اعلنت اسرائيل رسمياً امس عزمها اقامة"حزام امني"داخل الاراضي اللبنانية وخاضت قواتها معارك ضارية للسيطرة على بلدة بنت جبيل الجنوبية. وقصف"حزب الله"شمال اسرائيل برشقات من الصواريخ اوقعت اصابات تبعتها غارات اسرائيلية كثيفة على الضاحية الجنوبيةلبيروت. وفيما غرق لبنان في امواج النازحين، تتجه الانظار اليوم الى مؤتمر روما الذي ستطالب الاطراف العربية المشاركة فيه بوقف فوري للنار كانت واشنطن تتمسك حتى مساء امس بضرورة ان يرفق برزمة اجراءات وخطوات تجعله دائما انطلاقا من تصور تحمله الى المؤتمر وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس. وقالت مصادر مطلعة ان مؤتمر روما الدولي سيشهد محاولة جدية"لانهاء النزاع بين اسرائيل وحزب الله عبر سلسلة خطوات تتضمن تبادل الاسرى ونشر قوة دولية رادعة وانسحابا اسرائيليا من مزارع شبعا وبسط الدولة اللبنانية سيادتها على كل اراضيها". واشارت الى وجود اقتراحات اميركية بنشر نقاط مراقبة على الحدود السورية - اللبنانية. وعلى الصعيد العسكري، قصفت الطائرات الاسرائيلية بعد الظهر الضاحية الجنوبية بقوة بعد ان كثفت قصفها للقرى المحيطة بمدينة صور، وبلدة الخيام، بلا رحمة، مستهدفة حتى المسعفين، فيما أدى القصف المدفعي والجوي على احد احياء مدينة النبطية الى مقتل عائلة بكاملها. راجع ص 2، 4، 5، 6 و7 وفيما أشار الجيش الاسرائيلي الى مقتل اثنين من جنوده في معارك بنت جبيل وإصابة 14 آخرين، والى انه قتل بين 7 و10 من مقاتلي"حزب الله"، نعى الاخير ثلاثة من عناصره ومسعفين، وقالت مصادره انه قتل 4 جنود اسرائيليين وأصاب 20 آخرين بجروح أمس، فيما نعت حركة"أمل"4 مسعفين والحزب الشيوعي اثنين من عناصره. وأعلن الجيش الاسرائيلي سيطرته على أطراف مدينة بنت جبيل وأن وحدات منه دخلت وسطها، لكن"حزب الله"نفى ان تكون القوات الاسرائيلية سيطرت على البلدة مؤكداً ان"المعارك تدور على أطرافها ومحيطها". وبقيت صعوبات اغاثة المصابين في بعض المناطق الجنوبية، وتقديم العون للأهالي المحاصرين بنيران المدافع الاسرائيلية، والحاجة الى المزيد من المساعدات للنازحين، الشغل الشاغل للمنظمات الانسانية، التي بدأت تتلقى مساعدات من السفن التي تصل الموانئ اللبنانية، ولكنها تجد صعوبة في ايصالها الى المناطق المتضررة نتيجة خطورة الطرقات. مؤتمر روما وتوقعت مصادر لبنانية رسمية ان يشهد مؤتمر روما الدولي بحثاً معمقاً في وقف النار ورزمة الخطوات المترافقة معه والتي تشكل حلاً كاملاً يقر جميع القوى الدولية بالحاجة اليه، لوقف الحرب على لبنان، في حين يصر لبنان والدول العربية على أولوية وقف النار وعلى بحث الخطوات اللاحقة في ظل تهدئة الجبهة العسكرية. وأشارت المصادر نفسها الى ان البحث في رزمة الخطوات سينطلق من المشاورات التي أجرتها وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في بيروت اول من امس وفي القدسالمحتلة امس. وكشف احد المسؤولين اللبنانيين الذين شاركوا في المحادثات مع رايس، ان الوزيرة الاميركية تناولت رزمة افكار هي بمثابة شروط لوقف النار، بعد ان أعطت الأولوية للمساعدة الانسانية للبنان، وهي تقوم على النقاط الآتية: 1- انسحاب"حزب الله"الى مسافة 20 كيلومتراً عن الحدود تردد انها طرحت اولاً انسحابه الى ما وراء الليطاني ثم اعتمدت صيغة العشرين كيلومتراً. 2- تمركز قوات دولية"ضاربة رادعة للمراقبة ولضمان الاستقرار"بقيادة الحلف الاطلسي في المنطقة العازلة بعمق 20 كيلومتراً، تكون مهمتها اعادة النازحين الى مناطقهم وتضمن الاستقرار في تلك المنطقة، لتتطور بعد 90 يوماً الى قوة موسعة تابعة للأمم المتحدة، فتنضم الى قوات حفظ السلام المنتدبة في اطار القرار 425، مع تطوير مهمتها من قبل مجلس الامن، لتساند الجيش اللبناني على فرض سيطرته على الاراضي اللبنانية كافة، بحيث يفرض مبدأ لا سلاح مع أي جهة الا مع القوات المسلحة اللبنانية. 