سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بري وصفه ب "مزين بارع لقرار بشع لا يوقف العدوان" والسنيورة أكد أن لا تقدم . ولش يبلغ لبنان أفكاراً تعيد المفاوضات الى نقطة الصفر ... وتنسف الدور الفرنسي
لم تفاجأ الأوساط الرسمية اللبنانية بعودة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش الى بيروت واجتماعه مع رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة ونائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الوطني الياس المر ووزير الخارجية فوزي صلوخ بمقدار ما فوجئت بالافكار القديمة - الجديدة التي حملها والتي استوحاها من نص مشروع القرار الأميركي - الفرنسي الذي رفضه لبنان، خلافاً للتوقعات بتبدل في الموقف الأميركي لمصلحة تبني واشنطن بعض الأفكار الواردة في النقاط السبع للحكومة اللبنانية لإنهاء النزاع في لبنان ووقف العدوان الاسرائيلي. ومما زاد في المفاجأة أن ما حمله ولش هذه المرة، يتناقض كلياً مع المرونة التي اظهرتها باريس في اتجاه ادخال تعديلات على مشروع القرار، تتوافق والدور الذي يقوم به حالياً في نيويورك الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزيرا الخارجية في الامارات العربية المتحدة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وقطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني. كما أن الاوساط الرسمية ذاتها وصفت الأفكار التي طرحها ولش بأنها اعادت المفاوضات الأميركية - اللبنانية الى نقطة الصفر، وكأن الاتصالات الجارية داخل مجلس الأمن الدولي أو على هامشه لن تقود الى نتائج عملية لوقف العدوان. ورأت الأوساط أن افكار ولش على رغم أنه اضطر الى عقد لقاء ثان مع رئيس الحكومة، كانت اقرب الى وجهة النظر الاسرائيلية وهذا ما دفع ببري الى التأكيد"السيد ولش كما عبّرت له، هو مزين بارع لقرار بشع وبالتالي التقي مع الرئيس السنيورة بأن لا تقدم حتى الآن". وهو يلتقي مع موقف للسنيورة لفت فيه الى ان اجتماعه مع ولش جاء في اطار الاتصالات وأن لا شيء جديداً حتى الآن وان المحادثات التي يجريها وفد الجامعة العربية في نيويورك لم تتوصل الى شيء حتى الآن، مؤكداً أنه لا تزال هناك نقاط، اساسية عدة عالقة ومشيراً الى انه لا يتوقع صدور أي قرار عن مجلس الأمن لا اليوم أمس ولا غداً اليوم. أما لماذا عادت المفاوضات الأميركية - اللبنانية الى نقطة الصفر في وقت قررت اسرائيل شن هجوم بري يرجح بأن يبقى محصوراً في البقعة الجغرافية المعروفة بجنوب الليطاني؟ وهل يراهن ولش على حصول تقدم اسرائيلي يسعى من خلاله الى فرض أمر واقع عسكري يمكنه توظيفه بالضغط على لبنان للتسليم بمشروع القرار الأميركي - الفرنسي من دون أي تعديل على رغم ان باريس أبدت كل استعداد لمراعاة موقف الحكومة اللبنانية ومن ثم تبنيها لمضمون النقاط السبع؟. في الإجابة عن السؤال أعربت الأوساط الرسمية عن خشيتها من التزامن بين تمسك ولش بمشروع القرار من دون أي تعديل وبين بدء الهجوم البري الاسرائيلي، وتساءلت ما اذا كانت واشنطن اعطت اسرائيل الضوء الأخضر ليكون في وسعها التفاوض مع الحكومة اللبنانية تحت ضغط وطأة