"بعلبك أنا شمعة على دراجك ... وردة على سياجك ... أنا نقطة زيت في سراجك" أغنية صدحت بها فيروز قرب معبد باخوس قبل يوم واحد من العدوان على لبنان، في حفلة جاءت يتيمة أحيتها الفنانة الكبيرة لسكان المدينة لمناسبة اليوبيل الذهبي لانطلاق مهرجانات بعلبك الدولية، والتي سرعان ما أخمدت شعلتها، كما كل المهرجانات التي اعتاد عليها اللبنانيون في المواقع الأثرية. وفيما ذكرت معلومات أن معبد باخوس الذي حافظ على معالمه منذ بنائه في القرن الثاني الميلادي تعرض للتصدع، نفى مدير عام الآثار في لبنان فريديريك الحسيني هذا الخبر، مؤكداً أن"ما يتردد هو ما صرح به رئيس بلدية بعلبك محسن الجمال. لكنني أؤكد أن لا إصابات مباشرة تعرضت لها قلعة بعلبك ومعابدها، ولا دليل ملموساً على إصابتها بأي ضرر، ووزير الثقافة طارق متري اتصل بال"يونيسكو"لضمان تحييد القلاع الأثرية". وزاد الحسيني:"اتصلنا بحراس القلعة وأكدوا أن الهياكل ما زالت في مكانها". وعما إذا كان الحراس يتمتعون بالخبرة الكافية لتحديد الضرر، قال:"هم بالتأكيد لا يقلّون خبرة عن مطلقي الدعايات حول تصدع المعبد". لكنه أشار إلى ضرورة إجراء معاينة فنية دقيقة عندما تسمح الفرصة بذلك، مؤكداً أن"ما من شيء ظاهر وإذا كان هناك معالم متضررة ظاهرة، فهي من فعل الزمن ونحن على علم بها. وعلى كل حال سننتظر المعاينة الدقيقة للقلعة". وزاد:"ليقل رؤساء البلديات ما يريدون. مهمتنا هي الحفاظ على سلامة الآثار. ومشكلة بعلبك ليست مشكلة إنشائية إلا في حال حدوث زلزال مدمر على غرار ذلك الذي ضرب القلعة عام 1751 وتسبب في تدمير ثلاثة أعمدة من الأعمدة التسعة المكون منها معبد جوبيتر، وكانت قوته ثماني درجات". وجوبيتر هو أكبر الهياكل الثلاثة التي تضمها قلعة بعلبك والأقل حفاظاً على معالمه، يمتد بطول 88 متراً وعرض 48 متراً وكان قائماً أساساً على 54 عموداً، ارتفاع الواحد منها 22 متراً وقطره متران لم يبق منها اليوم سوى ستة أعمدة. أما معبد باخوس، فهو الأكثر حفاظاً على تفاصيله منذ بنائه في القرن الثاني الميلادي. يتم الصعود اليه بدرج ضخم ينتهي ببوابة كبيرة مزينة بتماثيل حوريات وآلهة أسطورية رائعة النحت تؤدي إلى قاعة كبيرة أصبحت اليوم من دون سقف. وهناك أيضاً معبد فينوس إلهة الحب الذي بني في منتصف القرن الثالث الميلادي وشكله دائري. وأكد الحسيني أن"مشكلة معبد باخوس ليست إنشائية وإنما تتعلق بتآكل الحجر. وسواء في قلعة بعلبك أو قلعة صور أو قلعة الشقيف التي استطاع فريق من الخبراء الاقتراب منها وتأكيد سلامتها، لا يمكن اتخاذ أي إجراءات وقائية وكل ما يمكن معالجته هو أمراض الحجر، وهذا موضوع آخر". ولفت الحسيني إلى أن"العوامل الطبيعية لا يمكن عمل أي شيء حيالها. فوضع أعمدة تثبيت أو غيرها قد يضر اكثر مما يفيد باعتبار أن أي زلزال سيؤدي إلى انهيار الهيكل مع دعائمه، في حين أن تركه طبيعياً يؤدي إلى سقوطه حجراً حجراً". واختتم قائلاً:"مفهوم التراث واسع وعندما يسمح الوضع الأمني سنزور كل المعالم الأثرية لمعاينة الأضرار وتقويمها في حال حدوثها. وحتى تاريخ انتشار قوات حفظ السلام، ما علينا سوى الانتظار".