأضافت أنها ما زالت تتعامل مع دعوة نصرالله من باب رغبة الحزب في مسايرة حليفه"التيار الوطني الحر"بالتالي فهي تنظر اليها باعتبارها دعوة الى التغيير الوزاري بالتي هي أحسن، من دون ان يذهب الحزب الى افتعال ازمة وزارية من خلال مبادرته الى سحب وزيريه محمد فنيش وطراد حمادة من الحكومة... خصوصاً ان بري، وحتى إشعار آخر، لا يجاريه في أي موقف قد يترتب عليه"تطيير"الحكومة في هذه الظروف، خوفاً من جر البلد الى فوضى بسبب وجود صعوبة امام التفاهم على تركيبة الحكومة الجديدة. لذلك، تعتقد المصادر ذاتها بأن الحزب أراد من خلال دعوته الى التغيير الوزاري، تسجيل موقف اعتراضي يتجاوز الحكومة الى القوى الداعمة لها، تحديداً رئيس"كتلة المستقبل"النيابية سعد الحريري الذي تمر علاقته بالسيد نصرالله في حال من الفتور، بعدما كان تواصله مع الحزب انقطع أواخر الأسبوع الأول من العدوان. وفي القدسالمحتلة، أخفق الأمين العام للأمم المتحدة الذي يصل الى دمشق اليوم من عما، في تحقيق اختراق للموقف الاسرائيلي واقناع المسؤولين الإسرائيبليين، وفي طليعتهم رئيس الوزراء ايهود اولمرت، برفع الحصار الجوي والبحري عن لبنان والانسحاب من اراضيه، حتى بعد اكتمال نشر ما يصل الى خمسة آلاف جندي دولي في نطاق"يونيفيل". واشترط اولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني"التطبيق الكامل لبنود القرار الدولي 1701 واطلاق سراح الجنديين الاسرائيليين"مقدمة لرفع الحصار، ولمحا الى ان الحكومة"تعطي عقد اتفاق سلام مع لبنان اهمية اكبر من مسألة رفع الحصار"ويرون ان"الفرصة سانحة الآن لذلك". ويعول انان في نجاح مهمته على محادثات دمشق حيث"سيناقش مع كبار المسؤولين فيها امكانات المساهمة في الحل اللبناني"قبل الانتقال الى طهران السبت حيث سيُثير مع القيادة الايرانية"المسألة اللبنانية"على اعتبار ان"علاقات خاصة"تربط طهران مع"حزب الله". ورأى الرئيس السوري، في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز الذي يزور سورية ان"القرارات الاخيرة لمجلس الامن الدولي حول قضايا الشرق الاوسط ... اصبحت تدخلاً في الشؤون الداخلية للدول... وهي نتيجة هيمنة الولاياتالمتحدة". واضاف:"اذا استمر دور المجلس بهذه الطريقة فالأمور لا تدعو الى التفاؤل على الاطلاق، وربما يؤدي هذا الشيء الى المزيد من الفوضى والمزيد من الدماء"قائلاً"ويصبح السلام أبعد منالاً بكثير عن منطقتنا". واعطى الاسد مثالاً القرار 1680 الصادر العام 2006 الذي يطلب خصوصا اقامة علاقات ديبلوماسية بين سورية ولبنان وتحديد الحدود بين البلدين. قال ان هذا الامر"هو من سيادة"الدول. في موازاة ذلك، ذكرت وكالة الانباء الايطالية أن وزير الخارجية الايطالي ماسيمو داليما قال ان المجتمع الدولي"لن يقف مكتوف اليدين"اذا أرسلت سورية أسلحة الى لبنان. واضافت الوكالة أن داليما قال في مقابلة اذاعية:"في سورية يجب ان يعرفوا أيضا أنه اذا وصلت أسلحة من سورية... فسيعرف المجتمع الدولي بها ولن يقف مكتوف اليدين". وفي باريس، استقبل الرئيس الفرنسي جاك شيراك أمس قائد"يونيفيل"الجنرال آلان بيلغريني الذي سيستمر في قيادة القوة حتى شباط فبراير 2007. ويأتي اللقاء في وقت يثور جدل في أوساط فرنسية يتناول عدم وجود تغطية جوية للقوة الدولية في لبنان. وحذر مراقبون من أن منطقة وجود القوة قد تكون مهددة بقصف إسرائيلي، لا سيما أن الفصل السادس من ميثاق الأممالمتحدة الذي يستند اليه القرار 1701، لا يحظر تحليق الطيران الحربي. وأعلنت الحكومة الفرنسية أمس أن رئيسها دومينيك دو فيلبان سيلتقي نظيره الإيطالي رومانو برودي في روما غداً، للبحث في"الوضع في الشرق الأوسط"، فيما أكدت ألمانيا أنها لا تزال تأمل في تعاون سورية، للمساعدة في حل الأزمة اللبنانية.