3- دعم الجيش اللبناني بالعتاد والتدريب. 4- تتولى القوات الدولية مراقبة كل الحدود اللبنانية بما فيها الحدود مع سورية ودعم الجيش اللبناني في حفظ الأمن على الحدود كافة. 5- ان يشمل الحل اعادة منطقة مزارع شبعا الى لبنان من خلال آلية تعتمدها الأممالمتحدة بحيث يستغنى عن تحديد الحدود فيها مع سورية اذا استمرت في رفض هذا التحديد على الخرائط بينها وبين لبنان وهو حل شبيه بتحديد الحدود بين الكويت والعراق اوائل التسعينات من القرن الماضي. 6- تقديم مساعدات مالية للبنان من اجل اعادة الإعمار. وكانت مصادر مطلعة اشارت الى ان رايس لم تطرح مسألة مزارع شبعا خلال لقائها مع بري، الا ان اصراره على حل لها، ثم اصرار السنيورة و"قوى 14 آذار"خلال لقائها مع قادتها، أدى الى تفهمها لأهمية هذه النقطة في الحل الكامل للوضع المتفجر في الجنوب، نظراً الى انها تلعب دوراً في طرح مسألة سلاح"حزب الله"وضمه الى سلاح الجيش اللبناني لاحقاً. وذكر مصدر رسمي لبناني شارك في المحادثات مع رايس ان الولاياتالمتحدة تسعى الى ان تكون هناك قوات مصرية وقوات تركية في عداد القوة الدولية الضاربة التي اقترحت ان تتولى في مرحلة اولى السيطرة على المنطقة العازلة بعمق 20 كيلومتراً من الحدود. يذكر ان لبنان لم يطرح في رزمة الافكار التي اقترحها تشكيل قوة دولية ضاربة بل طالب بزيادة عدد القوات الدولية الموجودة حالياً في جنوبلبنان وبزيادة عتادها. وكان بري قال ان شروط رايس على لبنان تمثل خطراً على وحدة لبنان لأنها تضمنت اقتراح ارسال قوة دولية ونزع سلاح"حزب الله"في المنطقة العازلة. قوة دولية"مؤهلة" وفي واشنطن، جدد الرئيس الأميركي جورج بوش دعمه للحكومة اللبنانية واعتبر أن"تقويتها"جزء من استراتجية البيت الأبيض في التعامل مع الأزمة، انما من دون ان يدعو الى وقف فوري لاطلاق النار. وقارن الرئيس الأميركي بين الوضع العراقي واللبناني لجهة"التحدي المشترك للبلدين في محاربة الارهاب". وقال بوش عقب لقائه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن واشنطن ملتزمة مساعدة الحكومة اللبنانية وأن لقاء رايس مع الرئيس فؤاد السنيورة أول من أمس"رسالة دعم قوية لهذه الحكومة". ورفض بوش الدعوة الى وقف اطلاق نار فوري مشيرا الى"وجوب التعامل مع جذور المشكلة". وأكدت مصادر في الخارجية الأميركية ل"الحياة"أن جولة رايس في المنطقة تهدف الى وضع"رزمة"للوصول لحل ديبلوماسي للأزمة، تتعاطى مع جميع جوانبها ومختلف الأطراف المعنية وبينها سورية. وقالت أوساط مطلعة اجتمعت مع مستشار الأمن القومي اليوت ابرامز الموجود حاليا في المنطقة، ل"الحياة"أن واشنطن تعمل على اعداد خطة لنشر قوات دولية"مؤهلة"على كامل الحدود اللبنانية مع اسرائيل وسورية، وعلى"المنافذ البحرية والجوية هناك". وأكدت الأوساط أن واشنطن تدرك أن الجيش اللبناني غير مجهز في الوقت الحالي لتولي هذه المهمة، ومن هنا التركيز على"ايفاد قوات دولية مؤهلة لأي مواجهة عسكرية مع حزب الله". وكانت رايس ألقت امس بكامل ثقلها وراء الحرب الاسرائيلية على لبنان، ودعت إثر لقائها رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت الى اقامة"شرق أوسط جديد"، مجددة موقف الادارة الأميركية الرافض لوقف فوري لاطلاق النار، وقالت:"لا يمكننا العودة الى الوضع السابق ليستطيع المتطرفون في أي وقت اتخاذ قرار لارتهان حياة الابرياء مرة أخرى باستخدام الصواريخ أو قدراتهم". من جهته، أعلن