"بتروح كتير وبتغيب كتير وبترجع عا دراج بعلبك" هكذا تعود فيروز بقلبها وشخصها وصوتها بعد 24 عاماً من الغياب لتقف من جديد بين الأعمدة القديمة في القلعة الأثرية. وكان جمهورها الكبير انتظرها العام الماضي ولكنها لم تطلّ عليه لأسباب وأسباب. تطلّ فيروز في ثلاث لوحات استوحاها منصور الرحباني من أعمال رحبانية سابقة قدمت في القلعة نفسها وهي: "جسر القمر" و"جبال الصوان" و"ناطورة المفاتيح" بإشرافه وبالإشتراك مع الياس وزياد الرحباني. وإذا كانت عودة فيروز والرحابنة الى بعلبك هي الحدث المنتظر، فإن المهرجان سيعرف أحداثاً مهمة أخرى يجسّدها فنانون لبنانيون هم فاديا الحاج مع فرقة ساربند وجوقة اوسنابروك للشباب بالإشتراك مع شربل روحانا وموسيقى تراثية شرقية وإسبانية ومن العصور الوسطى، اضافة إلى فنانين عالميين وجوقات موسيقية عالمية مثل أوركسترا راديو شتوتغارت السمفونية بقيادة جورج بريتر وجوقة بوديوم بونغر موزيكير اللتين ستعزفان لبيتهوفن افتتاحية ليونور الرقم 3 والسمفونية التاسعة. وستعزف أوركسترا راديو شتوتغارت بقيادة سانت كلير لغور شوين: رابسودي إن بلو وأميركي في باريس، ولسترافينسكي: طائر النار ولرافيل: بوليرو. ويقدم المهرجان رباعي الجاز الشهير هاربي هانكوك، ومغنية الجاز العالمية نينا سيمون وأخيراً أوربان ساكس لجيلبير ألتمان وأرغن النار لميشال موغليا. وقد ابتكرت المشاهد خصوصاً لبعلبك. حضّرت لهذا المهرجان الكبير هذه السنة لجنة مهرجانات بعلبك التي تأسست في عهد الرئيس كميل شمعون عام 1955. ويفتتح في 23 تموز يوليو الجاري ليختتم حفلاته في 29 آب أغسطس المقبل. ويصادف هذه السنة ذكرى مرور مئة عام على زيارة القيصر فيلهالم الثاني لبعلبك ومجيء البعثة الاركيولوجية التي ارسلها للتنقيب عن هذه الآثار، من هنا تأتي مشاركة فرق ألمانية في مهرجان صيف 1998. ويصادف ايضاً مرور مئة عام على ولادة جورج غورشوين ويكرّس له المهرجان الحفلة الثالثة. قلعة بعلبك تقع قلعة بعلبك في سهل البقاع وهي تضم مجموعة كبيرة من الهياكل التي بنيت في عهد الرومان وكرّست لجوبيتر الذي انجز بناؤه سنة 60 بعد الميلاد وفينوس وباخوس دُشّنا في العامين 193 و211 آلهة هيليوبوليس الثلاثة. وهيليوبوليس هو الاسم الذي اطلقه اليونان على بعلبك مدينة الشمس. وكانت حفلات الفولكلور اللبناني التي نظمتها لجنة مهرجانات بعلبك تقدم امام معبد جوبيتر الذي يتسع لثلاثة آلاف مقعد. وكانت المسرحيات وموسيقى فرق الغرفة في داخل معبد باخوس الذي يتسع ل750 مقعداً. وكان الباليه والاوركسترا الفيلهارمونية يقدمان على درج باخوس الذي يتسع ل2200 مقعد. القلعة كمسرح تبلورت فكرة مهرجان بعلبك عام 1955 ولفتت عظمة هذا الموقع منذ بداية القرن رواد المسرح اللبنانيين ومحبّي الموسيقى. فالتقت في العام 1922 مجموعة من اللبنانيين والفرنسيين لإلقاء الشعر في آثار بعلبك ثم نظموا أمسية تمثيلية بإضاءة مرتجلة وكانت مأساة شعرية بعنوان "استارتي". وفي عام 1944 قدمت مسرحية "الفرس" التي حولت شعراً ترافقه موسيقى. وبعد عشر سنوات، نظمت مجموعة من هواة المسرح سلسلة من العروض المسرحية بتشجيع من رئيس الجمهورية آنذاك كميل شمعون، وأفضت الى تأسيس مهرجانات بعلبك الدولية. وفي صيف 1955 جاءت الى لبنان فرقة جان مارشا وقدمت اربع مسرحيات لجيرودو وكورناي وأنوي وفرجيل، ما أدى الى تنظيم برامج سنوية تشمل المسرح والموسيقى والباليه والفنون الجميلة. في العام 1956، اقيم المهرجان الاول الذي شهد اعمالاً مسرحية وموسيقية وأوبرالية عالمية، حتى بلغ المهرجان اوجه عام 1974، وشارك فيه فنانون من كل انحاء العالم. وقد ابتدع الاخوان عاصي ومنصور الرحباني وروميو وألين وبابو لحود والسيدتان فيروز وصباح وعبدالحليم كركلا اعمالاً خاصة للمهرجان.