الارجح ان العدوان الاسرائيلي على لبنان يندرج في حروب القرن الپ21 التي تتميز باعتماد الجيوش والاطراف المتحاربة، على التكنولوجيا، بما في ذلك تحوّل شبكة الانترنت وفضائها الافتراضي الى ساحة للصراع. وإذا كانت الحرب الإعلامية من سمات الحروب الحديثة، فان الإعلام الرقمي صار أيضاً جزءاً من الصراع للهيمنة على الارادات والعقول، أو ما يُسمى بالحرب النفسية التي تلعب دوراً مهماً في القدرة على الصمود والمواجهة. وهكذا نجد أنفسنا أمام ثالوث متكامل: التقنيات العسكرية الحربية وتقنيات تكنولوجيا المعلوماتية والاتصالات وثالثاً الإعلام. وأعطت الحرب الاسرائيلية السادسة مثالاً على قدرة المقاومة اللبنانية على الصمود والمواجهة كونها امتلكت هذا الثالوث الحربي، إضافة الى تسلحها بإرادة القتال. إذن هل تصبح الحرب الإلكترونية، إذ بامكانها ان تتحول إلى وسيلة ضاغطة على العدو، ان تساهم، ولو بنسبة محدودة، في إلحاق الهزيمة به، من خيارات الشعوب العربية في ظل ضعف جيوشها أو تخاذل أنظمتها. وقد تكون تلك الحرب أقل تكلفة من غيرها، لكنها تتطلب مهارات تقنية في الكومبيوتر والشبكات المبرمجة. الاعلام الالكتروني سلاحاً حربياً تُظهر متابعة الإعلام الإلكتروني، خلال الحرب على لبنان، أنه قدم نموذجاً جديداً في قراءة الأحداث والتأثير بحركتها، كاشفاً عن قدرات هائلة في كثافة المعلومات وتفاعلها وتكاملها. فإلى جانب مواقع الإعلام المخصصة للصحف وللمحطات التلفزيونية التي تنشر في شكل مفصل ودقيق كل موادها الإعلامية، وتضع في متناول القارئ أرشيفها بالكامل، ظهر العديد من المواقع لتغطية زوايا عدّة من هذه الحرب الهمجية التي فرضت على لبنان. ومن الامثلة على ذلك، موقع"كلمتين.بلوغ سبوت. كوم"kelmeten.blogspot.com ، وهي مُدوّنة الكترونية يستضيفها محرك البحث الشهير"غوغل"في القسم المُخصص للبلوغرز. وتستقبلك المُدوّنة بصفحة يظهر على يسارها شريط أفقي على شكل علم لبنان كتب عليه باللغة الإنكليزية عبارة غود بليس ليبانون GOD BLESS LEBANON وترجمتها"بارك الله لبنان". وتلي ذلك صورة لصاحب المُدوّنة، الذي اختار لنفسه"طارق كايرو"، وهو مصري الهوية. يقدم هذا البلوغر نشرة يومية تبرز آخر تطوّرات أحداث الحرب على لبنان وما ترتكبه الدولة الإسرائيلية من مجازر متكررة، وذلك في أسلوب إخباري تقريري، مرفقاً ببعض التحاليل الذاتية. وتفتح تلك المُدوّنة الالكترونية باباً لتجميع اراء القراء وانتقاداتهم السياسية المتباينة، وتجعله قريباً من المواد الاساسية فيتعرف الزوار الى ما يُرافق الحدث العسكري من أراء وتصورات ونقاشات. وتنقسم هذه المُدوّنة إلى أربعة أبواب:"صفحتي المنزلية"،"مدوّنات"،"كلمات سابقة"وپ"التاريخ في كلمتين". وقد يكون باب"كلمات سابقة"هو الأهم بينها، إذ يحتوي على مقالات وتحليلات كثيرة لكتّاب كثر تحت عناوين مختلفة، تصب جميعها في مجريات الحرب على لبنان. وهكذا تقرأ فيه عناوين مثل سياسة الطوائف وطوائف السياسة، الدفاع العربي المشترك، طيارة ورق تحلق في الفضاء، هل كانت حرب اكتوبر حماقة؟