العدوان التدميري للجنوب والضاحية ومناطق أخرى؟. وأوضحت الأوساط أن ولش جاء هذه المرة الى بيروت راغباً في الوقوف على مدى جاهزية الجيش اللبناني واستعداده للانتشار في الجنوب الى جانب القوات الدولية، وقالت ان اجتماعه مع وزير الدفاع يأتي في هذا السياق، خصوصاً وأنه طرح في لقاءاته مجموعة من الاسئلة تتعلق بصدقية الجيش وقدرته على ضبط الوضع وما اذا كان"حزب الله"سيحتفظ بسلاحه في منطقة الانتشار وتحديداً في البقعة المعروفة بجنوب الليطاني أم أنه سيقوم بنقلها أو تسليمها للسلطة اللبنانية. وفي هذا الاطار سأل ولش، كما قالت مصادر رسمية رفيعة لپ"الحياة"، عن قدرة الجيش على مصادرة أي اسلحة ثقيلة عائدة ل"حزب الله"في منطقة انتشاره أم ان الانتشار سيتعايش مع استمرار احتفاظ الحزب بسلاحه الثقيل؟ كما سأل أيضاً عن كيفية تعاطي وحدات الجيش في أماكن انتشارها ومدى استعداد الحزب للالتزام بقرار مجلس الوزراء ارسال 15 الف جندي للانتشار الى جانب القوات الدولية. وقيل لولش إن القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء كان واضحاً وإنه جاء بعد تأكيد وزير الدفاع ووزراء آخرين أن الانتشار في الجنوب سيكون أسوة بعمليات الانتشار التي قام بها الجيش اللبناني بين عامي 1991 و 1992 عندما اتخذ قرار بانهاء الحرب وحل الميليشيات ومنع الابقاء على أي سلاح ثقيل غير السلاح الشرعي في الأماكن المشمولة بخطة الانتشار. لكن ولش أكد في المقابل، وكما تقول المصادر الرسمية، أنه لن يصدر قرار ثانٍ عن مجلس الأمن وأن القرار الوحيد الذي سيصدر سيكون نسخة طبق الأصل عن مشروع القرار الفرنسي - الأميركي من دون أن يجيب عن التبدل الذي طرأ على الموقف الفرنسي لجهة مراعاة الأفكار اللبنانية الواردة في برنامج النقاط السبع. وعلمت"الحياة"أن ولش ركز على النقاط التالية: - ليس هناك تعديل على الفقرة الواردة في مشروع القرار والخاصة بمزارع شبعا المحتلة أي الاكتفاء بترسيم الحدود المتنازع عليها بما فيها منطقة المزارع. - خلو مشروع القرار من أي تعهد أميركي بانسحاب اسرائيل الفوري من الأراضي التي احتلتها وعودة جيشها الى ما وراء الخط الأزرق عند الحدود الدولية. - تركيز واشنطن على وقف العمليات العسكرية وان يتزامن انسحاب الجيش الاسرائيلي مع بدء انتشار طلائع "نيو يونيفيل" وهو التعبير الذي استخدمه أمس ولش في محادثاته في بيروت ومن خلفها وحدات الجيش اللبناني. - عدم وجود استعداد اسرائيلي للانسحاب حالياً من المزارع بذريعة انها ليست في وارد تقديم مكافأة ل"حزب الله"واظهاره، بعد كل الذي حصل، كأنه حقق انتصاراً على الجيش الاسرائيلي. - أن مفعول وقف اطلاق النار يبدأ متزامناً مع دخول"نيو يونيفيل"الى منطقة الانتشار وفور استكمال عملية الانسحاب الاسرائيلي مع اشتراط نزع سلاح"حزب الله". الأسئلة اللبنانية! وفي المقابل سئل ولش في كل لقاءاته عن كيفية ضمان وقف العمليات الحربية في ظل بقاء الجيش الاسرائيلي في الجنوب في وجه مقاتلي"حزب الله". وفي هذا الصدد قيل له:"من يضمن عدم حصول صدام أو احتكاك طالما أن الطرفين المتنازعين سيبقيان على الأرض، وبالتالي ماذا سيكون عليه الموقف في حال