إزدادت أزمة الإغاثة تعقيداً أمس خصوصاً في مناطق الجنوب، مع دخول العدوان الإسرائيلي شهره الثاني، وإمعانه في تقطيع أوصال المناطق عبر قصف الجسور والطرقات، وعدم إعطائه الضوء الأخضر للممرات الآمنة لتسيير قوافل المساعدات الدولية. ويترافق ذلك مع احتدام أزمة الوقود والمحروقات، على رغم المساعي المبذولة لتوفيرها، خصوصاً ما يتعلق بحاجات المستشفيات وكهرباء لبنان، علماً ان الأممالمتحدة تُجري اتصالات لتأمين شحنة للمستشفيات يتوقع أن تصل غداً. ومع تصاعد الأزمة، ارتفعت الأصوات المطالبة بإيجاد ممرات انسانية، وقال وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي ان"ليس هناك ما يضمن الوصول الى الأشخاص الأكثر تضرراً. ان طرق إيصال المساعدات تحولت الى مسرح لأعمال تخويف خطرة واللجنة الدولة للصليب الأحمر تتعرض للهجوم كل يومين في المتوسط... هذا أمر غير مقبول ولا بدّ من قوافل آمنة لإيصال المساعدات". وطالب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو بفتح ممرات آمنة"خالية من المعوقات"من أجل وصول المعونات الإنسانية الى الجنوب. وقال:"يتعين ان تصل المعونات الإنسانية بصورة عاطلة الى مدنيين عانوا أكثر من اللازم خلال هذا الصراع". والتزمت المفوضية بتقديم 100 مليون يورو معونات للشعب اللبناني. وأعرب الاتحاد الأوروبي عن استعداده لدعم جهود إعادة الإعمار"ما أن تسمح الظروف". وأمس، كان يفترض ان تفرغ سفينة من الصليب الأحمر الدولي تنقل 100 طن من المواد الغذائية والطبية، حمولتها في مرفأ صور، المدينة المعزولة عن سائر المناطق اللبنانية. لكن الناطق باسم المنظمة الدولية في صور رولان هوغانان أوضح ان السفينة لا تزال تنتظر في مرفأ لارنكا الحصول على ضوء أخضر من اسرائيل، علماً ان رئيس حكومتها إيهود أولمرت أعطى ضمانات شخصية لرئيس الصليب الأحمر جاكوب كيلنبرغر بتسهيل مرور مساعدات منظمته. وأشار هوغانان الى ان وصول السفينة سيتيح إعادة ملء مستودعات الصليب الأحمر الدولي التي فرغت، ومن دون أن يحدد ما إذا كان توزيع المساعدات سيشمل القرى المحيطة بالمدينةالجنوبية، كاشفاً ان الاسرائيليين سمحوا لقافلة بالتحرك الثلثاء الماضي وتوجهت الى قرية مركبا شرق،"حيث توجه 550 عائلة رفضت المغادرة". وأعلن هوغانان عن نقل"بضعة أطنان"من المواد الغذائية من صيدا على متن شاحنتين حتى نهر القاسمية الليطاني شمال صور،"ثم تنقل الصناديق مشياً في النهر لتحمل في شاحنات أخرى". وهذا يستغرق وقتاً طويلاً. من جهته، دقّ رئيس اتحاد بلديات صور عبد المحسن الحسيني"ناقوس الخطر بسبب فقدان المواد الغذائية". وقال في مؤتمر صحافي:"لم نتلق خبزاً ولا حليباً منذ أيام بسبب منع إسرائيل قوافل الصليب الأحمر من الوصول". من جانبه، أكد وزير الصحة الدكتور محمد خليفة ان"أكثر من 70 في المئة من المساعدات الطبية التي تصل الى لبنان منذ الأيام الأولى للعدوان، تذهب مباشرة الى هيئات وجمعيات من دون المرور عبر وزارة الصحة، لأنها في الأساس مقدمة لها". ودعا كل مواطن أو جمعية الى اثبات التلاعب الذي يتم في توزيع الأدوية بطرق غير شرعية، والى الاتصال بالوزارة بغية أخذ الاجراءات المطلوبة أمام أجهزة القضاء،"لأنني لن أقبل وأرفض المتاجرة والتلاعب في حياة اللبنانيين". وتواجه الهيئة العليا للإغاثة عقبات طارئة، نظراً الى الأعداد المتزايدة للنازحين، وسجل نقص في المعلبات والأغطية والحرامات خصوصاً في المناطق الجبلية نظراً الى برودة الطقس ليلاً. ألف طن في حاويات وعلى صعيد تقاطر المساعدات، حملت طائرتان مساعدات طبية إماراتية مقدمة الى الصليب الأحمر اللبناني. كما وصلت الدفعة الأولى من المساعدات التي قدمتها جنوب أفريقيا، وسيخصص نصفها نحو 40 طناً لمدينة صيدا وجوارها. وأبحرت من مرسيليا سفينة حاويات ناقلة أكثر من ألفي طن من المساعدات وسيارات الإسعاف، جمعتها منظمات غير حكومية ووكالات الأممالمتحدة. ويزور وزير الخارجية البرازيلي سيلسو أموريم الثلثاء المقبل لبنان لتسليم 5.2 طن من العقاقير والمعدات الطبية الأساسية ل"سد حاجات 145 ألف شخص". كما يتوجه فريق أندونيسي يضم 14 متطوعاً بينهم 4 نواب وأطباء الاثنين المقبل الى سورية، لنقل مساعدات واستطلاع الحاجات. وقررت ايطاليا إرسال الباخرة"سان ماركوس"محملة بمعدات طبية وأغذية ومولدات للكهرباء وخيم"ما أن تتيح الظروف الأمنية بذلك". إجلاء على صعيد آخر، ستقوم كندا بعمليات إجلاء جديدة بحراً لرعاياها بدءاً من الاثنين. واستأجرت سفينتين لنقل 2400 شخص، علماً ان الترتيبات قد تتبدل في ضوء التطورات الميدانية. وأجلت كندا 14195 شخصاً بين 25 تموز يوليو الماضي و3 آب أغسطس الجاري، كما غادر عدد آخر لبنان بوسائله الخاصة.