، مقاومة ومقاومة... وغيرها. وتضم تلك المُدوّنة تقارير شهرية تبدأ من شهر تموز يوليو 2005 وصولاً إلى آب أغسطس 2006. ويختم الموقع صفحته بصورة تظهر علم"حزب الله"اللبناني وكتب عليه عبارة"حزب الله هم الغالبون". وتجدر الإشارة إلى اتاحة تلك المُدونة لإمكان الاستماع إلى إذاعة"بي بي سي"على الانترنت مباشرة. واهتم موقع"اول فور سيريا. أورغ"all4syria.org بالمعارك التي تجري في أرض الجوار اللبناني. يعلو ذلك الموقع شعار"كلنا شركاء في الوطن". وخلال العدوان، اصدر نشرة يومية تحتوي على مقالات تحليلية وآخر أخبار المعركة على لبنان. وروّج لوجهة سياسية تقول ان المقاومة في لبنان غيرت وجهات نظر واتجاهات دولية وعالمية كبيرة، محدثة انقلاباً في الموازين. يكتب في هذا الموقع كتّاب ومحللون سياسيون كثر أمثال إدوار حشوة ود. ثائر دوري وسليم محسن ومخائيل عوض وحسين الإبراهيم ومي ابراهيم وغيرهم. ايدي الاغتراب العربي عمد كثير من المغتربين العرب الى استحداث مواقع الكترونية لمواكبة الحدث اللبناني الملتهب في بلاد الاغتراب، عبروا من خلالها عن رفضهم القاطع لهذه الحرب الهمجية التي شنها الصهاينة على لبنان. وأخذ بعضها بوجهة تربط بين ما يجري في لبنان ومجريات الصراع في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. ويُعطي موقع"ليبان غزة. فري. اف ار"libangaza.free.fr نموذجاً منها. ويتضمن بياناً أصدره أعضاء"الجمعية الثقافية الأوروبية العربية"إي- أرابسك E-ARABESQUE دعوا فيه إلى رفع الأصوات ضد العنف والتدمير المستهدف البنى التحتية في فلسطين. وعلى خط مواز، أعد بعض المتطوعين العرب ملفات خاصة حول المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في حربها السادسة، والتي مارست فيها أبشع أنواع الإرهاب، من قتلها للمدنيين لا سيما الأطفال والنساء الأبرياء. وقدم هذا الملف بطريقة العروض التقديمية"باور بوينت"عنوانه AggressionagainstLebanon.pps أي العدوان على لبنان. ويظهر هذا الملف على الموقع الإلكتروني التاليtshreen.info. وإلى جانب الإخبار والتحليلات، ضمّت المواقع الالكترونية التي واكبت الحدث اللبناني استفتاءات ذات طابع سياسي عن الحرب واطرافها المتصارعة. فمثلاً أظهر استفتاء للرأي أجراه موقع"الجزيرة نت"على شبكة الإنترنت أن 91.3 بالمئة من المشاركين يرون في مواجهة"حزب الله"مع إسرائيل مقاومة مشروعة مقابل 8.7 في المئة اعتبروها مغامرة غير محسوبة. والارجح ان تلك المواقع قدمت تغطية من نوع آخر للحدث العسكري في لبنان. وركز بعضها على نشر الصور والمشاهد التي قد يصعب على الصحافة أو محطات التلفزيون عرضها، بأثر من قسوة مشاهدها الدامية. ومن الامثلة على ذلك، الصور التي ينشرها موقع"فروم اسرائيل تو ليبانون. انفو" fromisraeltolebanon.info، التي يرى فيها شاهداً على إرهاب الدولة في القرن الحادي والعشرين. ويجدر ايراد ملاحظة صغيرة عن الدور الذي لعبه الهاتف الخليوي في الإعلام الإلكتروني، إذ روّج الطرفان رسائل صوتية ومكتوبة للتأثير على الطرف الآخر. ويتوقع البعض ان تتزايد الأهمية الاعلامية للخليوي، خصوصاً انه يؤمن مشاركة جماهرية واسعة في الحدث، إضافة الى تميزه في تعدد الخدمات، وضخ الأخبار والمعلومات بصورة فردية الى مستخدميه.