نشوب قتال ولو محدود في هذه المنطقة أو لجوء طرف ثالث من خارج هذه المنطقة الى اطلاق صاروخ... يمكن أن يجر الى تجدد القتال؟". وكان جواب ولش - بحسب المصادر - أن هناك امكان للتزامن بين انتشار القوات الدولية والجيش اللبناني وبين وقف العمليات فسحاً في المجال أمام بدء الانسحاب الاسرائيلي. لكن بري أكد له - كما تقول أوساطه - أن هذه الأفكار غير قابلة للتطبيق ويمكن أن تهدد بعودة القتال. ونقل عن بري قوله:"أن الافكار التي تحملها ليست أبعد من عملية تجميل ماكياج للأفكار التي كانت واشنطن طرحتها في السابق". وأكد بري أمام ولش أن هذه الافكار على كل حال لن تؤدي حتماً الى تحقيق فك اشتباك بين المقاتلين تمهيداً للانسحاب بمقدار ما انها ستساعد على قيام ربط نزاع بين الطرفين ليعود القتال مجدداً في أي لحظة. وسأل بري ايضاً:"كيف يمكن تحقيق الانسحاب الاسرائيلي مع تقدم طلائع"اليونيفيل"الى المنطقة؟"، مضيفاً:"اسمح لي أن اقول لك أن هذه الأفكار غير مقنعة ليس لأننا لا نريد أن نوقف القتال وانما لأن هناك صعوبات ميدانية جمة في تطبيقها"حتى أن بري سأل عن الجدوى من هذه الأفكار وكيف توظف لوقف القتال وانسحاب اسرائيل الى ما وراء الخط الأزرق معرباً عن خشيته من أن تؤدي الى استمرار النزاع. وعلمت"الحياة"أيضاً أن أكثر من مسؤول لبناني أكد التزام الجميع قرار مجلس الوزراء بإرسال الجيش، لكن هناك من سأل ولش كيف يمكن أن نقنع"حزب الله"بسحب سلاحه طالما أن مشروع القرار لا يحمل نصاً صريحاً يتعهد بموجبه مجلس الأمن ضمان الانسحاب الاسرائيلي الفوري، فالمشكلة كما قال احدهم ليست مع"حزب الله"وانما مع واشنطن التي تبدي تمسكها بمشروع القرار وكأنها عازمة على اعطاء اسرائيل فرصة جديدة ليستطيع جيشها تدمير الجنوب واستعادة هيبته أمام الداخل والرأي العام العالمي بعد أن ضربت على يد مقاتلي"حزب الله". وأضاف:"ان التعديلات التي اقترحتها فرنسا تسمح بالتوصل الى انهاء القتال لمصلحة اعادة ترتيب الوضع في الجنوب"، مؤكداً أن باريس تقترح التزامن بين وقف اطلاق النار وانسحاب اسرائيل وبين دخول طلائع"اليونيفيل"ومعها الجيش اللبناني على أن تلتزم الحكومة اقامة منطقة عازلة على عمق 20 كيلومتراً تمتد من الحدود الدولية حتى جنوب الليطاني. وكشف أن باريس تسعى الى انهاء النزاع في الجنوب بصورة نهائية وأنها تقترح لهذا الغرض اعادة المزارع الى سيادة الدولة اللبنانية على أن يتحقق ذلك على مراحل ومن ضمن جدول زمني وفي خلال مهلة مقرونة بنزع سلاح"حزب الله". تصريح فيلتمان من جهته، قال السفير الأميركي جيفري فيلتمان الذي شارك في لقاءات ولش أن هناك ايجابيات وتقدماً والمداولات الجارية والمستمرة في مجلس الأمن لا علاقة لها بالمحادثات التي يقوم بها ولش في لبنان. وقال:"نحن نعمل لوضع آلية لتطبيق الأمور على الأرض"، وجدد القول إن قرار الحكومة ارسال الجيش الى الجنوب مهم ومن شأنه احداث تغيير. وعن قرار الحكومة الاسرائيلية توسيع العمليات البرية في لبنان، قال:"لهذا السبب نحن في حاجة الى قرار في أسرع وقت". وأشار فيلتمان الى أن اتفاق الطائف واضح في خصوص سلاح"حزب الله"ولا بد من تطبيق هذا الاتفاق.