من يعيد لنا شهداءنا؟... مزيد من القتل والجنون كل يوم، ولكن فلنصبر، فلنستمع الى رئيس القوة العاتية اميركا، يبتسم ويعزينا ببرود، كأن شهداءنا مجرد ابطال... في فيلم. فلنسمع بلير يدعونا الى التعاطف مع اسرائيل، ولم تدفن بعد كل جثث الأطفال في قانا الذين ارتُكبت بحق طفولتهم ابشع جرائم الاغتيال، قبل الفجر. ولنسمع مرشد الثورة على الضفة اليمنى من الخليج يدعونا الى مقاومة"الذئب الصهيوني"و"الشيطان الأكبر"، وكالعادة دائماً، بدماء ابنائنا وأشقائنا وأخواتنا. لا يهم! الثورة ما زالت هناك... نحن هنا نحصي الشهداء، نتحسس رؤوسنا وقلوبنا، بكل جرأة. حانت ساعة الغارات، بعد إنذار البرابرة. استمرأوا قتلنا منذ سنين، دم بلا حساب، لكن البندقية والمدفع والبارجة والطائرة المحمّلة بصواريخ الجبن تقصف تحت راية القرار 1559. ما علينا إلا ان نصدق! تجريد الميليشيات من السلاح يجرّد لبنان من أطفاله وشيوخه، من كل ما شُيّد بعد دمار حروب ميليشيات أهلية. ما علينا إلا انتظار وفاق الكبار، لينجزوا جردة حساب بما تبقى من صراعاتهم وهم يخدعوننا باسم حرية تارة، وباسم حروب على"إرهاب"اخترعوه ليقارعوه على رقاب اللبنانيين بعد الفلسطينيين. مزيد من مواكب الشهداء، ويدعونا توني بلير الى التعاطف مع اسرائيل بوصفها"ضحية"قيمنا. يسألنا تبرير حربهم على قيمنا كأننا الجلاد، من دون ان تخدش مجزرة قانا الثانية وجدانه المطعّم بقيم الحرية والديموقراطية المكتسحة عالمنا بقوة الحديد والنار. ولئلا نتهم بالجبن والانهزامية، فلنصغِ الى آية الله علي خامنئي، لعله يعوّضنا ايضاً عن شهدائنا الأبرار الذين سطّروا أرقى البطولات، في قانا والنبطية، في بنت جبيل وبيروت وبعلبك، وعكار وشمال الوطن المنكوب بالعدو وغيره، والمصنع البارد تحت الغارات الساخنة، بلا شعارات، والضاحية المنتصبة بركام الغدر في قلب ضواحينا. "غير مقبول"، قال الرئيس جورج بوش عن وأد قلوب اطفال قانا وذبح أرواحهم الطرية، كأنه يتحدث عن تسريحة شعر. ما زال هناك وقت للقتل، لتنضج الدماء، تسويةً مرتبةً أولوياتها. فلنحصِ الشهداء، أجساداً وضمائر، البيت الأبيض ينشط وراء التوابيت السود، ويسجل"تقدماً ديبلوماسياً وراء الكواليس". وكي تطمئن قلوب من ستكتب لهم النجاة من المذبحة الكبرى في لبنان، يبشّرهم بلير بمخرج من"الأزمة"يخدم"مسألة الاعتدال في الشرق الأوسط على المدى البعيد". وفي تلك التوابيت، اجساد شهداء يمنحهم رئيس وزراء بريطانيا ياقات التطرف! نبكي. إنه وقت للبكاء، امام عجزنا المفرط عن حماية أطفال في زمن الخديعة الكبرى... على رقعة وطن صغير، كبير لكل الشهداء. وإلى ان تنضج التسوية، بين كبار العالم، لا بأس ان نحصي التوابيت والبيانات، ونراهن على أمل بالبقاء، بعد الأكاذيب وطوق المجازر الموشح بالبارود والجثث. كل ما ترتكبه غطرسة الجلاد تحت شمال الليطاني وفوقه، مجرد"درس"لنتعلم، لم يحن بعد وقف المجزرة. فلنبكِ عجزنا او نجلد ضمائرهم... سيان.