أولمرت في بيان سماحه بنقل معونات الى لبنان جواً وبحراً، علاوة على إقامة"ممر بري من اسرائيل لنقل المساعدات الانسانية الدولية". الحزام الامني وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيريتس أمس ان الدولة العبرية ستبقي سيطرتها على حزام أمني في جنوبلبنان حتى يمكن نشر قوة دولية. وقال:"ليس لدينا أي خيار آخر. علينا ان نقيم حزاماً أمنياً جديداً يشكّل غطاء لقواتنا". وقال ان الحزام سيكون"تحت سيطرة قواتنا إذا لم تكن هناك قوة متعددة الجنسية". وأوضح ان اسرائيل ستسيطر على المنطقة من خلال اطلاق النار على كل من يدخلها. وأضاف ان عرض الشريط الحدودي الذي تعتزم اسرائيل السيطرة عليه سيكون متفاوتاً:"إنه خط متغير. وهو يتوقف على المحددات على الارض". ولم يقدّم بيريتس مزيداً من الإيضاحات حول"الحزام"المزمع إقامته. لكن قائد القوات الإسرائيلية في جنوبلبنان الكولونيل تشين ليفني قال للإذاعة الإسرائيلية إن قواته ستعمل على تطويق التجمعات السكانية في المناطق اللبنانية من أجل توجيه ضربات إلى"حزب الله"وقواعد إطلاق الصواريخ، لكنها لن تتقدم عشرات الكيلومترات إلى داخل الأراضي اللبنانية. وقال:"إذا كان مدى الصاروخ الذي يضرب حيفا 70 كيلومتراً، لا أعتقد أن أحداً لديه النيّة أن يتقدم 70 كيلومتراً لتنظيف لبنان". وأوضح:"النيّة، حالياً، أن نتعامل مع البنية التحتية لحزب الله عند نقطة الالتقاء معه، بمعنى منطقة جنوبلبنان، قرب الجدار الحدودي". وقدرت مصادر حكومية اسرائيلية عرض المنطقة بما يتراوح بين ثلاثة - أربعة كيلومترات. لكن ديبلوماسيين غربيين اطلعتهم الحكومة الإسرائيلية على التطورات قالوا أن عرض الحزام قد يصل الى خمسة او عشرة كيلومترات في بعض المناطق. وقال مسؤولون حكوميون ان اسرائيل ستواصل هجومها على"حزب الله"إلى أن تبدأ القوة المتعددة الجنسية الانتشار على طول الحدود وفي نقاط العبور على الحدود بين اسرائيل وسورية لمنع"حزب الله"من إعادة تسليح نفسه. وقال مسؤول كبير في الحكومة الاسرائيلية:"لا يمكن أن تكون هناك فترة فاصلة، فمن شأن مثل هذه الفترة ان تتيح لحزب الله العودة الى الحدود بحرّية". وسئل عن المدة التي سيستغرقها نشر القوة الأمنية، فأجاب:"يمكن نشر القوة على مراحل. يمكن ان يتم ذلك في فترة تتراوح بين أسبوع وأسبوعين". وقال ديبلوماسيون ومحللون غربيون ان القوة الدولية ستتضمن وحدات مشاة ووحدات مدرعة وقوات خاصة مدربة على التصدي للمواقف الطارئة. وذكر ديبلوماسيون اطلعتهم الحكومة الاسرائيلية على موقفها أن الحد الأقصى لعدد أفراد القوة الذي يبلغ 20 الفاً يشمل وحدات للإمداد والتموين وقوة لتدريب الجيش اللبناني. ومن بين الخيارات المطروحة خيار قال مسؤولون اسرائيليون إنهم لن يعترضوا عليه وهو نشر قوات مصرية على الحدود السورية - اللبنانية. احمدي نجاد في هذا الوقت، حذر الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد من أن تُطلق الحرب بين"حزب الله"واسرائيل"إعصاراً"من القتال الأوسع نطاقاً في الشرق الأوسط. وقال خلال لقاء مع الصحافيين ا ف ب شارك فيه نظيره الطاجيكي إمام علي رحمانوف في دوشانبي إن"إعصاراً قوياً يقترب في الشرق الأوسط، وسيرتد على أعداء الانسانية وسيضربهم بقوة". وأضاف أحمدي نجاد أن"من يزرع الريح لا بد وأن يحصد العاصفة، وهذا أمر خطير جداً للمنطقة"، موضحاً أن هذا"المثل"يرتبط كلياً بالشرق الأوسط"وهي منطقة مضطربة جداً". ورأى وجوب حل جميع المسائل العالقة بوسائل عادلة"تأخذ في الاعتبار القضايا الثقافية والمعتقدات الدينية"، لافتاً الى أن"لبنان بلد سيد تاريخياً بدينه وثقافته ... واستخدام القوة سيؤدي فقط الى تفاقم الوضع".